مؤسس «الجزويت» يطبق «الحداثة الأوروبية» بروح مصرية

كتب: الوطن

مؤسس «الجزويت» يطبق «الحداثة الأوروبية» بروح مصرية

مؤسس «الجزويت» يطبق «الحداثة الأوروبية» بروح مصرية

التجاعيد تركت أثرها على ملامحه الجادة، والبساطة بدت جلّية على مظهره الخارجى، يتحين الفرصة ليشرد بعينيه العميقتين بعيداً، حيث أهم محطات حياته بقرية «جرجوس»، البعيدة 30 كيلومتراً عن قلب محافظة الأقصر، التى يجمع بين أهلها قواسم عديدة من الفقر إلى تراجع الثقافة والتعليم حتى اختلاف الدين لم يفرق بين قاطنيها، فهذا مسلم وذاك مسيحى، لكن الأهم هو البحث عن فرصة للانطلاق والإبداع.

{long_qoute_1}

ورغم مرور سنوات طويلة على تجربة الأب «وليام سيدهم» ما زال يطمع فى ضخ طاقات جديدة للشارع المصرى تحت شعار «مسرح ومدرسة ومكتبة وسينما فى كل شارع فى مصر»، الحلم الذى بدأ يتحقق تدريجياً بتخريج شباب موهوبين فى كل المجالات الفنية والإبداعية الفترة الماضية.

عودة للوراء عشرات السنوات، حين عاش القبطى الصغير يركض ويلعب كغيره من الصغار، وغلب عليه الملل فبحث عن هوايات تدفعه للتفكير والمنطق، حتى زار الآباء المستشرقون قريته قادمين من فرنسا لنشر الحداثة بالصعيد أواخر الأربعينات، عن ذلك يقول: «وقتها كنت أخطو خطواتى الأولى فى القراءة والكتابة والاطلاع». ربما كان الأب «وليام» محظوظاً أن يقع اختيار الآباء المستشرقين على قريته لنشر رسائلهم التنويرية بإقامة المدارس والإسهام فى إدخال المرافق حتى صارت أقرب إلى العاصمة طوال فترة الستينات والسبعينات، ويقول الأب «وليام»: «عشت فترة جميلة من عمرى أحضر أفلام السينما والمسرح بخلاف رفاقى من قرى مجاورة اللى عايشين فى عمق الجهل والتخلف والخرافات». ويروى كيف تحولت القرية خلال عقدين إلى مدارس تنويرية: «ترسخت فى عقلى التجربة وما إن اشتد عودى حتى بدأت أسلك طريق الرهبنة، ودرست الفلسفة فى جامعة القاهرة، واندمجت داخل الكنيسة فى العمل الخيرى والفكرى». {left_qoute_1}

أمضى الأب «وليام» سنواته الجامعية والخدمة العسكرية ليكلف بعدها بالعمل كمدرس فى المنوفية، وأمضى عاماً ونصف العام ترك خلالها بصماته التنويرية فى المدارس التى عمل بها حتى جاءته فرصة لاستكمال تعليمه فى دراسات اللاهوت والفلسفة فى فرنسا، عاد بعد 4 سنوات حاصلاً على ماجستير فى علم اللاهوت ليقيم أول مركز لمحو الأمية فى حى شبرا.

وسط ظروف صعبة عاصر المفكر القبطى أحداث الحرب فى لبنان، كون فكرة عن الإرهاب كسلاح ذى حدين يدمر حياة شعوب ويسهم فى ظهور طاقات جديدة وسط الظلام، اكتسب الأب «وليام» مهارات أثقلت عقله عاد بها إلى مصر مجدداً عام 1983 للترسيم قسيساً فى محافظة المنيا ثم القاهرة ليسهم فى تأسيس أول جمعية للنهضة العلمية والثقافية بمدرسة الجزويت العائلة المقدسة، ويقول: «بدأنا عام 1997 فى تأسيس المدرسة بدار السينما والمسرح ثم مدرسة الكرتون ومدارس متخصصة فى المونتاج والفلسفة وعلوم الإنسانية».

المدرسة بدأت بإمكانيات ذاتية محدودة ترفض أى فرص للدعم من أى جهة لضمان الاستقلالية هكذا راهن «وليام»، أحد مؤسسيها، على الانطلاق فى اتجاهين، يقول عنهما: «عملنا مدرسة يتخرج منها الطلاب بعد عام بمنحة طلابية وورش للأنشطة فى كل المجالات الفنية والإبداعية»، الأب «وليام» أكد أن الجمعية تقبل أى ترشيحات من الشباب من سن 18 حتى 35 عاماً، يتقدم 350 طالباً كل عام للحصول على المنحة الدراسية المجانية بعدها يعرض على لجان من داخل المدرسة لاختباره وتمريره حال نجاحه فى إقناعهم بموهبته».

الأب «وليام» بدأ تدريجياً يطبق كل الأساليب التنويرية فى المدرسة التى بدأ يلمع نجمها بحصول خريجيها على جوائز دولية ومحلية، ويقول: «فيلم باب الوداع من إنتاج وإخراج وصناعة خريجى مدرسة الجزويت حصل على جائزة نادى السينما وشاركنا فى أفلام بمهرجان القاهرة السينمائى»، ويحرص الأب «وليام» على قبول الطلاب غير القادرين الراغبين فى إنتاج أفلامهم، ففكرة التكافل الاجتماعى أهم أسس تقييم الطلاب المقبولين، حسب قوله. على مدار 19 عاماً ساهمت مدرسة الجزويت فى إقامة فرق مسرحية كبيرة منها المسرح الاجتماعى ومسرح النهضة ومسرح يجوب محافظات مصر فى قنا والأقصر والإسكندرية ويساهم فى الأنشطة المتحركة والندوات والمعارض والورش ويتأهل بعدها خريج المدرسة للحصول على شهادة تفيد إتمامه الدورة التدريبية ومنح دورات للطلاب الجدد.

لم تتوقف أعمال الأب «وليام» عند المشاركة فى الجهود التنويرية بل ربط الدين بالوطنية من خلال مشاركته فى كتاب «يوميات راهب فى الثورة» رصد فيه متابعاته وردود فعله على كل يوم فى الـ18 يوماً الأولى لثورة 25 يناير، علاوة على الأحداث التى أعقبت التنحى فى فبراير 2011 وصولاً إلى ثورة 30 يونيو 2013، يقول عن تلك الفترة: «كنت أكتب على ورق كل خواطرى عن أيام الثورة بعدها بدأت أدونها على صفحتى على فيس بوك وكل حدث عشته بجوارحى قياساً بردود الفعل وكانت مشاركة بسيطة بطريقتى مع الشباب المتحمس الثائر».


مواضيع متعلقة