عمال «المهمة الصعبة»: «قلوبنا اتخطفت لما شُفنا عيدان القمح»

07:32 م | الجمعة 29 أبريل 2016

أيادٍ تبنى وتزرع لإقامة الحياة فى قلب الصحراء الغربية، كأنهم خلايا النحل ينتشرون فى كل مكان، كل منهم يؤدى دوره المنوط به، جاءوا من محافظات مختلفة ومدن وقرى متعدّدة وبعيدة ليصنعوا فى أرض الفرافرة هذه المعجزة، 3819 عاملاً، هم القوة الإجمالية على هذه الأرض، هذا الجيش من العمال يتبع 65 شركة وطنية مصرية متخصّصة فى التعمير والبناء، وبواقع 218 معدة تنتشر فى كل نقطة على أرض المشروع.

{long_qoute_1}

سامح على، مقاول بناء يقيم على أرض المشروع منذ 4 أشهر، تحديداً فى ديسمبر الماضى، أكد سعادته بالنتيجة التى تم الوصول إليها بعد مرور هذه الفترة، حيث تغيّر كل شىء منذ المرة الأولى التى جاء فيها حتى اليوم: «جيت هنا كان كل شىء صحرا، وخلال فترة بسيطة قدرنا نعمل اللى موجود النهارده، دى حاجة تفرّحنا كلنا وحسستنا بالفخر، لأننا جزء من اللى حصل».

يرى «سامح» أن «الشغل هنا أحسن من بره»، حسبما يقول، أسباب كثيرة تدفعه لتأكيد رأيه، منها الأجور المرتفعة التى يحصل عليها العمال، مقارنة بالمواقع الأخرى: «اليومية هنا ضعف أى مكان تانى فى مصر، نحو 120 جنيهاً، وقد تصل إلى 300 جنيه فى اليوم، حسب العامل والصنعة اللى بيقوم بها، ياريت يستكملوا باقى مراحل المشروع دون توقف، العمال مش عايزين يرجعوا تانى».

غالبية العمالة جاءت من القاهرة، وبعضها من الصعيد، وأخرى من محافظات الدلتا، «عبدالناصر» أحد العاملين فى البناء، يقيم فى حلوان، لكنه قرر أن يأتى إلى الفرافرة بحثاً عن «لقمة عيش كويسة»، حسب قوله، يضيف الشاب الثلاثينى، الذى كان ينتهى من تشطيب المنصة التى من المقرر أن يحضر إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته، ليعطى إشارته ببدء الحصاد: «الشغل هنا كويس، والفلوس أحسن من بره بكتير، خصوصاً أن الشغل واقف مش زى زمان، لكن هنا حاجة مختلفة». {left_qoute_1}

لا تؤذيه أشعة الشمس، ولا تقلل من مجهوده وحركته، رغم العرق الذى يتصبب منه: «إحنا واخدين على الشغل فى الجو ده، وأسوأ من كده كمان، ومش هتختلف، سواء كنا فى صحراء أو عمار، المهم ناكل عيش، والصحرا هنا اتحولت، بقت حاجة تانية». يلتقط «عم أشرف» الذى كان يعمل بجواره وتبدو ملامحه أكبر بـ10 أو 15 عاماً، طرف الحديث: «عبدالناصر هنا من 4 أيام بس، أنا موجود بقالى فترة طويلة، وشُفت المكان وهو بيتغير على إيدينا»، يصف فرحته بهذا التغيير الكبير، قائلاً: «والله أول ما شُفنا القمح طلع قدامنا وعيدانه كبرت، قلبنا اتخطف كأننا إحنا أصحاب الأراضى دى كلها. دى حاجة بتاعة مصر، وكل الشعب لازم يفرح بيها».

عزت الخليفة، أحد الشباب الذين يعملون فى تشطيب المنازل المصممة على طراز الريف المصرى الحديث بالفرافرة، داخل أحد المنازل الجانبية يقف على سقالة للانتهاء من دهانات المنزل، يقول: «أنا أصلاً من الصعيد، من المنيا تحديداً، جيت هنا مع مجموعة عمال بالاتفاق مع شركة مقاولات، وانتهينا من جميع المنازل، ومش باقى غير شوية تشطيبات أخيرة».

يعمل فى الموقع منذ نحو 3 أشهر، ويتقاضى 120 جنيهاً عن اليوم الواحد، وهو ما دفعه لقبول الانتقال من المنيا الهادئة العامرة، إلى صحراء الوادى الجديد: «اليومية عندنا فى البلد عن أى مصنعية مهما كانت صعبة أو تقيلة بتكون فى حدود 30 أو 40 جنيه، هنا باخد الضعفين تقريباً، باكل وباشرب وبابعت للبيت عندنا كل أسبوع مبلغ».

الشاب الذى لم يتخطَ 25 عاماً متزوج ولديه 3 أطفال، ولدان وطفلة: «اتجوزت من 6 سنين، وربنا كرمنى بمحمد ومحمود ورضا، باشتغل علشانهم، ومرتاح فى حالى هنا، لما نخلص هارجع تانى، ماعرفش هارجع إمتى، محدش قال لنا، لكن إحنا شغالين لحد النهارده».