بالفيديو| بائعو الشاي يروون لـ"الوطن" حكاياتهم مع أمناء الشرطة والإتاوة اليومية

كتب: مها طايع

بالفيديو| بائعو الشاي يروون لـ"الوطن" حكاياتهم مع أمناء الشرطة والإتاوة اليومية

بالفيديو| بائعو الشاي يروون لـ"الوطن" حكاياتهم مع أمناء الشرطة والإتاوة اليومية

من أجل تقديم كوب مضبوط، لا تنشغل "أم راوي" بالتوازن المطلوب بين الماء الساخن والسكر والشاي فحسب، بقدر ما تنشغل أيضًا بالحفاظ على توازن العلاقات مع الزبائن وعابري السبيل و"مراكز القوى" في شارع حنفي ناصف في حي الدقي بالجيزة.

"نصبة الشاي" التي تديرها السيدة التي تبلغ من العمر 62 عامًا، هي مصدر رزقها الوحيد. أحيانًا تسمح للبعض من غير القادرين في المنطقة من العمال أن يشربوا كوبًا مجانيًا، حفاظًا على علاقات الود والمحبة والسمعة الطيبة، وأحيانًا تصرّ على المطالبة بالجنيه من زبون تشعر أنه يحاول استغلال كرمها، لكنها دائمًا تحرص على توصيل كوب "ديلفري" إلى أمين الشرطة الجالس أمام البنك القريب حتى تشتري به "ود الحكومة".

"دا شويّة ميّة سخنة ومعلقة سكر، إيه اللي حيحصل يعني لو مدفعش؟.. ربك ستار"، هكذا تبرر "أم راوي" رضاها على "الإتاوة المستترة" التي تضطر لتقديمها بشكل يومي إلى أمين الشرطة. العلاقة بين بائعي الشاي وزبائن المنطقة ضرورية لاستمرار أعمالهم دون مشكلات أو تعقيدات، أما العلاقة بينهم وبين أمناء الشرطة فهي الضمان الوحيد ألا يجدوا أنفسهم يومًا متهمين في قضايا تسول، أو إشغال طريق.

المبادرة بإظهار التعامل الحسن من قبل صاحب "النصبة" ربما يجعله في الجانب الآمن من أمناء الشرطة، حيث يستضيف عيد خلف محمد (50 عامًا)، المارة الذين استوقف أمزجتهم لاحتساء كوبًا من الشاي، أو ربما فنجانًا من القهوة، في إحدى الشوارع المتفرعة من شارع مصدق بمنطقة الدقي، فعلى مدار 34 عامًا اكتسب خبرة التعامل مع أمين الشرطة، قائلاً: "أنا اتعاملت مع أمناء كتير أوي منهم الكويس ومنهم الوحش.. المهم أنا بعامله إزاي. أنا بجبره يحترمني، وعشان دا يحصل لازم أقوله تعالى أعزمك على كوباية شاي"، موضحًا أنّه يسعى خلف الرزق في أمان، ولا يحاول افتعال المشكلات خصوصًا مع رجال الشرطة، ليقول: "أمين الشرطة وراءه الحكومة إنّما إحنا غلابة نتاكل"، مؤكدًا أنّه دائمًا ما يسعى خلف رضا الشرطة في أثناء عمله بالشارع.

"قضّيها الناس لبعضيها.. وإحنا ممشينها بالحب".. تلك الكلمات التي عبّر بها "عيد" عن حاله خلال عمله، لتجنب الضرر الذي يمكن التعرض له، من جانب أمناء الشرطة، ويضيف: "أنا لو سكت مرة لو قالي مش دافعلك فلوس يبقى أنا إللي جبته لنفسي وخليته يستغلني.. بس أنا ممكن أقوله يا باشا أدفعلك أنا".

فرض نظرية الأخلاق واحترام أمناء الشرطة، كانت لها نصيب أوفر لدى الحاج إبراهيم (58 عامًا)، ونجله شريف (24 عامًا)، في شارع قدادار بمنطقة باب اللوق، حتى تكون الجدار العازل بينهما وبين أمناء الشرطة، تجبنًا لاختلاق المشكلات، وفرض "الإتاوة"، قائلين: "إحنا يا دوب بنتشعبط في رضا الحكومة"، موضحين أنّهما أحيانًا ما يتكبدون تكلفة مشروبات أمين الشرطة المكلّف بحراسة المنطقة طوال اليوم، والتي تتنوع ما بين "شاي أو قهوة، أو نسكافيه"، بينما يضيف الحاج إبراهيم: "الواحد طالما ماشي عدل وكويس أمين الشرطة هيعمل معه مشاكل ليه؟"، ويضيف: "أحيانًا ممكن أمين شرطة يجي يتخانق معانا بس اللواءات بتيجي تدافع عننا وتقوله دول ناس محترمين".

تلقي بعض الجنيهات، مقابل تقديم خدمة توصيل طلبات "كوباية" الشاي إلى المحال، جعلته يمارس دور "الصامت"، حتى يمرر يومه بسلام، خشية من التعنت التي يظهره بعض أمناء الشرطة، لذلك يضطر الحاج محمد (55 عامًا)، بشارع محمد صدقي داخل منطقة باب اللوق، الصمت عن المطالبة في حقه لثمن "كوب" الشاي، قائلًا: "وهنعملهم إيه إحنا عايزين نشتغل.. ربنا يقوينا.. المهم أننا عايشيين وبنأكل عيالنا"، فكان التظاهر بالنسيان عن المضايقات التي يتعرض لها أحيانًا، بات موقفه منذ 7 أعوام، من خلال عمله بـ "نصبة" الشاي، مضيفًا "خليها على الله".

 

 

 

 


مواضيع متعلقة