25 يناير / 25 أبريل

حازم منير

حازم منير

كاتب صحفي

ما هى الصلة بين اتفاقية جزيرتى تيران وصنافير وبين الإساءة للعسكرية المصرية ومحاولة الخلط بين المؤسسة الوطنية وبين خلاف أو اعتراض على قرار سياسى؟ وهل من المنطقى وأنت تعارض وتمارس حقك فى الاعتراض أن تخرج عن حدود المعارضة لقضية ما إلى اتهام جيشك فى شرفه وعرضه.

تعالوا إلى بعض هذه المظاهر، الساخر باسم يوسف من مكمنه فى أمريكا أو إنجلترا، الله أعلم، تخيل أن الشعب المصرى خرج عن بكرة أبيه إلى الشوارع يطالب بإسقاط النظام فكتب على صفحته «أى إعلامى (معــ...) حيزايد بعد كده بشهداء الجيش، يا ريت (تعـــ...) على حاجة تانية. لأنكم (عــ...) على الأرض اللى المفروض بيدافع عنها الناس إللى بتموت دى.... الكارت ده خلاص اتحرق، يا (معــــ..)» انتهى الاقتباس، وقبله خرجت جماعة «6 أبريل» تبث دعوات الانشقاق فى صفوف الجيش وتدعوه من خلال بيان عام للتحرك ضد «السيسى»، وفى نهاية يوم الجمعة أعلنت دعوتها للتظاهر مجدداً فى عيد تحرير سيناء يوم 25 أبريل المقبل، فى حين ردد البعض من رموز معارضى الاتفاقية هتافات «واحد اتنين.. الجيش المصرى فين» فى حين ترددت الكثير من تدوينات رموز الاشتراكيين الثوريين عن تفريط الجيش فى وطنيته وتشكك فى التزامه بحماية التراب الوطنى، واعتبرت أنها تعارض ما أسمته بيع الأرض والعرض، وهى المظاهر التى احتفت بها جماعة الإخوان ووفرت لها غطاءً ودعماً إعلامياً غير مسبوق، حتى إن بعض هؤلاء طالب بالاحتفاء بالعمل المشترك مع الإخوان، ثم انطلقت المواقع الإخوانية لنشر تقارير منسوبة لمراكز أبحاث أمريكية وصفها الإخوان بأنها تابعة للمخابرات الأمريكية تروج لمزاعم انقسام فى صفوف الجيش.

لا أفهم الدعوة للتظاهر يوم 25 أبريل «عيد تحرير سيناء» إلا فى إطار ما فهمته من قبل بالدعوة للتظاهر فى 25 يناير، وما ترتب عليها من تداعيات بالإساءة إلى المؤسسة الشرطية الأمنية والانقسام حولها ثم إضعافها، لهدم واحد من أهم موانع نشر الفوضى وعدم الاستقرار.

الدعوة للتظاهر 25 أبريل معناه نشر حالة من الانقسام بين المصريين على المؤسسة العسكرية وأجواء معادية تربط بين الاتفاقية وبين الجيش إذا لم يعارضها، وهى الأجواء التى يستهدف المخططون لها باستخدامها للتسلل من خلالها بأفكار وشعارات ودعوات لصدام أو خلاف على المدى، يتيح فى النهاية إضعاف المؤسسة العسكرية كما حدث للمؤسسة الشرطية، وهى ذات المحاولات والأهداف التى سعت لها قوى دولية عديدة وشاهدناها وعايشناها جميعاً وتمكن الشعب المصرى من إجهاضها.

تذكروا ماذا حدث فى 25 يناير يوم الشرطة المصرية فى مواجهتها مع الاستعمار البريطانى، الذى رفض «الثوار» بعد تنحى مبارك إعادة الاحتفال به كيوم فى تاريخ الوطنية المصرية، وتخيلوا ماذا تريد نفس الرموز والأسماء من دعوتها للخرج فى مظاهرات يوم 25 أبريل عيد تحرير سيناء.

كيف نثق أن أشخاصاً «سفلة» فى ألفاظهم وتعبيراتهم قادرون على قيادة هذا الوطن، كيف نثق فى حركات سياسية تربط رؤيتها وتحركاتها السياسية برؤى وشعارات سياسية تتداولها مؤسسات أمنية بالخارج ضد مصر، كيف نثق فى قدرة دعاة الفوضى أعداء العسكرية المصرية الوطنية على حكم الوطن.

تظاهرات الجمعة كانت سياسية من الطراز الأول وليست شعبية، غاب عنها الشعب ولم تشارك بوعى الأحزاب السياسية الرافضة لهذا الأسلوب فى معارضة هذا الموقف، وضمت هذه التظاهرة كتلة عارضت الاتفاقية بروح وطنية حقيقة لكنها لم تطالب بإسقاط الدولة أو الإساءة للجيش، فى حين انفردت القوى الساعية للإساءة للجيش المصرى صاحبة شعار «يسقط حكم العسكر» المتعاونة مع الإخوان بالسعى إلى تحقيق ما فشلت فيه دوائر غربية لسنوات.

معارضة الاتفاقية حق لكل مصرى، والتعبير عن هذه المعارضة حق دستورى لا يجوز الاعتراض عليه، لكن الخلط بينه وبين الدعوة لإسقاط النظام والإساءة للجيش لا يمثل معارضة وإنما هى دعوة لإثارة الانقسام حول المؤسسة العسكرية فى خطوة أولى لإعادة الفوضى للمجتمع.

ستكونون أول ضحايا حلفائكم لو سادت الفوضى التى تدعون لها.. لا لمظاهرة 25 أبريل.