أم مجدي.. والدة أسير فلسطيني: "خذوا العمر واعطوني نظرة لوجهه قبل الموت"

أم مجدي.. والدة أسير فلسطيني: "خذوا العمر واعطوني نظرة لوجهه قبل الموت"
"أيا أم الأسيرِ، سقاك غيث، بكره منك، ما لقِئَ الأسِير، أيا أم الأسير، سقاك غيث، تَحير، لا يقيم ولا يسير"، كلمات لأبي فراس الحمداني منذ قرون وصفت حالة أم الأسير الفلسطيني مجدي رياض ياسين المسجون في معتقلات الاحتلال منذ الخامس من أبريل عام 2007، وعلى الرغم من خطف الاحتلال لفلذة كبدها إلا أنها بدت صامدة حينما تحدثت عن تفاصيل اعتقاله.
بعد محاولات كثيرة أجريت من أجل التوصل إلى والدة ذلك الشاب المصاب الذي اعتقله الاحتلال عام 2007 وأخفاه لمدة 20 يوما قبل الإعلان عن أنه مازال حيا، حصلت "الوطن" على وسيلة الاتصال بأم مجدي التي رحبت بالحديث مع "الوطن"، و منذ الوهلة الأولى من سردها لملابسات اعتقال نجلها، لم يفارق لسانها بين كل جملة تقولها "الحمد لله على كل شيء".
بنبرة صوت امتزج بها الاشتياق للابن والفخر، تقول أم مجدي إن نجلها مجدي رياض معتقل لدى الاحتلال منذ الخامس من أبريل عام 2007، بعدما أطلق الرصاص على قدمه وقيد من قبل جنود الاحتلال وهو غارق في دمه، في مشهد جعل الجميع يبحث عن إجابة لسؤال واحد "هل مجدي لا يزال على قيد الحياة؟".
نشرة القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي، شكلت منعطف آخر في قصة ابن الواحد وعشرين عاما الذي أعلن أنه استشهد برصاص الاحتلال منذ ثلاثة أسابيع تقريبا، وبعد بحث من قبل المحامي والصليب الأحمر في إعلان المذيع بأن "الجيش اعتقل إرهابي خطير على أمن إسرائيل بالقرب من حدود قطاع غزة"، وجدوا أن مجدي لا يزال على قيد الحياة".
الشاب مجدي على قيد الحياة لكنه أسير لدى الاحتلال، والأم ممنوعة من زيارته في المعتقل على مدار ست سنوات، على الرغم من اتصالها بالمحامي يوميا، وذهابها أسبوعيا لمكتب الصليب الأحمر للحصول على إذن زيارة لرؤية ابنها المحكوم عليه لمدة 18 عام، بزعم الانتماء للجهاد الإسلامي على الرغم من عدم حمله لأي سلاح وكل ما كان بحوزته "كاميرا" يستخدمها في دراسته للمواد الاجتماعية بجامعة الأقصى.
"الأم تصبح أسعد إنسانة في الكون عند حصول ابنها على شهادته الجامعية"، مستكملة حديثها باللهجة الفلسطينية "هادا اليوم كان أحزن من يوم أسره كتير صعب يا ولدي في فرحة ابنك بيكون غايب"، وتشير أم مجدي إلى أن والده الذي يعمل استاذا بالجامعة ذاتها، تسلم شهادة مجدي بالنيابة عنه.
مضت ست سنوات وسمح الاحتلال بزيارة أم مجدي لابنها في المعتقل، حيث تعرضت للتفتيش عند معبر إيريز وفي سجن نفحة وعلى الرغم من صعوبة الاجراءات في شهر يونيو إلا أنها تتحمل الحاجز والطقس الحار والأسوار الحديدية من أجل نظرة واحدة لوجه ابنها تأخرت لسنوات طويلة، وتصف أم مجدي تلك اللحظة بالقول: "كنت أبكي وشعرت أن لساني مربوط بقوة خفية وكان يقول لي كل دقيقة (احكي يا أمي) بوجهه الشاحب وجسده الذي أصبح نحيلا من ندرة الطعام والجرح الغائر، الذي تسبب في تعفن بقدمه، مازال يؤلمه، والاحتلال يعالجه بجرعة من الأتامول".
نصف ساعة كانت كفيلة لخروج الزفير من أم مجدي بعد أنفاس حُبست منذ ست سنوات، لاسيما وأنه كان فخورا بنفسه ومعنوياته مرتفعة بالتزامن مع الابتسامة التي رٌسمت على وجهه، ولكن بعد سنة واحدة منع الاحتلال الزيارات العائلية عن مجدي ومنع إدخال أي ملابس له حتى في فصل الشتاء.
مجدي الذي قبع تسع سنوات حتى الآن في براثن السجّان لم يكن الوحيد الذي يتألم من ظلمة المعتقل، فهناك أم تشتاق لنظرة أخرى وأخ صغير لم ير شقيقه الأكبر منذ أول نفس له من هواء فلسطين الأبية وأب ينتظر نجله ليسلمه شهادة التخرج التي لم يفرح بها حتى الآن.