بعد 23 عاما.. "القضاء الإداري" تُلزم شركة نقل الكهرباء بتعويض ورثة عامل مات صعقا

كتب: إبراهيم رشوان وأحمد حفنى

بعد 23 عاما.. "القضاء الإداري" تُلزم شركة نقل الكهرباء بتعويض ورثة عامل مات صعقا

بعد 23 عاما.. "القضاء الإداري" تُلزم شركة نقل الكهرباء بتعويض ورثة عامل مات صعقا

قضت الدائرة الأولى "البحيرة" بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، في الدعوى المحالة إليها من المحكمة المدنية، بإلزام رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لنقل الكهرباء، ورئيس قطاع خطوط كهرباء غرب الدلتا، متضامنين، بتعويض المدّعين ورثة المرحوم  نور عبدالستار رمضان، عامل بالشركة، بمبلغ 100 ألف جنيه عوضا عما أصابهم من أضرار، كل بحسب نصيبه الشرعي، نتيجة خطأ المُدّعي عليهما في سوء اختيارهما لأحد المهندسين وتقصيرهما في رقابته على نحو تسبب في صعق مورث المدّعين بالكهرباء، ما أدى إلى وفاته في الحال، وألزمتهما المصروفات، ورفضت المحكمة دعوى الضمان الفرعية المقامة من الشركة بالرجوع بمبلغ التعويض على المهندس، اكتفاء بسجنه على أساس أن الشركة تضمن أخطاء تابعيها وأنه لم يكن قاصدا صعقه.

وأصدرت المحكمة حكمها خلال جلستها، اليوم، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاوري نائبي رئيس مجلس الدولة، بعد 3 جلسات فقط من عمر تداول القضية التي ظلت أمام المحكمة المدنية 23 عاما قبل إحالتها للقضاء الإداري، وفي أول قضية إهمال ألزمت المحكمة شركة نقل الكهرباء بتعويض ورثة العامل البسيط 100 ألف جنيه لإهمال الشركة وصعقه بالكهرباء نتيجة قيام مهندس خطوط شبكة الكهرباء بتوصيل التيار الكهربائي أثناء وجود العامل معلقا في الهواء على عربة الشركة للقيام بأعمال الصيانة فصعقه التيار الكهربائي في الحال، وأكدت أن التعويض الموروث هو حق لمن وقع عليه الفعل الضار من الغير باعتبار أن هذا الفعل لابد وأن يسبق الموت ولو بلحظة.

كما أكدت أن الشركة أساءت اختيار المهندس الذي تسبب في وفاة العامل البسيط وقصرت في مراقبته ومسؤوليتها مفترضة أعمال تابعيها ورفضت دعوى الضمان الفرعية بالرجوع بمبلغ التعويض على المهندس بعد أن حُكم عليه بالسجن وتأسيسا على مسؤولية الشركة وإهمالها وتقصيرها في اختيارها ومتابعة مهندسيها وهي تضمن أخطاء تابعيها خاصة أنه لم يكن قاصدا صعقه.

وقالت المحكمة، إن الورثة الذين هم أطفال ومعهم جدتهم أقاموا الدعوى وظل الأمل يراودهم في الحصول على حقهم أمام المحاكم المدنية وبعد 23 عاما كبر فيها الأطفال وأصبحوا شبابا وفتيات حكمت المحكمة المدنية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى القضاء الإداري الذي أعاد لهم الحق خلال ثلاث جلسات ورسم البسمة بعد طول عناء السنين.

وذكر ورثة العامل منذ 23 عاما أنهم لجأوا إلى محكمة دمنهور الابتدائية طالبين تعويضهم 100 ألف جنيه تعويضا عن إهمال الشركة مع مورثهم الذي كان يعمل بإدارة شبكات كهرباء غرب الدلتا التابعة لمنطقة كهرباء زاوية غزال وفي نوفمبر 1993 كان قد كلف بأعمال صيانة للأبراج الكهربائية بخط خيري إيتاي البارود بالبحيرة، وأثناء قيامه بعمله قام مهندس خطوط شبكة الكهرباء بزاوية غزال بتوصيل التيار الكهربائي ما تسبب عنه وفاة مورثهم نتيجة صعقه بالكهرباء، وتحرر عنه المحضر رقم 8668 لسنة 1993 جنح مركز دمنهور وقُضي بحبس المهندس سنة وكفالة 2000 جنيه، فقام باستئناف الحكم أمام محكمة جنح مستأنف مركز دمنهور فحكمت فيها المحكمة عام 1998 بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ثم تم الطعن فيه أمام محكمة النقض والتي قضت بعدم جواز النقض.

كما ذكر الورثة أنهم فقراء وأن والدهم كان العائل الوحيد لهم، إلا أن المحكمة المدنية قضت بعدم اختصاصها وأحالت القضية إلى القضاء الإداري التي حدد لها رئيس المحكمة جلسة عاجلة لنظرها بعد إيداع هيئة المفوضين لتقريرها وأصدرت الحكم بعد ثلاث جلسات من نظرها.

وقالت المحكمة إن التعويض الموروث هو حق لمن وقع عليه الفعل الضار من الغير بحسبان أن هذا الفعل لابد وأن يسبق الموت ولو بلحظة مهما قصرت كما يسبق كل سبب نتيجته، إذ في هذه اللحظة يكون المجني عليه مازال أهلا لكسب الحقوق ومن بينها حقه في التعويض عن الضرر المادي الذى لحقه وحسبما يتطور إليه هذا الضرر ويتفاقم، ومتى ثبت له هذا الحق قبل وفاته فإن ورثته يتلقونه عنه في تركته كل بحسب نصيبه الشرعي في الميراث ويحق لهم بالتالي مطالبة المسؤول بجبر الضرر المادي الذى أصاب مورثهم لا من هذه الجروح التي أحدثها فحسب إنما أيضا من الموت الذي أدت إليه هذه الجروح باعتباره من مضاعفاتها.

وأضافت المحكمة أن القانون المدني إذ نص في المادة 174 على أن "يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها"، فإنه قد أقام هذه المسؤولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضا لا يقبل إثبات العكس، مرجعه إلى سوء اختياره لتابعه و تقصيره في رقابته، والقانون إذ حدد نطاق هذه المسؤولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعا من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" ولم يقصد أن تكون المسؤولية مقصورة على خطأ التابع وهو يؤدي عملا داخلا في طبيعة وظيفته ويمارس شأنا من شؤونها، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ وأن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسؤولية أيضا كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله الضار غير المشروع، أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكب التابع فعله لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء كان الباعث الذي دفعه إليه متصلا بالوظيفة أو لا علاقة له بها.

وأشارت المحكمة، إلى أن مسؤولية المتبوع في هذه الأحوال تقوم على أساس استغلال التابع لوظيفته وإساءته استعمال الشؤون التي عهد المتبوع إليه بها متكفلاً بما افترضه القانون في حقه من ضمان سوء اختياره لتابعه وتقصيره في مراقبته وأن هذا النظر الذي استقر عليه قضاء محكمة النقض في ظل القانون المدني القديم قد اعتنقه المشرع ولم ير أن يحيد عنه كما دلت عليه الأعمال التحضيرية لتقنين المادة 174 من القانون المدني.

واختتمت المحكمة حكمها العادل بأن الشركة أساءت اختيار المهندس الذي تسبب في وفاة العامل البسيط وقصرت في مراقبته ومسؤوليتها مفترضة أعمال تابعيها المتمثل في عمل مهندس خطوط شبكة الكهرباء الذي قام بتوصيل التيار الكهربائي إلى هذه الأبراج أثناء وجود العامل معلقا في الهواء على عربة الشركة للقيام بأعمال الصيانة فصعقه التيار الكهربائي في الحال ما تسبب عنه وفاة مورث المدعين وقد ترتب على هذا الخطأ أضرارا عديدة دامت 23 عاما اثناء تداول نظر القضية بمحكمة دمنهور الابتدائية تمثلت في حرمان والدة المتوفي وأشقائه من العائل الوحيد لهم في هذه الفترة حيث إن مورثهم كان ينفق عليهم من مرتبه، فضلا عن تكبدهم العديد من النفقات في سبيل سلوك طريق الدعوى القضائية لاقتضاء حقهم، بالإضافة إلى إصابتهم بالعديد من الأضرار المعنوية والأدبية جراء وفاة مورثهم وهو في ريعان شبابه منذ 23 عاما وهو ما يسبب حالة من الحزن والضيق والألم النفسي للمدعين، كما ترتب على ذلك أيضا ضررا موروثا يجب تعويضهم عنه.

 


مواضيع متعلقة