«قرنى»: ودع «سكة حديد مصر» واستقبل «دكان البقالة والكرسى»

كتب: فاطمة مرزوق

«قرنى»: ودع «سكة حديد مصر» واستقبل «دكان البقالة والكرسى»

«قرنى»: ودع «سكة حديد مصر» واستقبل «دكان البقالة والكرسى»

60عاماً قضاها بين سكك حديد مصر، ظل فيها صوت القطار رفيقاً له وباتت القضبان خير شاهد على عمله الذى اختص بإصلاح كل ما هو تالف، إلى أن دقت ساعة التقاعد على المعاش وراح يودع القطارات والقضبان إلى الأبد، عاد إلى منزله والحزن يملأ قلبه وظل منتظراً بلهفة ذلك اليوم الذى سيحصل فيه على معاشه ليمضى تعاقداً أبدياً مع الراحة التى ظل ينتظرها عقوداً كثيرة، معتقداً أنه لن يعود إلى العمل مرة أخرى فاتحاً ذراعيه للراحة التى سريعاً ما تخلت عنه.

خيبة أمل كبيرة أصابت «قرنى سعد» بعدما ذهب لاستلام معاشه الذى وجده 550 جنيهاً، وكأن الراحة أصرت على فسخ تعاقدها معه رغم أنه لم يدم طويلاً يقول: «كنت شغال فى صيانة المكاتب فى سكة حديد مصر، افتكرت أن المعاش هيكون كبير لأن شغلى كان متعب جداً، كانت صدمة ليا ولقيت نفسى مضطر أشتغل فى حاجة تانية، ولسوء ظروفى الصحية فتحت محل بقالة صغير، لأن صحتى مش هتستحمل أبذل مجهود، ومش بقدر أمشى كويس على رجلى».

{long_qoute_1}

أشهر قليلة واستعد «قرنى» لاستقبال كرسيه الخشبى ودكانه الصغير وبدأ عملاً جديداً لم يكن فى مخيلته يوماً: «لا بفهم حاجة فى البقالة ولا بعرف أبيع، بس قلت أتعلم علشان الظروف حكمت بكده، بافتح الدكانة وأشوف البضاعة اللى ناقصة ولما باقفل بروح أجيبها من السوق، والمحل بيحتاج تنضيف والبضاعة بشيلها وأرصها كل يوم، كل ده عاوز مجهود وصحة بس باجى على نفسى وربنا بيقوينى»، يعيش الرجل الستينى برفقة زوجته بعد أن تزوج أبناؤه الـ5 ويحرص على فتح دكانه كل يوم حتى يوفر مصاريف العلاج الخاصة به ويساعد أولاده حين يمرون بأزمات مادية.

يبدأ «قرنى» يومه فى الـ10 صباحاً وينتهى فى الـ8 مساءً، ورغم زيادة معاشه إلا أنه ما زال يعتمد على دكانه الصغير فى تحصيل الرزق: «المعاش وصل لـ1000 جنيه بس مش بيعملوا حاجة قصاد فواتير الكهربا ومصاريف علاجى أنا ومراتى، عندى الفتاق وخشونة فى رجلى، ومراتى عندها تآكل فى المفصل، عشان كده ماقفلتش الدكانة، ولو حد فينا رقد يبقى معانا فلوس لأننا مش عاوزين نتداين، وأهو زى ما بيقولوا القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود».

ويضيف: «الحاجة الوحيدة اللى نفعتنى أن فى علاج باصرفه من مستشفى السكة الحديد بالمجان حاسس أن قضيت رسالتى لأن ربنا كرمنى واطمنت على عيالى مابقتش شايل هم حد غير أنا ومراتى وده مقدور عليه»، يوصد الرجل الستينى باب دكانه ويحكم غلقه حين شعر بالإرهاق ثم يصعد إلى منزله لينال قسطاً من الراحة، حرصاً على تجديد نشاطه بشراء بضاعته فى اليوم التالى.


مواضيع متعلقة