أمين عام اتحاد الأثريين العرب: فقدنا 50٪ من آثار سوريا والعراق على يد «داعش»

كتب: مروة مدحت

أمين عام اتحاد الأثريين العرب: فقدنا 50٪ من آثار سوريا والعراق على يد «داعش»

أمين عام اتحاد الأثريين العرب: فقدنا 50٪ من آثار سوريا والعراق على يد «داعش»

قال الدكتور محمد الكحلاوى، أمين عام اتحاد الأثريين العرب، أستاذ العمارة والآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، ورئيس لجنة العمارة والفنون الإسلامية برابطة الجامعات الإسلامية، إن العالم العربى يعيش حالة تدهور رهيب فيما يتعلق بالآثار. {left_qoute_1}

مضيفاً فى حواره لـ«الوطن» أنه «لا توجد حصيلة واضحة لما تم تدميره من آثار فى مناطق النزاع بالشرق الأوسط حتى الآن»، وأن «كل لحظة تمر دون اتخاذ إجراءات حاسمة للحفاظ على المواقع الأثرية يتم فيها تدمير كمية أكبر من الآثار»، وشدد «الكحلاوى» على أنه «لا يوجد أثر يمكن تعويضه».. وإلى نص الحوار.

■ ما وضع الآثار فى العالم العربى حالياً؟

- الدول العربية تعيش حالة تدهور رهيب جداً فيما يتعلق بالآثار، وحالة التدهور هذه ناتجة عن عدة إشكاليات، وهذه الإشكاليات بعضها ناتج عن الصراعات المسلحة التى تشهدها بعض المناطق مثل سوريا والعراق واليمن، وبعضها الآخر جراء دعوات التطرف وأثرها المدمر على الواقع الأثرى فى العالم العربى، فالتطرف أخطر بكثير مما تدمره الحروب، والإشكالية الثالثة هى الإهمال وعدم الوعى عند الشعوب العربية وعدم تعاملها مع التراث باحترام.

■ تقريباً.. ما كمية الآثار التى تم تدميرها حتى الآن؟

- لا توجد حصيلة واضحة لكمية الآثار التى تم تدميرها فى الوطن العربى، فما دام الصراع قائماً ولم ينته لا أستطيع أن أرصد حصيلة واضحة، فالصراع قائم وهناك آثار تُدمر اليوم وهناك آثار تُهدم وهناك سرقة وزحف عمرانى على المواقع الأثرية، وكل لحظة تمر دون تدخل من الحكومات العربية لإيقاف هذه التجاوزات سيستمر الأمر، ولا أملك سوى الإحصائية التى قالها وزير الآثار بنفسه فى مؤتمر الأثريين العرب العام الماضى، حيث قال إن مصر فقدت من تراثها 30%، وأستطيع أن أقول إن سوريا فقدت أكثر من 50% وكذلك العراق، أما اليمن فهو فى طريقه لفقدان تراث خالد، نتيجة ضربات التحالف العربى التى تُدمر المواقع الأثرية.

■ ما أهم الآثار التى تم تدميرها فى سوريا والعراق وغيرهما ولا يمكن تعويضها؟

- «مفيش أثر يُقدر بمال»، فالعالم العربى مهد الحضارات، وهذه الحضارات تمتلك كمية كبيرة جداً من الآثار، وليست القضية هى أثر يضيع أو يتم تدميره، فهناك مواقع أثرية كاملة يتم تدميرها، مثل مدينة «تدمر» فى سوريا، التى هى موقع أثرى فى منتهى الأهمية، لأنه يمثل حضارة كاملة من عدة عصور، وعلى الرغم من أهميته تم تدميره بالكامل، ومن يعوضنا عن مدينة حلب والآثار الإسلامية الموجودة بها، فقد دُمرت بالكامل، من يستطيع أن يرصد كم مسجداً تم تدميره وكم منزلاً ومدرسة تم تدميرها فى «حلب»، وهذه المنازل تمثل نموذجاً يُحتذى للعمارة الإسلامية، إذن المشكلة ليست فى تدمير أثر فقط بل فى تدمير مواقع أثرية بالكامل، وهذا يؤكد أن العالم العربى يتعرض لعملية مقصودة وتدمير تراث العالم العربى أمر مطلوب، فالغرب يريد أن يكون العالم العربى بلا تاريخ. {left_qoute_2}

■ البعض يقول إن الفيديوهات التى بثها تنظيم «داعش» لتدمير المواقع الأثرية «مُفبركة»، فهل هذا صحيح، أم بالفعل تم تدمير تلك الآثار؟

- التنظيم يُدمر ما ثقل وزنه ومايجبش فلوس وأمام العالم هو يُدمر الآثار، لكن عندما ننظر إلى خريطة تحركات «داعش» نجد أن التنظيم يتحرك فى أماكن وجود البترول وأماكن الآثار، حتى يتمكن من بيع البترول الآثار، فعناصره يعلمون جيداً أن سوق الآثار موجودة ولها زبائنها، وإذا توصلنا لزبائن الآثار سنعرف من يمول «داعش»، يستولى على موقع أثرى يقوم بتدميره أمام العالم كله، لكن هذا لا يحدث فى الواقع، لكنه يُدمر الصرح الكبير للمتحف ويقوم بتخزين كل المقتنيات الثمينة.

■ ما الدور الذى يجب أن تقوم به «اليونيسكو» لحماية هذه الآثار؟ ولماذا لم تتدخل حتى الآن؟

- هناك أجندات خارجية، والحكومات العربية تُطبق هذه الأجندات، فمثلاً عندما نُدمر اليمن فهذه أجندة، ونُدمر فى سوريا ولبنان فتلك أجندة أخرى، و«اليونيسكو» تنص قوانينها فى أوقات الحروب أن «وقت الخطر على كل دولة أن تصون الآثار الخاصة بها وتقوم بتخزينها»، وعندما ننظر إلى تعامل دول العالم العربى وتطبيقها لقوانين «اليونيسكو»، نجد أنه لا توجد أى دولة تقوم بتطبيقها، فلا توجد أى آثار تم تشوينها، وعلى الرغم من ذلك فـ«اليونيسكو» لم تتدخل، وتتضح الأجندات الخارجية عند المقارنة بين موقف «اليونيسكو» من آثار الدول العربية وآثار غيرها من الدول، فعندما بدأت حركة «طالبان» بهدم تماثيل «بوذا» لأنها غير إسلامية، تدخلت «اليونيسكو» وضغطت على الحكومات العربية ومنهم مصر التى أرسلت وفداً من الأزهر إلى «طالبان» لإرجاعهم عن قرارهم، لكن عندما يتم هدم المسجد الأقصى أو المدن الإسلامية الأخرى، فـ«اليونيسكو» لا تتدخل، فما يحدث باسم اليونيسكو «فُجر»، ونحن أمام منظمة معنية بالثقافة ولا بد أن تتدخل بالقوة لحماية الآثار ولكنها لا تتدخل.

■ هل من الممكن نقل الآثار خارج مناطق الحروب للحفاظ عليها؟

- كما سبق أن قلت، فالآثار فى مناطق الحروب يجب أن يتم تشوينها ونقلها إلى مناطق آمنة، وقد قمت بذلك بنفسى قبل الاقتحام الأمريكى للعراق، وكُلفت من قِبل عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية وقتها، كأمين عام لاتحاد الأثريين العرب برئاسة وفد إلى العراق لتشوين الآثار هناك، وتم بالفعل تشوين الآثار ووضعناها فى خزينة المتحف، وقمنا بتعليق لوحات على المواقع الأثرية لتبين أن هذه المواقع أثرية، لكن عند الغزو الأمريكى للعراق كسر الجنود الأمريكيون أبواب المتحف حتى يتمكن الناس من الدخول، وبالفعل نُهب المتحف بالكامل وهناك 7000 قطعة أثرية مفقودة من وقتها من متحف العراق.

■ ما الإجراءات التى يجب اتخاذها بالنسبة للمدن الأثرية مثل «حلب» وغيرها فى مناطق الصراع؟

- تنص قوانين «اليونيسكو» على أن فى حالة الحروب ووقت الخطر يجب أن يتدخل جيش الدول وينتشر لحماية المواقع والمدن الأثرية، لكن فى حالة أن الجيش هو الآخر أصبح طرفاً فى النزاع المسلح القائم، فوقتها يجب أن تتدخل قوات التحالف التابعة لـ«اليونيسكو» لأن هذه المواقع والمدن الأثرية تكون مُسجلة على قائمة التراث العالمى، فهى ليست ملك الدولة الموجودة بها فقط، فأى موقع أثرى يتم تسجيله فى القائمة فهو بمثابة إعلان واضح على مشاركة كل دول العالم للدولة الموجود بها هذا الموقع فى إدارته، وإذا تم الاعتداء عليه فإما أن يتم إخراجه من قائمة التراث العالمى وهذا أقل الأضرار، لكن إذا كان موقعاً مهماً فوقتها تتدخل قوات عسكرية دولية لحمايته.

■ ما الدور الذى يقوم به اتحاد الأثريين العرب وسط كل هذا التدمير الذى تتعرض له الآثار فى المنطقة؟

- الاتحاد يُنظم مؤتمراً كل عام، نحاول من خلاله أن نرصد كل السلبيات التى تتعرض لها الآثار والمواقع الأثرية فى المنطقة العربية، ونضع الحلول التى يمكن تنفيذها لإنقاذها.


مواضيع متعلقة