سوق «الروبيكى»: لا أمن ولا مواصلات ولا إنارة.. كفاية عليكم «4 جدران»

كتب: أحمد العميد ومحمد سعيد

سوق «الروبيكى»: لا أمن ولا مواصلات ولا إنارة.. كفاية عليكم «4 جدران»

سوق «الروبيكى»: لا أمن ولا مواصلات ولا إنارة.. كفاية عليكم «4 جدران»

أعلنت الحكومة قبل عدة سنوات، عن مشروع نقل «مدابغ» ومصانع الجلود من منطقة «سور مجرى العيون» بمنطقة مصر القديمة إلى «الروبيكى» بجوار مدينة «بدر»، تلك الفترة التى قيل إنها تجاوزت الـ50 عاماً، حتى أفصح وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، مؤخراً عن موعد بدء تنفيذه فى منتصف العام الحالى، وتحديداً فى يوليو المقبل.

«الوطن» أجرت جولة فى المنطقة السكنية المجاورة لـ«الروبيكى» للوقوف على مدى جاهزيتها لاستقبال أصحاب المصانع والعمال، كما يأتى ذلك فى ظل تأكيد من غرفة صناعة الجلود بإعلان المشروع خلال الشهر الحالى، فيما لا يعلم أصحاب المصانع بـ«مصر القديمة» شيئاً عن موعد نقلهم.

فى طريقك إلى الخروج من محافظة القاهرة متوجهاً إلى «الإسماعيلية» عبر الطريق الصحراوى، عليك أن تنحرف يميناً عند ميدان «أحمد عرفة»، لتسلك طريق «الروبيكى» الأسفلتى ذى «التعاريج الطفيفة»، مساحة الطريق 10 كيلومترات حتى تصل إلى «بدر»، عن اليمين، وعن اليسار صحراء جرداء، وبعض البنايات القليلة ذات الارتفاع المتوسط، يمكنك لمحها على بُعد مئات الأمتار، وبعدما تقطع 6 كيلومترات تقريباً ترى «الهناجر» الكبيرة والبنايات الواسعة على يمينك، مع لافتة كبيرة تُعرف نفسها بمنطقة «الجلود» أحد مشروعات وزارة التجارة والصناعة تحت الإنشاء.

{long_qoute_1}

وتخيم حالة من الحرص الشديد على مهندسى المشروع، الذى أعلن وزير التجارة والصناعة عن الانتهاء منه خلال الأشهر القليلة المقبلة، مما دفعنا إلى التجول فى أقرب منطقة سكنية لمعرفة طبيعة الموقع ومدى جاهزيته لاستقبال عائلات العمال وأصحاب المدابغ المزمع نقلهم إليها.

وأشاد «تامر النمس»، مهندس جيولوجى بإحدى شركات البترول، وعضو مجلس أمناء الشباب بمدينة بدر، بمشروع «مدابغ الروبيكى»، ويرى أنه من أفضل المشروعات التى يمكن أن يتم افتتاحها بها، نظراً إلى موقعها الذى يتوسط المناطق الصناعية، إضافة إلى قربها من طريقىّ «الدائرى الإقليمى» و«القاهرة - السويس»، واصفاً الموقع بـ«الرائع»، لافتاً إلى أنه يسمح بنقل المنتجات إلى الموانئ على البحر الأحمر للتصدير، وأنه تم تحديده من سنوات عدة ليكون منطقة صناعية، إلا أن الأهالى فى كل مرة كانوا يرفضون المجىء، نظراً إلى بعدها عشرات الكيلومترات عن موقعهم فى سور مجرى العيون بمصر القديمة.

.. واختفاء الأمن وعدم الاهتمام بالمنطقة يسهل السرقة

ويضيف «النمس»، أنه حضر إلى «بدر» منذ 3 سنوات، وهى المدينة التى تتوافر فيها أسواق ومتاجر توفر أغراض السكان، والمنطقة بها «هناجر»، وما جرى خلال الشهور القليلة الماضية هو عملية تشطيبات أخيرة لقواعد خرسانية، وهناجر تم نصبها منذ سنوات، مشيداً بالخطوات الإيجابية من وزارة الصناعة والتجارة، مطالباً بتمهيد طريق الروبيكى ورصفه، الذى يبلغ مسافة 10 كيلومترات، وهو الذى يصل بين مدن «بدر» و«العاشر من رمضان» و«الشروق»، مشيراً إلى حاجته إلى الإنارة والأمن لمنع أى حالات سرقة أو تعدٍّ على المواطنين.

وأشار عضو مجلس الأمناء، إلى أن المدينة بها مساكن تستوعب أهالى العمال الذين سيعملون فى المنطقة، كما أن الطريق بين مصانع الروبيكى وبدر 4 كيلومترات فقط، يمكن اجتيازها بأى من مواقف السيارات، محذراً من ترك المنطقة بلا وسائل مواصلات، لأن ذلك قد يؤدى إلى طرد العمالة لصعوبة التنقّل، مضيفاً أنه يرى فى المنطقة فرصة كبيرة للتربُّع على عرش صناعة الجلود عالمياً، قائلاً: «الجزمة السفتى الريدونج بنشتريها بـ100 دولار، لو أنتجناها هنا ونصدّرها لشركات البترول وللأمن الصناعى فى شركات مختلفة، هندخل عملة صعبة لمصر، لازم نستغلها، بأن الحكومة تأهل المنطقة دى وتخليها جاذبة لأهل مهنة الدباغة، ماترميهمش فى الصحرا وخلاص».

{long_qoute_2}

وقال «النمس» إن جلب الدباغين وأهاليهم يستلزم رعاية المنطقة بأكملها، وإنه سمع عن مساكن سيتم بناؤها بجوار المصانع، كما أن التفكير بهذه الطريقة يجب أن يضع فى الاحتياطات الانبعاثات والأدخنة من المصانع، أو حتى من محرق الروبيكى الكبير، مشيراً إلى أنه على بُعد 3 أو 4 كيلومترات من المنطقة يوجد محرق قمامة كبير، وبدلاً من دفنها يحرقونها، والرياح تحمل الأدخنة إلى منطقة الروبيكى، مناشداً المحافظة التدخل وحل تلك الأزمة.

وانتقلت «الوطن»، إلى موقف أوتوبيسات النقل العام بـ«بدر»، أقرب المدن السكنية إلى «الروبيكى»، ولم تعثر على «أوتوبيسات»، فيما عثرت على عدد من سيارات «الميكروباص» يسلكون خط «بدر - العاشر من رمضان»، ورحب السائقون بحضور أهالى منطقة المدابغ إلى المنطقة، مشيرين إلى أن عدد السيارات فى الموقف بلغ 26 سيارة أجرة، ينقلون المواطنين من بدر إلى العاشر من رمضان، مروراً بالمنطقة.

.. ومواطنون ينتظرون بالساعات لحضور سيارات الأجرة

وأضاف محمد أبوشوكة، أقدم السائقين فى الموقف، إلى أنه حضر إلى «العاشر» منذ 1997، وعمل سائقاً بها، موضحاً أن المدن الصناعية هنا يتم تنميتها ببطء، وأن منطقة الروبيكى تم بناؤها منذ سنوات كثيرة، وما جرى خلال الشهور القليلة الماضية ليس إلا ديكورات فقط، معلقاً: «أنا باعدى على الطريق ده من سنين، الهناجر والمبانى اللى جوه دى مبنية من زمان، من أيام كمال الجنزورى، والدولة المفروض تمهد الطريق بقى وتنوره علشان الدنيا تمشى».

وأشار «أبوشوكة» إلى أن الأجرة من «بدر» إلى «العاشر» بـ«3 جنيهات»، والسيارات متوقفة وتزيد على حاجة سكان المنطقتين، وهذا العدد كفيل باستقبال سكان مدابغ الجلود جميعهم، مطالباً بتمهيد الطريق ورصفه وإنارته ووضع ارتكازات أمنية عليه، مشيراً إلى حادثة وقعت لأحد السائقين منذ شهرين، حيث تعرّض لمحاولة سطو مسلح وسرقة سيارته، إلا أنه نجا بسبب اقترابه من إحدى الكافيتريات وسيارات النقل وألقى مفتاح السيارة بعيداً، مطالباً بتأمين المنطقة وعمل موقف سيارات أجرة أساسى، بدلاً من تركهم يقفون فى موقف تابع للنقل العام.

وقال عبدالعزيز حلمى، أحد السائقين، 30 عاماً، وشقيق السائق الذى تعرّض لمحاولة سطو مسلح، إن الأخير تعرّض للحادث فى الرابعة فجراً حينما حضر 3 أشخاص، وكان نائماً فى غرفة مجاورة من الموقف، وزعموا أن لديهم مريضاً فى «العاشر» ويحتاجون للذهاب إليه لإنقاذه، إلا أنه تعرّض لـ18 طعنة، لكنه تمكن من إلقاء مفتاح السيارة بعيداً حتى لا يعثروا عليه فى الظلام، واستنجد بأحد سائقى النقل الذى هرع لمساعدته، مشيراً إلى أن الشرطة حتى الآن لم تُحقق فى الحادثة، ولم تتخذ أى خطوات، مطالباً بعمل ارتكازات أمنية لتأمين الطريق.

أرض مشروع «الروبيكى»

ورأى أحمد مهران، صاحب أحد مصانع الجلود بمنطقة مصر القديمة، أن خوض تجربة جديدة بالنسبة له بعد السنوات الطويلة التى ظل يعمل خلالها فى منطقته ليس بالأمر الهين، لكن طالما سيسرى القرار على الجميع فإنه سيخضع له، بعد توفير مكان جيد له مثل الموجود به حالياً، وتعويض أصحاب مصانع الجلود، مضيفاً: «موضوع النقل ده بقاله أكتر من 50 سنة من أيام أجدادنا، ومش عارفين هنمشى ولّا لأ، وهنقعد هنا لغاية إمتى، وإزاى هنتنقل فى (يوليو) واحنا فى (مارس)، ومحدش بلّغنا بأى حاجة، والموضوع فيه تعتيم بشكل غريب، واحنا حوالى 100 ألف شخص يعملون فى ذلك المجال من عمال وأصحاب مصانع ومدابغ، وهل سيتحكم 10 أشخاص من الغرفة التجارية فى مصير الآلاف الذين يعملون فى مجال الجلود، خصوصاً أن هناك أشخاصاً من الغرفة التجارية أبلغوا بعض العمال أن قرار النقل تأجل 8 سنوات».

وأوضح «مهران» أن مدابغ الجلود فى منطقة مصر القديمة تحتضر بسبب توقف التصدير بشكل كامل، وهو المنقذ الوحيد لهم، ولا يوجد له بديل آخر، مما جعل أصحاب المدابغ يضربون بعضهم بالسوق المحلية، و90% من أصحاب المدابغ أغلقوا مصانعهم، لأنه منذ عام 2011 والعمل متوقف بشكل كبير.

وقال عبدالرحمن الجباس، عضو بغرفة صناعة الجلود، إنه خلال مارس الحالى، سيتم الإعلان عن مشروع «مدابغ الروبيكى»، وبداية التسليم ستكون فى يوليو المقبل، وفور الإعلان عنه سيتم السماح لأصحاب مصانع ومدابغ الجلود الراغبين فى نقل مدابغهم فى تقديم أوراقهم، ومن لا يرغب سيتم تعويضه عن كل متر بواقع 2310 جنيهات عن المتر الواحد، أما من يوافق على النقل ويذهب إلى هناك، فسوف يتم تسليمه مصنعاً عبارة عن 4 جدران وهنجر وباب، على أن يتكفّل صاحب المصنع بباقى الأساسات بالداخل، مع توفير جميع المرافق من مياه وغاز وكهرباء وصرف صحى، بالإضافة إلى تعهّد من جانب صاحب المصنع بأن يبدأ المصنع فى عمله خلال مدة أقصاها عام واحد من تاريخ تسلمه أرض المصنع. وأضاف «الجباس» أن الغرفة طالبت بمساكن للعمال، لأنه من الصعب أن ينتقل العمال يومياً مسافة 75 كيلومتراً من مساكنهم فى مجرى العيون إلى منطقة الروبيكى، كما طالبت الغرفة بحزمة من الخدمات لمساعدة المنتجين، ومنها أن يتم استيراد ماكينات بفائدة ميسّرة وفترة سماح لا تقل عن 3 سنوات من تاريخ بدء الإنتاج.


مواضيع متعلقة