فى الدين «خطاب جديد»: لا تكفير ولا كراهية وانتهاء ظاهرة «رجال الدين»
آمنة نصير
مشايخ ودعاة على المنابر وعبر شرائط الكاسيت وشاشات التليفزيون، انتشروا حتى صاروا ملء السمع والبصر، وذاعت فتاويهم فى كافة الأنحاء. كثير منها يحرض على العنف ويحض على الكراهية ويدعو بغير حكمة ولا موعظة حسنة، حتى أصبح تجديد الفقه وتطوير الخطاب الدينى على رأس ضروريات المرحلة ومطالبها، وإلى جوار ذلك، تبرز الحاجة إلى دور للمرأة فى مجال الدعوة، لا سيما أن مكانها شاغر إلى جوار رجال الدين، يكمل بعضهم بعضاً، وبات حضور المرأة فى مشهد الدعوة الذى تصدره «رجال الدين» دائماً بلحاهم وعمائمهم وأصواتهم الغليظة، جزءاً رئيسياً من التجديد الدينى.
الحاجة إلى خطاب دينى مختلف، وآراء فقهية أكثر مواكبة للعصر، أصبحت حاجة ملحة بالفعل، فهل يساهم خوض المرأة غمار الدعوة فى ذلك أم لا؟
«آمنة»: لدينا صاحبات رأى وفكر ومثقفات كثيرات.. و«المصرية» تصلح نواة للتجديد الدينى
الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية، التى تصدت مؤخراً للعمل العام واستطاعت الفوز بعضوية مجلس النواب الحالى، تؤكد أن «الخطاب الدينى الحالى غير مواكب للعصر، وغير منصف للمرأة، ولا بد من تطويره وتجديده على النحو الملائم لحركة العالم وتحديات المرحلة، وهذه المهمة للأسف أضحى دمها مهدراً بين المؤسسات والقائمين على الدعوة»، ترى أن تصدر عدد من مشاهير الدعوة الدينية، الذين جاءوا محملين بأفكار سلفية متشددة تتبعها بعض دول الجوار، أحد أسباب الأزمة التى يجب مواجهتها حالياً، وتوضح: «المواجهة تكون على مستوى الفكر والخطاب والوجوه المتصدرة لشأن الدين والدعوة».
الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب، فالممارسات على أرض الواقع أهم من تجديد لا يتجاوز المجالس والكتب والندوات العلمية، تؤكد «آمنة» أن الجميع يدور فى فلك هذا المصطلح دون الدخول فى تطبيقاته على أرض الواقع، ولا بد من تضافر المناخ العام لتغيير الثقافة المجتمعية عموماً، فالخطاب الدينى جزء ضمن عملية شاملة، ولا بد من تركيز الخطاب الدينى فى المساجد على الأسلوب التوعوى وإيقاظ الضمائر والتأكيد على حقوق الإنسان، ونشر التسامح والتعايش كى يتماسك المجتمع، والتركيز على قضايا العمل والعلم والتطوير والحركة للأمام، وتضيف: «هذا هو الخطاب الذى نحتاجه اليوم، وهذه هى ركائزه ومحاوره، وتستطيع المرأة أن تؤدى دورها على أفضل وجه فى هذه المهمة، خاصة أن مصر بها عالمات وصاحبات رأى وفكر ومثقفات، وقبل كل هؤلاء، لدينا الأم المصرية بحكمتها وفطرتها تستطيع أن تكون هى النواة الأساسية والأولى فى ذلك، وتكون بمثابة المصباح الذى يوقظ المجتمع ويذهب ظلامه وظلماته».
مقومات عديدة تتميز بها المرأة وتجعلها قادرة على التصدى لمجال الدعوة الدينية والمساهمة بفاعلية فى إحداث التغيير المطلوب، لا سيما فى قضايا المرأة والطفل والمجتمع والعلاقات الأسرية التى تشمل جزءاً كبيراً من الدعوة والفقه، بحسب ما أكدته الدكتورة عفاف النجار، عميد كلية الدراسات الإسلامية السابقة بجامعة الأزهر، التى دعت للتوسع فى هذا المسار، وتقول: «هناك حاجة ملحة للداعية السيدة أكثر من الرجل فى هذا التوقيت، لأنها أجدر على الحديث إلى النساء اللائى يمثلن قوة الدفع الأكبر فى المجتمع، وأجدر أيضاً على التصدى لمسائل الأسرة والعلاقات الاجتماعية، وهو ما نحتاج إليه حالياً»، وشددت على أن الدعوة الدينية حرمت من دور المرأة بالصورة المطلوبة على مدار عقود مضت، والسبب فى ذلك سيطرة مذاهب وأفكار بعينها لا تعترف بدور المرأة ولا كفاءتها لهذه المهمة، وهذه واحدة من أزمات الخطاب الدينى، وأضافت: «إفساح المجال للمرأة، وإعطاؤها المساحة الكافية للقيام بهذا الدور، من شأنه إحداث التغيير المطلوب وتطوير الدعوة والخطاب بالشكل الذى نحتاجه، شريطة أن يتوافر للمرأة العلم والخبرة».