مباحثات بين محمد السادس وبوتين في موسكو.. وآفاق واسعة للتعاون بين البلدين

كتب: وفاء صندي – الرباط

مباحثات بين محمد السادس وبوتين في موسكو.. وآفاق واسعة للتعاون بين البلدين

مباحثات بين محمد السادس وبوتين في موسكو.. وآفاق واسعة للتعاون بين البلدين

يجري العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم، محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيترأس بعدها قائدا البلدين حفل توقيع مجموعة من الاتفاقيات الثنائية، وذلك في اطار الزيارة الرسمية التي يجريها محمد السادس إلى موسكو والتي تستغرق 4 أيام.

وتعد زيارة محمد السادس إلى روسيا الثانية من نوعها منذ اعتلائه سدة الحكم في البلاد، بعد زيارة سابقة إلى موسكو في أكتوبر عام 2002، والتي تم خلالها الإعلان عن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي توجت بعقد العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجالات الصيد البحري، والبحث العلمي، والفضاء، وتكنولوجيات الاتصالات.

وأكد سفير المغرب لدى روسيا، عبدالقادر الأشهب، أن العلاقات المغربية الروسية، تميزت على الدوام بطابعها الودي وبروح التشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، مشيدا في هذا الإطار بالتطور المطرد الذي تعرفه العلاقات الثنائية بفضل "التعاون الاستراتيجي القائم بين البلدين والنمو المتزايد في المبادلات الاقتصادية والتجارية والثقافية".

وأوضح الدبلوماسي المغربي، في تصريحات للوكالة المغربية الرسمية، أنه خلال هذه الزيارة سيتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات التي من شأنها العمل على تطوير ودعم التعاون والشراكة الاقتصادية والتجارية بين البلدين والرقي بها.

وأكد "الأشهب" أن الشراكة الاستراتيجية المغربية الروسية ترمي إلى توطيد العلاقات الثنائية وفتح أفاق جديدة وواسعة للتعاون، حيث تفسح المجال لكي تتعدى التعاون التقليدي الذي كان ينحصر على الصيد البحري والمعاملات التجارية، لتشمل مجالات جديدة كتكنولوجيات الاتصالات والبحث العلمي والتقني والمسح الفضائي ومجال الفضاء واستخداماته العلمية والتكنولوجية والاقتصادية، فضلا عن المشاريع الكبرى التي تهم الهندسة المدنية والتجهيز والطاقة والمعادن والفلاحة والسياحة.

في نفس السياق، اعتبر الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، "أن الهدف الأساسي من هذه الزيارة يكمن في تعزيز روابط الصداقة التقليدية بين المغرب وروسيا، وتوطيد التعاون المثمر في كافة المجالات التي تنص عليها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين التي تم التوقيع عليها خلال أول زيارة رسمية لصاحب الجلالة لروسيا سنة 2002".

وأضاف الدبلوماسي الروسي، في تصريحات إعلامية أن "هذه الزيارة تعطي فرصة للزعيمين للتباحث في القضايا الملحة خاصة التطورات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، موضحا في هذا الصدد "أن هناك الكثير من الهموم المشتركة تتطلب إيجاد الحلول المناسبة في المنطقة وتوحيد الطاقات والجهود في إطار مكافحة الإرهاب العدو المشترك للبلدين وللمجتمع الدولي".

وفي تحليله لهذه الزيارة وفي هذا التوقيت، يرى رئيس "المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات"، عبدالرحيم المنار أسليمي، أن "طلب روسيا يتزايد على التعاون مع المغرب، القوة الإقليمية المغاربية والجنوب - متوسطية المستقرة"، مشيرا إلى أن "روسيا تحتاج إلى علاقات سياسية وأمنية مع المغرب، رغم وجود علاقات كلاسيكية بين موسكو والجزائر".

ويرى أسليمي، في تصريح لـ"الوطن" أن "الروس يفكرون استراتيجيا في كون العلاقات الكلاسيكية التقليدية مع حليفهم القديم الجزائر، لم تعد كافية لتأثيرهم في شمال وغرب إفريقيا وغرب المتوسط، لذلك يبحثون عن توسيع العلاقات مع المغرب، من خلال فرصة هذه الزيارة الرسمية للملك محمد السادس إلى موسكو".

ويضيف أسليمي بأن "الزيارة الرسمية للملك محمد السادس إلى روسيا، تأتي في سياق دولي وإقليمي متغير، باتت فيه روسيا قوة دولية كبرى مؤثرة في القرار الدولي، وتحتاج للوصول إلى كل المناطق الجيو ـ استراتيجية المؤثرة في النظام الدولي".

وأكد أن "روسيا تسعى إلى تدعيم التعاون الأمني، وتبادل المعلومات مع السلطات الأمنية المغربية في مكافحة الإرهاب، كونها تتوقع عودة المقاتلين الروس الذين كانوا في الأراضي السورية إليها، وهو نفس الهاجس الأمني الموجود لدى الأمنيين المغاربة بخطر عودة المقاتلين الإرهابيين من سوريا"، حسب تعبير أسليمي.

في سياق متصل، أكد عبدالفتاح بلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية، في تصريحات صحفية، أن "زيارة الملك محمد السادس إلى روسيا تأتي في ظروف خاصة من الناحية الاقتصادية بالنسبة للمغرب، بعد قرار محكمة العدل الأوروبية بشأن الاتفاق الزراعي، وموقف المغرب من هذا القرار، الذي ذهب إلى حد قطع اتصالاته مع الاتحاد الأوربي، ومن الناحية السياسية إثر "واقعة بان كي مون''، مضيفا أن "أن هذه الزيارة لا يمكن أن تستثني هذين البعدين من الناحية الواقعية".

وأضاف "بلعمشي" أن الدبلوماسية المغربية تسعى إلى توسيع قنوات تصريفها، معتبرا أن الإبقاء على الشركاء التقليدين أمر مهم، لكن لابد من البحث على منافذ أخرى.

 

وأشار، ذات المتحدث إلى أن المغرب انتهج هذه السياسة في إفريقيا وآسيا، خصوصا وأن المغرب أصبح يعاني من طرف شركائه التقليديين بسبب عدم "تقديرهم" لموقعه الإقليمي، كدولة حافظت على حد أدنى من الاستقرار بعد الربيع العربي، وكشريك في القضايا التي تعتبر إشكالات دولية منها "محاربة التطرف والإرهاب والهجرة"، وكدولة تحاول على الأقل أن تتقدم بخصوص الإصلاحات السياسية بالمقارنة مع دول مماثلة.

وخلص "بلعمشي" إلى أن "الزيارة ستكون مفيدة ومربحة"، إذا ما تعززت العلاقات الاقتصادية مع روسيا، و"إذا استطاع المغرب انتزاع موقف سياسي بخصوص قضية الصحراء، علما بأن روسيا عضو دائم في مجلس الأمن الدولي،  وأيضا إذا تم استثمار المنافسة الروسية الأوروبية، بالخصوص على منطقة شمال إفريقيا بشكل ذكي".


مواضيع متعلقة