فقر الفكر من «عبدالظاهر» لـ«أردوغان» لـ«سعد»

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

■ حينما ترى استيلاء محافظ الإسكندرية بقوة سلطاته على الدور الأول فى مبنى المركز الإقليمى لصحة وتنمية المرأة فى منطقة الأزاريطة، وسعيه لأن يحتل مكتبه هذا الطابق، لأنه أكثر جمالاً وأناقة من مكتب جنابه فى مبنى المحافظة! وحينما تسمع تبريرات المحافظ عن ذلك الفعل بأنه لم يتعد القانون، لأن المبنى يتبع المحافظة، ولأنه عضو فى إدارة المركز بصفته! فتذكر كاتبنا العظيم الراحل الطيب يوسف إدريس، حينما كتب واحداً من أهم كتبه «فقر الفكر وفكر الفقر»، لأنه ينطبق على تفكير السيد المسئول، الذى لم يدرك أنه بفعله يخالف القانون، لأن المبنى لا يتبع المحافظة بفعل أنه ثانى أهم المبانى الأثرية فى الإسكندرية بعد قصر رأس التين، كما أنه مركز لا يتبع المحليات ويتمتع بمكانة فرضتها تمويلات الدول المانحة، ليتمكن من استقبال النساء المريضات، وأنه بفعله يسىء لسمعتنا مع الدول المانحة فى الخارج. ولاحظ أيضاً أن المحافظ ضرب للمواطنين بالإسكندرية أسوأ مثل فى احترام القانون وتطبيقه برسالة مفادها لو أنك تمتلك أى سلطة أو قوة، فلتفعل ما تريد واضرب بالقانون عرض الحائط وطبق قانونك فى وضع اليد، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء! وتيقن أن السيد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، لم يفقد فقط صوابه فى فهم القانون، ولكنه فقد أيضاً قوة المنطق، حينما قال إنه وبصفته عضواً فى إدارة المركز، فله الحق فى الحصول على مكتب فيه، لأن ذلك غير صحيح، وإلا سعت كل جهة ممثلة فى إدارة المركز للحصول على نصيبها من المبنى بمنطق «عايز حقى»! بجد عيب.

■ وحينما تسمع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان يهدد بإغلاق المحكمة الدستورية، لأنها أفرجت عن صحفيين قُبض عليهم من صحيفة «جمهورييت» لنشرهم فيديو يظهر مسئولين أتراكاً، وهم يدعمون ميليشيات مسلحة فى سوريا بالسلاح، فتذكر ما فعله الإخوان عند محاصرة المحكمة الدستورية فى القاهرة لمنع القضاة من ممارسة عملهم المنصوص عليه فى الدستور.

■ وحينما تقرأ بيان البرلمان الأوروبى حول واقعة مقتل الشاب الإيطالى «جوليو ريجينى»، ومطالبته مصر بضرورة التعاون مع الأجهزة الأمنية فى إيطاليا، واتهامه لمصر بانتهاك حقوق الإنسان وتكرار حالات الاختفاء القسرى. فاعلم أن التاريخ يعيد ذاته دوماً ببحث المحتل عن مسمار دائم له فى بيتك، تماماً كما فعلت بريطانيا فى يونيو 1882، حينما وقعت حادثة المالطى، الذى رفض منح الأجرة المتفق عليها لمواطن سكندرى نظير إيجار حماره. تلك الحادثة التى انتهت بضرب الأميرال سيمور قائد الأسطول البريطانى سواحلنا بنفس منطق حماية حقوق الأقليات والأجانب.

■ وحينما تسمع تصريحات سعد الدين إبراهيم عن ضرورة الإفراج عن محمد مرسى، وقيادات الإخوان ومسامحتهم فى قضايا العنف وإعادتهم للعمل العام لتطبيق مبدأ المصالحة! فتيقن من استمرار محاولات العراب لإثبات حسن ولائه لمن يحركونه ضماناً لاستمرار مصدر دخله، فبغض النظر عن الاعتراف الفعلى فى تصريح سعد بممارسة الإخوان للعنف، إلا أن السؤال المنطقى لسعد ومن على شاكلته من عملاء الفكر: هل تطبق أوروبا والدول المتقدمة مبدأ المصالحة والإفراج غير المشروط على من مارس العنف فى بلادهم؟ وهل جوانتنامو، التى تضم فى جنباتها متهمين دون محاكمة منذ 13 عاماً دليل على تلك الديمقراطية؟ وهل يقضى عمر عبدالرحمن المتهم فى تفجيرات 1993 فى أمريكا إجازة استجمام فى سجون العم سام؟ وهل يحصل من ألقت أمريكا وفرنسا وبريطانيا القبض عليهم لمجرد تعبيرهم عن أفكار عنيفة على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى على دورة تدريبية فى سجون بلادهم؟ وادع ربك أن ينقذنا من فقر الفكر، وفكر الفقر أياً كان مصدره.