ورنيش ودوكو وميكانيكا.. تحيا «الست الصعيدية»
![«صيصة» ماسحة الأحذية التى كرمها «السيسى»](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/5019337471457382907.jpg)
«صيصة» ماسحة الأحذية التى كرمها «السيسى»
رغم التحديات الكثيرة، والعادات والتقاليد الخانقة، قهرن كل الظروف، وحولن التحديات إلى قصص نجاح أصبحت حديث الشارع، واكتسبن احترام الجميع.. «صيصة أبودوح، ونوسة، ولقاء الخولى».. سيدات منهن من أجبرت على مهن صعبة لا يمتهنها إلا الرجال، بعد أن تخلى عنهن المجتمع الصعيدى، على غير العادة، واختار بعضهن هذا الطريق ليخضن تجربة غير مسبوقة.
«صيصة أبودوح»، عاشت 44 سنة فى ثياب الرجال لتربية ابنتها، ملامحها الحادة وصوتها الخشن وجلبابها الصعيدى والعمّة لا يمكن أن تجعلك تتخيل أنها تخفى خلفها سيدة تزوجت وحملت ووضعت وعاشت حياة الزوجات أو السيدات يوماً ما.. أكثر من 4 عقود مرت ولا تزال «صيصة أبودوح النمر»، 68 عاماً، ترتدى الجلباب الصعيدى والعمّة والحذاء الرجالى: «اتعودت عليه، ما اللبس ده يا ولدى اللى خلانى أرفع راسى وأربى بنتى».. هكذا حكت الحاجة «صيصة»، كما يلقبها سائقو موقف أرمنت، الذين يُلمعون أحذيتهم فى «كشك» صغير تبرّعت لها به إحدى الجمعيات الخيرية بعد أن تورّمت قدماها من «اللف» فى شوارع المدينة طوال 44 سنة بصندوق ورنيش لتحصل فى نهاية اليوم على جنيهات قليلة تساعدها فى تربية ابنتها اليتيمة، بعد وفاة زوجها، وهى فى ريعان شبابها.
تكمل: «نزلت أشتغل فى مصانع الطوب القديمة.. كنت باشيل القروانة مليانة أسمنت وأشولة رمل وتراب على كتفى لحد ما ورمت، وكنت أطلع قبل صلاة الفجر وأرجع العصر بـ3 جنيهات، «قعدت 18 سنة فى شغل المعمار لحد ما تعبت، ونصحنى أولاد الحلال أجيب صندوق ورنيش وألمّع جزم الناس فى شارع المحطة وقدام المعبد. أما لقاء الخولى، الجميلة التى حوّلتها الصدفة إلى العمل فى مهنة «الميكانيكا»، وهى فتاة صغيرة لم تتجاوز 11 عاماً، فهى ابنة مدينة إسنا جنوب الأقصر.. «لقاء»، أُعجبت بمهنة أبيها، واستغنت برغبتها عن اللعب مع زميلاتها بالشارع لتعلم هذه المهنة الصعبة حتى «شربت» المهنة، وأصبحت أول ميكانيكية فى مصر.. عقد كامل تقريباً قضته فى هذه المهنة، استبدلت خلاله شحوم السيارات بالمانيكير، و«العفريتة» بالفساتين، وأصبح السائقون يحضرون للورشة من مدن بعيدة لإصلاح أعطال سياراتهم.
ورغم ثقل المسئوليات والهموم، ترتسم الابتسامة دائماً على وجهها، الذى تظهر فيه «نقط» من الألوان الخاصة بدهان السيارات.. أمينة جابر، 45 سنة، أجبرها مرض زوجها المزمن وعدم قدرته على العمل فى ورشة الدوكو الصغيرة، بمنطقة الدير جنوب الأقصر، للقيام بمهمتين، كلتاهما مر، تربية الأولاد ومراعاة الزوج المريض وتدبير احتياجات المنزل والعمل فى ورشة الدوكو، ليصبح اسمها المتداول فى ما بعد «نوسة دوكو».