أمل «قويسنا» يتحول إلى «كابوس»: قمامة المصنع تحترق قبل إعادة تدويرها

كتب: أحمد العميد

أمل «قويسنا» يتحول إلى «كابوس»: قمامة المصنع تحترق قبل إعادة تدويرها

أمل «قويسنا» يتحول إلى «كابوس»: قمامة المصنع تحترق قبل إعادة تدويرها

مئات الأطنان من القمامة تتراص فى تلال يصل ارتفاعها إلى نحو 6 أمتار، فى مساحة تبلغ 4 آلاف متر، هى مساحة مصنع تدوير القمامة بقويسنا، وخارج حرمه تصطف عشرات العربات والجرارات المحملة بأطنان إضافية فى انتظار الدخول وتفريغ الحمولة لتعاود دورتها فى جمع القمامة من قرى المركز.

على بعد كيلومتر تقريباً تقودك إلى المصنع ترعة أقيم لها ساتر كبير من القمامة، وكأنها لوحة ترشد قاصدى المصنع وينتهى هذا الساتر بالجسر العابر للترعة نحو بوابة المصنع الكبير الذى لم يكف أهالى المركز بقراهم عن شكواهم منه، وسط اتهامات بالفساد من جانب عدد من الأهالى ونائب البرلمان عن الدائرة.

عندما زارت «الوطن» المصنع، تصادف وجود اللواء عبدالسلام عبدالبارى رئيس مجلس المدينة، متابعاً سير العمل داخل المصنع المتوقف موجهاً العاملين فيه بإطفاء بؤر الأدخنة الناتجة عن الاشتعال الذاتى للقمامة، فى حضور مدير المصنع وعدد من موظفى مجلس المدينة، ويروى أسباب توقف المصنع وعدم قدرته على العمل والإنجاز بسبب البيروقراطية التى تقيد العمل والتطوير داخل المصنع، من قيود على شراء معدات جديدة، أو إصلاح المعدات القديمة المتهالكة، وحتى الأعطال الطارئة التى تستدعى تدخلاً سريعاً لعدم إيقاف منظومة العمل، وأوضح أن القوانين القديمة التى تحكم العمل لا تصلح لمواكبة التطورات والأعباء المتزايدة على المصنع، معلقاً بقوله: «المصنع عطلان بسبب جرار باظ ومش عارفين نصلحه لأن مفيش مرونة فى القانون اللى تخلينى أقولهم صلحوه فى نفس اليوم علشان نكمل الشغل فى ساعتها، لازم تعمل مذكرة وبيان أسعار وقصة كبيرة»، مشيراً إلى أن ما يستطيع القيام به وأولوياته كانت إخماد أعمدة الدخان التى تتصاعد من تلال القمامة والتى تسبب الضرر لأهالى القرى المحيطة بالمصنع، مؤكداً أن الاحتراق يكون نتيجة البكتيريا ودرجة الحرارة وغاز الميثان الذى يتسبب فى سخونة وحرق بعض الأكوام ما يتسبب فى تصاعد كثيف للدخان».

ويضيف رئيس المدينة، أن المصنع يواجه صعوبات كثيرة على رأسها طاقته الإنتاجية التى لا تتناسب مع حجم القمامة التى يستقبلها المصنع كل يوم التى تبلغ 200 طن، فى الوقت الذى تصل الطاقة الإنتاجية القصوى فى المصنع 50 طناً فقط يومياً، وأوضح أن باقى الكمية تتراكم فى تلال ضخمة وبفعل الضغط والحرارة تحدث حرائق وتصاعد الدخان المتسبب فى الأزمة، وأشار إلى أنه عند إنشائه فى 2011 كان الهدف هو تدوير القمامة التى تجمع فى مقلب ضخم، لكن تحول القرى الريفية إلى حضر بعد الثورة مباشرة زاد من كمية القمامة التى كانت تُجمع فى السابق، متابعاً: «البيت اللى كان دور واحد والفلاح كان بياخد الروث يرميه فى الأرض علشان الزرع، دلوقتى بقى 4 و5 أدوار وبيجيبلنا الروث مخلفات وهو يشترى سماد جاهز».

وبسؤاله عن الاستفادة من المواد العضوية قال: «إن ثمن طن السماد 70 جنيهاً، فلماذا يجمع الفلاح الروث ويتعب نفسه، لمّا ممكن ييجى يشترى 2 طن على عربيته ويروح يبدرهم فى الأرض ولا يوجع دماغه ويلم الروث كل يوم ويروح يرميهم فى الأرض»، وأشار إلى أنه تولى رئاسة مجلس المدينة فى مايو الماضى، وطلب من محافظ المنوفية مليون جنيه للقضاء على الأزمة التى كانت فى أوجها من شكاوى المواطنين من الحرائق المستمرة فى تلال القمامة، وأن المحافظ صدق على المبلغ، وأجّر معدات لنقل تلال القمامة ودفنها بالمدفن الصحى بالسلام، وقال: «قولت له فى كارثة هنا وطلبت المبلغ ودفنت الطن الواحد بـ60 جنيه»، وأوضح أن معظم المخلفات التى يستقبلها المصنع هى روث حيوانات ومخلفات زراعية من الأرياف، وليست بها مواد بلاستيكية وصلبة يمكن الاستفادة منها وجمع أموال كبيرة كما يتخيل الناس، قائلاً: «الناس فاكرة إن الزبالة دى بتخرج دهب، طب أنا طارح المشروع على القطاع الخاص وعايزه يشاركنى ونشوف بيكسب أد إيه».

ويضيف «عبدالبارى»، إن حل أزمة المصنع المتوقف والدخان المتصاعد والحرائق، يحتاج مبالغ مالية كبيرة لتوسيع رقعة المصنع بشراء قطعة أرض مجاورة مساحتها 4 أفدنة وزيادة طاقته الإنتاجية بخط إنتاج جديد وإصلاح الخط القديم بمعداته، وأشار إلى أن المهندسين فى الإنتاج الحربى والخبراء ووفد من كلية الهندسة بجامعة شبين الكوم اتفقوا على هذه الحلول، إلا أن تنفيذه يحتاج إلى موافقة من مجلس الشعب نفسه، وعلى نواب الدائرة التقدم بهذا المشروع لتصديقه والبدء فى تنفيذه، وأشار إلى أن قانون 89 لسنة 1998 يعطل سير العمل، قائلاً: «لو حاجة باظت وأنت صلحتها كده بسرعة علشان تمشى الشغل يقولك فين بيان الأسعار وماخدتش ليه الأرخص حتى لو كانت جودته أقل، يقولك لا الأرخص القانون بيقول كده، ولو جبت بسرعة من واحد هنا يقولك إشمعنى ده ممكن تكون عارفه وهو جارك، ونقعد نشكك فى بعض».

ويقول حمدى ناصف، مدير المصنع، إن الأزمة تحتاج إلى موارد مالية لزيادة عدد العمالة التى تبلغ فقط 24، منهم 8 عمال و6 سائقين و4 حراس ليليين، و4 موظفين، وأشار إلى أن المصنع متوقف منذ 3 أيام بسبب عطل فى اللودر المسئول عن نقل القمامة من الأرض إلى سير التدوير، وبسؤاله عن عدد اللودرات الموجودة بالمصنع، أوضح أنها 3 وجميعها بها أعطال، وكان آخرها الذى توقف عن العمل منذ 3 أيام، ولا يستطيع إصلاحه إلا ببيان أسعار، ويستغرق وقتاً وفقاً للقانون.

من جهته رفض أحمد رفعت، النائب بمجلس الشعب عن دائرة قويسنا، مقترحاً بزيادة الرسوم الشهرية التى تفرض على الأهالى نظير جمع القمامة لحل أزمة المصنع فى تصليح معداته والخط القديم له، ولشراء خط جديد وتوسيع رقعته، وأشار إلى أن الأزمة نابعة من وجود فساد وسرقات من داخل المصنع، وأن الطلب بزيادة الرسوم إلى 20 جنيهاً على الأهالى غير منطقى طالما لم يقدم المصنع أوراقه بشفافية، وتكلفة المعدات التى يحتاجها من خلال دراسة جدوى بطريقة علمية، مشروطة بتقديم تقرير عن الأموال التى تجمع من الأهالى وإلى أين تذهب، وإن كان هناك بالفعل عجز فى ميزانية المصنع أم لا.

ويضيف «رفعت»، أنه مستعد لتقديم المقترح فى مجلس الشعب بزيادة الرسوم بشرط أن تعرض كل الموارد المالية سواء تحصيل الرسوم أو بيع منتجات المصنع، وأن يقوم الإنتاج الحربى بوضع خطة للتكلفة التى يحتاجها المصنع لإعادة تأهيله وتطويره، قائلاً: «طول ما فى غموض فى الموضوع لا يمكن أن تتحل المشكلة، أتحداك إن أى حد يطلع منهم سواء من المحافظة أو الوزارة يقول بيتحصلوا أد إيه من القمامة، لأن عارفين هانقول لهم بتودوا الفلوس فين»، وطالب بدراسة جدوى وطرح المشروع على الإنتاج الحربى الذى أعطى نماذج ناجحة فى كل المشروعات التى يدخلها، ثم بدء التشريع لبدء التنفيذ، محذراً من استمرار الأزمة دون حلها، ومهدداً باتخاذ إجراءات حاسمة تجاه الأزمة التى تهدد صحة 4 قرى هم «شرانيس، وقويسنا البلد، وكفور الرمل، وبجيرم»، قائلاً: «سأتولى الأمر بنفسى لو المشكلة ما اتحلتش».

 


مواضيع متعلقة