المستشار عبدالمنعم السحيمى: «50% + 1» لا تكفى لإثبات أن استفتاء الدستور تم بالأغلبية المُحققة لإرادة الشعب

المستشار عبدالمنعم السحيمى: «50% + 1» لا تكفى لإثبات أن استفتاء الدستور تم بالأغلبية المُحققة لإرادة الشعب
قال المستشار عبدالمنعم السحيمى، رئيس محكمة استئناف القاهرة رئيس نادى قضاة طنطا السابق: إن نسبة «50% + 1» التى أعلنت عنها الرئاسة لتمرير مشروع الدستور الجديد لا تكفى لإثبات أن التصويت تم بالأغلبية المُحققة لإرادة الشعب، وإنه لو ثبتت تجاوزات المرحلة الأولى فإن استفتاء الدستور «باطل».
وأضاف «السحيمى»، فى حواره لـ«الوطن»، أن تراجع المستشار طلعت عبدالله، النائب العام، عن استقالته دليل على وجود «ضغوط» مورست عليه من قبل الرئاسة للبقاء فى منصبه، وإلى نص الحوار..
* ما تعقيبك على تداعيات المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور؟
- أعتقد أنه كان ينبغى ألا يتم الاستفتاء على مشروع الدستور إلا عقب التوافق عليه، حسبما وعد رئيس الجمهورية، وأن هذا الانقسام الحاد سببه عدم التوافق بين فصائل الأحزاب المتناحرة؛ فبعضهم يحاول أن يستأثر بالدستور لتحقيق مصالح خاصة، والبعض الآخر يدافع عن الشرعية من منطلق صدور هذا الدستور بناء على توافق وطنى.
* وما المخرج الذى كان يتوجب اللجوء إليه؟
- كان يتعين، عقب تسليم مشروع الدستور من رئيس الجمعية التأسيسية لرئيس الجمهورية، أن يُمنح الشعب مدة شهرين حتى يتمكن من الاطلاع على الدستور واستيعاب مواده، إلا أن الرئيس أصدر فى نفس الجلسة الاحتفالية لتسلمه المشروع قراره بالدعوة لإجراء الاستفتاء، مما حال بين الشعب والتعرف على حقوقه وواجباته، وكذا سلطات الرئيس والمجلس التشريعى، وهو ما أربك المشهد السياسى وأوجد انقساما حادا بين مؤسسة الرئاسة وجميع فصائل المجتمع.
* وما رأيك فى التجاوزات التى رصدها المراقبون من إشراف موظفين على صناديق الاقتراع؟
- أعتقد أن اعتذار عدد كبير من القضاة ومجلس الدولة وأعضاء النيابة الإدارية عن عدم الإشراف على الاستفتاء ترتب عليه عجز فى عدد القضاة اللازم للإشراف على الاستفتاء، مما أدى إلى التصويت على مرحلتين، فضلا عن حدوث ارتباك فى عملية التصويت.
* وهل تتسبب هذه التجاوزات فى بطلان الاستفتاء؟
- إذا ثبتت هذه التجاوزات فمن شأنها أن تُبطل عملية التصويت برمتها؛ لأن الاستفتاء يتم على دستور، والدستور هو «أبوالقوانين» وأسماها، ومن ثم يتعيّن ألا تشوب عملية التصويت أى شائبة.
* البعض يرى أن اعتذار رئيس اللجنة العليا للانتخابات عن عدم الاستمرار فى الإشراف على الاستفتاء يُبطله.. فما ردكم؟
- لا أعتقد أن اعتذار المستشار زغلول البلشى يُبطل الاستفتاء؛ حيث عمله كان مجرد أمين عام، وليس هناك مانع من تعيين آخر خلال هذه الفترة، فهو، أى البلشى، لم يُعيّن باسمه، إنما بصفته.
* ما صحة إمكانية تمرير الدستور إذا وافق «50% +1» ممن يحق لهم التصويت؟
- هذه النسبة ضئيلة، ولا تكفى لإثبات أن التصويت على الدستور تم بالأغلبية المُحققة لإرادة الشعب، وكان يتعين أن تكون النسبة ثلثى عدد المقيدين فى كشوف التصويت؛ فلو افترضنا أن عدد المقيدين 50 مليونا، وطبقا لنسبة «50% +1»، ولم يحضر من العدد إلا 10 ملايين فقط، فهذا معناه أن المؤيدين 5 ملايين + 1، وهذا عدد غير كاف إطلاقا ولا يليق لتمرير الدستور.
* وكيف ترى الإشراف القضائى على الدستور عقب رفض قضاة مجلس الدولة، فضلا عن العديد من الهيئات القضائية، الإشراف؟
- أعتقد أن انضمام مستشارى مجلس الدولة لجبهة الرافضين للإشراف على الاستفتاء يعتبر ضربة قوية له، ولفتة مؤيدة لجموع القضاة الذين لم يشرفوا على العملية، فلو كان عدد القضاة 1000 من إجمالى 2000 أشرفوا فى المرحلة الأولى، فكيف سيدبرون الـ1000 الآخر؟
* وما تعقيبك على إشراف حركة «قضاة من أجل مصر» على الانتخابات رغم إعلان الوزارة عن عدم إشرافها؟
- هذا الاتجاه سيئ للغاية؛ فحركة «قضاة من أجل مصر» ليست لها أى صفة أو شرعية على الإطلاق، لكن أعضاء مجلس القضاء الأعلى ونوادى القضاة منتخبون، والمنتسبون لهذه الحركة لا يعبرون سوى عن أنفسهم، فضلا عن أن عددهم ضئيل جدا، فهم لا يزيدون على 300 قاض، خاصة أن عددا كبيرا منهم انتدبوا للعمل بالوزارة، وبالتالى لهم «مصلحة»، مع الأسف الشديد.
* كيف ترى عدول النائب العام عن استقالته؟
- تراجع المستشار طلعت عبدالله عن الاستقالة سيثير ثائرة القضاة جميعا، وليس أعضاء النيابة العامة فقط، كما أنه سيضعه فى محل تساؤلات، وسيصبح دليلا على تدخل السلطة التنفيذية فى أعمال السلطة القضائية، من خلال ضغوط مورست عليه من قِبَل مؤسسة الرئاسة، خاصة أن هذا من شأنه إدخال البلد فى نفق مظلم؛ لذلك أناشد المستشار أحمد مكى، وزير العدل، الاستجابة لطلب المستشار «عبدالله» الاستقالة والعودة إلى محكمة النقض، وعدم الأخذ بقرار العدول عن ذلك، حتى يُخرج مصر من أزمة لا أحد يعلم عواقبها الوخيمة.