الجزمة.. من «كمال» لـ«مرتضى» وبينهما «رأس عكاشة»

يقال إن فرحة المصريين بضرب نائب التطبيع توفيق عكاشة فى البرلمان بالجزمة تفوق فرحتهم بجول مجدى عبدالغنى فى كأس العالم، لا حديث لهم إلا عن كيف دخل «المطبِّع» إلى البرلمان وهو يردد «أنا دخلت محمولاً على الأعناق» واستقبال نائب «مصر» له بالحذاء.. وهوب فوق دماغه، صوت طرقة الحذاء على رأس نائب التطبيع كان أعلى من صوت رئيس المجلس وهو يتحدث عن رفض ما قام به النائب كمال أحمد، وأظن أن صوت الطرقعة لو نزل رنات موبايل هيكسر الدنيا ويقعد شركات الإنتاج فى البيت.

ما فعله النائب الوطنى المحترم كمال أحمد كان حديث كل المصريين، حتى من يختلفون معه فى الرأى ومن يرفضون اللجوء للعنف، قالوا إنه فعل ما كانوا ينوون فعله لو وُجدوا مع «المطبع»، كل مصرى غيور على وطنه شعر بنشوة خاصة، كل من يمتلك أدنى رصيد من الوطنية وكراهية إسرائيل انتابه إحساس بالسعادة وكأنه هو مَن فعلها.. فقط شخص واحد هو من رفض الموضوع.. شخص واحد من انحاز إلى نائب التطبيع.. شخص واحد من وقف إلى جانب صديق الصهاينة.. شخص واحد هو من وقف ضد فرحة شعب يشعر بمرارة ووجد من ينتقم له من نائب دنس كرامة الوطن بلقاء سفير إسرائيل والحديث معه والكلام عن العلاقات بين البلدين وتطبيعها.. شخص واحد لم يهتم بدماء المصريين التى سالت فى الحروب ولا جنودنا الأسرى الذين تم دفنهم أحياء فى حرب 1967.. شخص واحد لم يهتم بما يحدث من دولة عدوة تركز كل جهودها لنشر الفوضى وتسعى بكل ما تملك لإنهاك قوة مصر والقضاء عليها إن أمكن.. شخص واحد لم تتحرك داخله أى نخوة وطنية رغم هجومه الدائم على من يتصور أنهم «أعداء الوطن» وتوزيعه لاتهامات العمالة والخيانة يومياً على من يشاء.. هنا أنا أتحدث عن شخص واحد وقف ضد الموقف الشعبى الرافض لإسرائيل وللتطبيع معها هو المستشار مرتضى منصور رئيس نادى الزمالك، والنائب فى البرلمان.

رئاسة «منصور» لنادى الزمالك شأن آخر، لكن عضويته للبرلمان ورفضه لموقف كمال أحمد تضع علامات استفهام عليه وعلى البرلمان نفسه. علامات الاستفهام على مرتضى منصور تبدأ من علاقته بالوكيل الإسرائيلى للاعب «مايوكا»، وكيف تورط فى التطبيع الرياضى معه، وهو الأمر المرفوض شعبياً، فمهما كانت قوة ومكانة أى لاعب ودرجة احتياج النادى له، فلا يمكن أن يصل الأمر للتعامل مع وكيل إسرائيلى ولاعب انضم لنادٍ صهيونى، «مرتضى» الذى يحاول إنكار أى علاقة له بموضوع إسرائيل، فجأة وجدناه يقف ضد كمال أحمد، ويطالب بمعاقبته، وكأنه يخشى من اتهامه بالتطبيع ومن نفس مصير «عكاشة»، لا يعنينى هنا كلامه «الأخلاقى» عن أنه عيب حد يضرب حد بالجزمة، فأى حديث تليفزيونى لـ«مرتضى» لا يخلو أبداً من استخدام الجزمة كإحدى مفردات الكلام، حتى بات الراعى الرسمى للتهديد باستخدام الجزمة فى مصر.. وهو أمر غريب فعلاً أن يستنكر من ابتدع فن الهجاء بـ«الجزمة» من نفذ التهديد ضد شخص طبع مع عدو. مرتضى الذى رفع الحذاء فى وجود كبير ياوران رئاسة الجمهورية فى نهائى كأس مصر 2007 يستنكر ما فعله كمال أحمد.. مرتضى الذى كاد أن يكرر الأمر نفسه العام الماضى فى نهائى الكأس بعد أن رفض علاء عبدالصادق رئيس جهاز الكرة بالنادى الأهلى استلام ميداليات المركز الثانى فقال: لولا وجود كبير الياوران كنت حدفته بالجزمة.. ما يعنينى حقاً هو هجومه على رجل دافع عن المنطقة المحظورة لدى الشعب المصرى، ووقف أمام خط الدفاع الأخير ضد التسلل الإسرائيلى.

أما علامات الاستفهام على البرلمان فهى أيضاً تحتاج إلى إجابات كافية من رئيسه ومن لجانه المختلفة، لأننا أمام حالتين لنواب برلمان «30 يونيو» يتحركون بوضوح تام فى اتجاه التطبيع، هنا لا بد من وقفه، فالتطبيع خيانة والسكوت خيانة أكبر.