آلة الزمن تعود إلى الخلف، نحو 30 عامًا، طفل صغير يجلس مشدوهًا ومندهشًا أمام تلفاز ليشاهد برنامج "دنيا الأطفال"
زادته الحياة أعباء، فكالت له الدولة هي الأخرى ما فيه النصيب، مساعدة زهيدة حاول المواطن البسيط "مصطفى بهلول" أن تمنحه إياها الدولة بمعاش استثنائي، فتمت الموافقة على صرف 250 جنيهًا، فيما كان تغيير مقر سكنه سببًا في وقف الإعانة الصغيرة.
وجه شاحب لا يناسب سنه المتقدمة، وعيون تغرقها الدموع من آن لآخر، حين يتذكر حصاره الذى فرضته عليه الظروف، زوجة تلاحقه بخلافات كانت نتيجتها طرده من المنزل، وحصار آخر أبطاله طلبة وأمن باشتباكاتهم وغازاتهم المسيلة للدموع
تلاميذ يرفضون تحية العلم، مدرس يضرب طفلاً لارتدائه «تى شيرت السيسى»، طالبة ترفع شعار رابعة فى وجه مديرها، بنات يرقصن على أنغام «تسلم الأيادى»
يمكن أن يكون يوما عالميا لمكافحة الفساد، لكنه فى مصر يبدو عيدا لميلاده؛ ففى التاسع من ديسمبر سنويا تتجدد «عشرة العمر» بين مصر والفساد. فبحسب «مؤشر مدركات الفساد العالمى»
«الفترة الانتقالية» هى مرحلة بين نظامين، عرف المصريون المصطلح عقب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بإعلان الفترة الانتقالية وتحديدها فى 6 أشهر، طالت إلى عام ونصف العام قبل أن يقطعها «انتخاب رئيس مدنى» لتعود الفترة الانتقالية من جديد بعزل الرئيس السابق محمد مرسى.
«تواجه شبح البطالة، بلدك مش قادرة تأكلك، عيالك هيموتوا من الجوع، تعالى البيت الكبير، هيوفر لك فرصة عمل ولقمة حلوة».. ترجمة -غير حرفية- لفحوى الرسالة التى حملها إعلان إسرائيلى على أحد مواقع التوظيف الدولية،
عام ونصف العام من الهتاف والمصادمات، هدفها الأصلى كان مواجهة «محاكمة المدنيين عسكرياً»، بحكم كونها مادة «تحمل الشر المطلق»
منسيون، وعلى أقصى تقدير «مهمشون»، هكذا هو حالهم وصفتهم، أما الفعل الذى يطاردهم فدوماً يأتى مصطحباً معه الدماء، من خلال اشتباكات، فتنة طائفية، حادث قطار
بلحية بيضاء كثة، ووجه يشع نوراً، يقف الشيخ سعد الشلح على أعتاب مزلقان المندرة، ليقرأ الفاتحة على أرواح الضحايا وبينهم ابنه البكرى «معاذ»، معتبراً المكان «مقبرة جماعية» لزهور الحادث. تمنى الرجل الخمسينى أن تُصنع مقبرة واحدة تجمع «الشهداء»
نسمات الصباح تداعب الأفئدة، أصوات الصياح تتعالى، الرحلة «مدرسية»، لكن الإحساس مُفعم بفعل الحب والبراءة التى تكسو الوجوه، طريق ترابى غير ممهد، تلعب «أمل» مع رفيقتها «حبيبة» فى هدوء، يضحك «محمود» بصوت مجلجل
عقب شروق الشمس بلحظات تضبط ساعتك على «أيمن سيد» حاملا حقيبته المدرسية فى انتظار «ميكروباص» معهد نور الأزهرى النموذجى، الطفل الذى تخلف عن الدراسة يوم الحادث كتب له عمر جديد، بعدما أصر على النوم
يسير متحفزا، يلتفت يمنة ويسرة، بجلباب صعيدى رث، وذقن خفيف أبيض من هول ما رأى، وشارب خفيف يخط وجهه نصفين، الفقر حاصره طيلة نصف قرن، والقهر أكمل اللعبة قبل عام، داخل منزل متواضع يعيش عم «سيد عبده رضوان» عامل مزلقان المندرة
فى سرادق عزاء لا ينقطع، اختارت أن تقضى أيامها، غير أن الصبر يتجلى فى شخصها، كلما تعثرت قدماها بادرها الأمل، ليخفت بريقه سريعا. فى ذكرى أربعين زوجها، جاءها الخبر اليقين: «مبروك أنتِ حامل» كانت الجملة بمثابة القشة التى استندت عليها «هبة زين العابدين» الأم لطفلتين والأرملة التى فقدت زوجها قبل أيام فى طريقها لتصبح «أم الولد»، حضر «عربى» إلى الدنيا شبيها بأبيه، لذا حمل لقب العائلة «عربى محمد العربى»
لم يعش أحدهم ليبنى جنته على الأرض، بل حظوا بها فى السماء.. رحلوا تاركين عارا لم تزله حكومة وراء أخرى
مع دقات الثامنة صباحاً، يبدأ الطابور داخل معهد نور الأزهر النموذجى، بجزء مما تيسر من سورة «يوسف»، لكن بصوت طالب آخر غير «محمد هاشم»، أسطورة تلاوة القرآن، كما يصفه أصدقاؤه، الذى رحل مع شقيقيه «هاشم وأحمد»، المعلق لثلاثتهم صورة مهداة من والدهم «أشرف هاشم» للمعهد.
المقارنة بين المخلوع والمعزول، كانت الشغل الشاغل لكل متابعى محاكمة الرئيس السابق محمد مرسى أمس الأول، كلاهما اشترك فى مواقف عدة، بدءاً من مكان المحاكمة والاستعداد الأمنى المشدد لها
على غير المعتاد، تراصت السيارات على طول البصر، طابور منتظم، لكنه لا يعكس نظاماً قدر ما يعكس حركة غير طبيعية، فالموقف الذى يتزاحم فيه الركاب وتتنافس فيه سيارات الميكروباص على أسبقية الخروج
على جنبات الطريق المؤدى إلى أكاديمية الشرطة تتصاعد الأدخنة من عربة بدائية طالما كانت موجودة فى أماكن الاحتجاجات والصراعات الدامية طوال ثلاثة أعوام مضت
مرادف للراحة النفسية، مدعاة للألفة، صاحب أجواء مغايرة تبعث على الطمأنينة، أبواب السماء مفتوحة خلاله، هكذا يظل «يوم الجمعة» فى مخيلة المصريين، غير أنه بات استثنائياً عقب الثورة