سعى الشيخ يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، رئيس لجنة التحكيم فى النزاع، الذى نشب داخل جماعة الإخوان والانشقاق الخطير بينهم، سعى نحو لم الشمل، بالاستشارة والتشاور، مع عدد من العلماء والمشايخ، ورؤساء بعض الحركات الإسلامية الإخوانية وغير الإخوانية. أصدر الشيخ بياناً منذ أيام قلائل يبين فيه موقفه من الأزمة التى تمر بها جماعة الإخوان المسلمين، والتوصيات التى توصل إليها فى لجنة التحكيم التى يرأسها.
توسط الشيخ فى حل الخلاف داخل جماعة الإخوان، وعقد مع لجنة التحكيم سلسلة من اللقاءات المكثفة، التى استمرت لساعات طويلة ومتأخرة من الليل، استمعوا فيها إلى كل من الطرفين، وأدلى كل فريق بما لديه، ومنها مواقف مشينة فى حق الطرفين، فضلاً عن المواقف والأخطاء المشينة السابقة. فكيف يتنازعون سلطة بعدما أهملوا حكم مصر، وأساءوا إلى شعبه؟ لو كان هناك شىء من الحياء، لتوارى هؤلاء بما فعلوه عن الأنظار، واختلاق الأعذار.
أوضح الشيخ، رئيس لجنة التحكيم فى أزمة الجماعة، أن اللجنة تشغلها مصلحة مصر ونهضتها، والحرص على الجماعة ودعوتها، والحفاظ على بنائها ولحمتها، وقيامها بما يجب عليها.
توصلت لجنة التحكيم إلى ضرورة الأخذ بخمس توصيات لحل أزمة الجماعة، بعد تلك اللقاءات والمداولات، وبعد وقوف اللجنة على وجهات النظر المختلفة، ورؤية الفريقين وأسباب الانشقاق وفيما يلى التوصيات:
أولاً: التمسك بوحدة الصف، واجتماع الكلمة، والعمل من أجل تحقيق أهداف الجماعة وتعزيز أدائها، ورأب الصدع الواقع بين أبنائها، بما يمكنها من مواجهة التحديات الكبيرة، التى تشهدها مصر والمنطقة من حولها.
ثانياً: المحافظة على مؤسسات الجماعة، فى ضوء تطوير لوائحها، واستكمال مكوناتها، وحسن استثمار طاقات أبنائها وإمكاناتهم، مع التأكيد على مزيد من العناية والاهتمام بمشاركة الشباب والمرأة.
ثالثاً: الالتزام بالمسار الثورى السلمى المقرر والمعتمد من قبل مؤسسات الجماعة وقيادتها، وعلى رأسها فضيلة المرشد ومجلس الشورى العام، متعاونين مع شركائنا من القوى المصرية المخلصة.
رابعاً: الإعداد لانتخابات شاملة لمؤسسات الجماعة فى الداخل والخارج، وإجراؤها بأسرع وقت ممكن، وفق لائحة تنظيمية يجرى التوافق عليها فى مؤسسات الجماعة؛ لتعزيز ثقة الجماعة والتفافها حول قيادتها، وتطوير رؤيتها، وتفعيل أدائها.
خامساً: وخلال هذه الفترة، وإلى حين إجراء الانتخابات، تمت دعوة جميع قيادات الجماعة إلى العمل والتعاون فيما بينهم فى إطار المؤسسات القائمة للجماعة، والصبر على بعضهم بعضاً، وإلى التوقف عن التراشق الإعلامى، وعدم إصدار بيانات وقرارات من شأنها تأجيج المشاعر وتعميق الانقسام، وأن يكونوا على قدر المسئولية فى نصرة إخوانهم، ومدافعة عدوهم». انتهى كلام الشيخ.
ومن الإنصاف أن نسأل الشيخ واللجنة الموقرة، ما التحديات الكبيرة التى تشهدها مصر والمنطقة، وما دور الإخوان فى ذلك؟ هل التحديات الكبيرة تتلخص فى السعى لتخليص مصر من «الانقلاب»، كما يظنون الثورة، التى كانوا سبباً فى قيامها فى 30 يونيو 2013؟ أم أن التحديات الكبيرة هى الإرهاب ودور قسم من الإخوان فى زيادة العمليات الإرهابية والدعوة لمواجهة الأمن والقوات المسلحة. أليس من التحديات الكبيرة الهيمنة الغربية والتدخل الغربى برئاسة الأمريكان، وتدخل الأتراك وغيرهم فى الشئون المصرية دعماً للإخوان؟، أليس من التحديات الكبيرة الإعلام المضلل الذى ترعاه تركيا للإخوان ضد مصر، وتشويه صورتها أمام العالم الخارجى؟ أليس من التحديات الكبيرة سوء أخلاق فريق كبير منهم؟
عندما يذكر الشيخ فى بيانه فى المادة ثالثاً: التعاون مع الشركاء من القوى المصرية المخلصة، فلنا أن نسأله عن معايير الإخلاص، وهل هناك أحد يعرف الإخلاص، إلا الله سبحانه وتعالى، وما رأى الشيخ فى الجبهة السلفية، والاشتراكية الثورية، الذين دعمهم الإخوان، ولو بالبيانات لإقامة ثورة المصاحف فى نوفمبر 2014، كما جاء فى بيان الجبهة السلفية، «ثورة لا تبقى ولا تذر»، وكأنها جهنم، ودعمهم لبيان الاشتراكيين الثوريين، وهو مجرد كلام فى الهواء.
وعندما يذكر البيان للإخوان أن الوحدة بين الفريقين المتصارعين هى فى صالح مدافعة عدوهم فى البند الخامس، فلنا أن نسأله من عدوهم المقصود؟. هل يقصد الشيخ أن إسرائيل هى عدوهم والهيمنة الأمريكية، أم يقصد أن عدوهم الشعب المصرى والنظام المصرى الذى وفقه الله تعالى للاحتفاظ بالوطن الموحد والمتماسك وسط التغيرات الهدامة التى تشهدها المنطقة، وما إذا كان الشيخ الكريم يريد لمصر مع الإخوان أن تصبح مثل سوريا أو العراق ودور الإخوان المأساوى معروف فى البلدين؟ وهل يتحمل الشيخ والإخوان، نتائج الإرهاب الذى يضرب مصر، والعنف الذى شجعه فضيلته من قبل ضد النظام القائم فى مصر وضد الشعب المصرى. من هو العدو؟
أقول للشيخ الموقر: لقد جاء بيانكم فضفاضاً، ولكن الانشقاق أكبر من ذلك البيان والصراع على السلطة داخلياً، كان متوقعاً، وخصوصاً بعد تجربة الإخوان فى الحكم، وأخطائهم البشعة المستمرة حتى اليوم. وأخطر التحديات الداخلية التى تواجه الإخوان غير ما أوضحناه من قبل، هو النمطية فى التفكير والصراع على السلطة والإمكانات الباقية لديهم وسوء قراءة الواقع. وأخيراً لو أن أحد الحكام أخطأ فى حكم شعبه مثلما أخطأ فيه الإخوان، هل سيكون هناك من ينادى ببقائه فى السلطة والقيادة؟ الإخوان فى أزمة، ليس للصراع الحالى الداخلى بينهم، بل لأنهم أساءوا إلى الوطن والشعب والدعوة ولا يدركون ذلك حتى اليوم؟ وللحديث صلة. والله الموفق