قضاة محكمة النقض لـ«الوطن»: ندافع عن «الشعب» قبل استقلال القضاء.. والإعلان الدستورى «منعدم»
للمرة الأولى فى تاريخ محكمة النقض، منذ إنشائها عام 1931، يقرر قضاتها تعليق العمل فى جمعية عمومية طارئة.
قضاة المحكمة تحدثوا لـ«الوطن» بعد قرار التعليق، مؤكدين أن ما دفعهم لذلك جلل الحدث، فالإعلان الدستورى الذى أصدره رئيس الجمهورية ينتهك حريات وحقوق الشعب، قبل أن يكون تعدياً سافراً على السلطة القضائية.
ووصف المستشار سمير مصطفى، نائب رئيس محكمة النقض، الإعلان الدستورى بأنه اعتداء سافر على القانون والقضاء، ومن حق المحاكم التى تنظر دعاوى إلغائه أن تبطله باعتباره عملاً مادياً هو والعدم سواء.
وأضاف مصطفى أنه ليس من حق رئيس الجمهورية أن يصدر إعلانات دستورية؛ لأن مرحلة الشرعية الثورية انتهت بانتخاب رئيس جمهورية. وقال إنه لأول مرة يعلق قضاة محكمة النقض العمل منذ إنشاء المحكمة؛ لأن الأمر جد خطير. من جانبه، قال المستشار مجدى عبدالرازق، نائب رئيس محكمة النقض، إن المحكمة لجأت إلى اتخاذ قرار تعليق العمل مضطرة إلى ذلك، فليس من المقبول أن يهب شباب القضاة ووكلاء النيابة العامة للدفاع عن استقلال السلطة القضائية وحقوق وحريات الشعب المصرى، ويظل شيوخهم فى محكمة النقض صامتين.
وأضاف أن الإعلان الدستورى عصف بالقضاء وجار على حقوق وحريات الشعب، ومن يتمعن فى قراءته سيجد نصوصه «كارثية» على هذا الوطن. وأشار إلى أن المستشار محمد ممتاز متولى، رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض، عرض خلال الجمعية العمومية للمحكمة ما حدث فى مؤسسة الرئاسة أثناء لقاء الرئيس بأعضاء مجلس القضاء، وأنهم طالبوه بسحب الإعلان الدستورى أو تعليق العمل به، إلا أنه رفض. وتابع عبدالرازق أن الخطوة المقبلة للتصعيد ستقررها الجمعية العمومية للمحكمة.
ورداً على حق وزير العدل الاعتراض على قرارات الجمعيات العمومية للمحاكم، قال إن القانون منحه صلاحية أن يعود لمجلس القضاء الأعلى لوقف هذه القرارات، ولكن المجلس بكامل أعضائه قالوا كلمتهم وعلقوا العمل، من خلال حضورهم فى الجمعيات العمومية للمحاكم التى يرأسونها. وأكد عبدالرازق أن القضاة لن يخالفوا القانون الذى أقسموا على احترامه وأنهم شركاء فى الحكم باعتبارهم سلطة من سلطات الدولة الثلاث، ولن يحنثوا بيمينهم من أجل الدفاع عن القضاء وحقوق وحريات الشعب. من جانبه، أكد المستشار محمود رسلان، نائب رئيس محكمة النقض وسكرتير عام نادى قضاة بنى سويف، أن محكمة النقض منذ إنشائها فى 2 مايو 1931 لم تدعُ لعقد جمعية عمومية طارئة سوى مرتين؛ كانت المرة الأولى للتصدى لمشروع القانون المقدم من المستشار طارق البشرى للمجلس العسكرى فى بداية أحداث الثورة والخاص بسحب اختصاصات المحكمة بالفصل فى صحة عضوية أعضاء البرلمان، مشيراً إلى انتهاء الأمر باستجابة المجلس العسكرى لها فى المادة 40 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011. وأضاف رسلان أن المرة الثانية عندما تصدت المحكمة لما يسمى بالإعلان الدستورى، وانتهت بقرار تعليق العمل بكافة دوائرها المدنية والجنائية مستثنية من ذلك الفصل فى مسائل الأحوال الشخصية.
وأشار رسلان إلى أن الواقعة الأولى دلالة على أن محكمة النقض لا تقول قرارات ولا تتخذ مواقف هباء، لافتاً إلى أنه خلال تاريخ المحكمة الطويل وأحكامها الراسخة تعد بمثابة تشريع، وأن اتخاذها هذا الموقف دليل على أن ما حدث هو موقف جلل.