نتحدث كثيراً فى جميع المحافل عن ضرورة تطوير خطابنا الإعلامى تجاه الغرب لتوضيح منهجنا فى التفكير ومعالجة الظواهر الاجتماعية والسياسية السيئة والسلبية التى ظهرت مؤخراً، سواء هنا فى مصر أو فى المنطقة العربية بشكل عام فى أعقاب ثورات الربيع العربى وما تلاها من إرهاب وصراعات داعشية، ولكننا إلى الآن لم نتعد الأحاديث والاجتهادات والمداولات دون أى تطوير أو وضع آلية للتفعيل، مع عدم الإلمام الحقيقى لدى الكثيرين بخطورة الاستمرار على ما نحن عليه، فنحن كمن يحدثون أنفسهم ليل نهار وليتنا نتفق على تصور فيما نطرحه بيننا، بينما كثيراً ما نعانى من تصدير خطابات متناقضة ومتضاربة سواء للداخل أو الخارج على حد سواء، فنختلف فيها حول أطروحاتنا تجاه الآخر بدلاً من الوصول إلى أفكار متقاربة تعبر عن واقعنا لنوجهها للآخر، على الرغم من أن تجديد وتنقية الخطاب الإعلامى لا يقلان أهمية عن تجديد الخطاب الدينى، سواء داخلياً أو خارجياً بل يجب أن يكونا فى مقدمة الأولويات إلا أنه إلى الآن مثلاً لم يتم العمل على إعداد أى برامج تليفزيونية فى أى من القنوات الفضائية المصرية تستهدف الغرب أو الآخر بشكل عام، لشرح المشهد المصرى بدقة وللتعبير عن حقيقة ما يعترى الوجدان المصرى من هموم ومخاوف تُجاه الإرهاب، وأيضا لشرح حقيقة ما يدور من أحداث نظراً لأهمية وضع ومكانة مصر الاستراتيجية والتاريخية سواء إقليمياً أو عالمياً، وقد ترجع الأسباب فى هذا إلى تركيز معظم القنوات على الجانب الربحى أكثر مما ينبغى، مما يضع لها أهدافاً وأجندات قد لا تتطابق مع الأهداف الوطنية الحقيقية أو العامة لمصر من خلال التكريس فى إنتاجها للأنماط الترفيهية والاستهلاكية أكثر من دونها، وأما الإعلام الرسمى فما زال يئن من جراحه وأعبائه المثقل بها مما يشتته فى بعض الأحيان عن أهداف مهمة قد لا تبدو على رأس أولوياته حالياً! ولكن وعلى الرغم من كل ما سلف فإن بعض الأولويات تفرض نفسها على الجميع كتجديد وتنقية الخطاب الإعلامى الموجه للخارج وللداخل كما ذكرت، ولكن على ألا يعمل كل منفرداً وبمعزل عن الآخرين وإنما فى إطار من التنسيق بين جميع المعنيين، خاصة أن معظم الإخفاقات التى تحدث لنا غالباً ما تكون نتيجة لعدم تنسيق وتوحيد الجهود بين مؤسسات الدولة أو الكيانات النخبوية، وبالتالى فإنها تذهب فى أغلب الأمر هباء، فعلينا تذكر أننا فى حاجة لشرح الكثير حول ظاهرة الإرهاب فى مصر وطبيعة الصراع مع جماعة الإخوان، كما أننا فى حاجة للتدليل على أن الرأى العام فى مصر يسير فى نفس هذا الاتجاه المقاوم للإرهاب والحريص على بناء الوطن، وفى حاجة أيضاً إلى توضيح وشرح أكثر لسلبيات الحكومة الإخوانية التى أتى بها الرئيس المعزول إلى مصر وكيف كانت تدار الأمور آنذاك وبشكل موثق ومباشر حتى أدى كل ذلك إلى خروج الشعب المصرى مطالباً برحيلهم، فنحن فى حاجة لبث أخبارنا وبشكل منظم للخارج وبدقة متضمنة كل ما يدور على الساحة السياسية والشعبية المصرية أولاً بأول، كما أننا أيضاً فى حاجة ماسة للتأكيد دون كلل أو ملل على أن الإرهاب قد يطال الجميع وقد يقضى على الأخضر واليابس إذا لم يتكاتف العالم والمنطقة العربية والإسلامية فى مواجهته، فنحن نتحدث عن تنظيمات إرهابية لا تتورع عن تفخيخ الأطفال قبل الكبار! إنها الحرب يا سادة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وشراسة وتعبئة وتبريرات! إنها الحرب التى سنندم كثيراً ذات يوم إذا ما تركنا ساحتها ولم نؤد دورنا فيها على أكمل وجه، كل من خلال موقعه، ومن هنا فلا مفر من تجديد وتنقية الخطاب الإعلامى كخطوة أولية على طريق طويل، كل ما علينا فقط هو أن نبدأ وفوراً لنشرح للعالم حقيقة ما يحدث على أرض المحروسة حفظها الله. وإلى اللقاء الأسبوع المقبل.