تحدثت من قبل عن عدم قيام وزارة التعليم بتنفيذ قرار التحفظ على مدارس الإخوان، وأخطر ما فى هذه المسألة هو أن جماعة الإخوان تستغل هذه المدارس فى عمل برمجة ذهنية للأطفال الصغار وللتلاميذ الأبرياء فتصنع منهم إرهابيين ينتظرون الدور والوقت ليتحول الواحد منهم إلى قنبلة مفخخة قابلة للانفجار فى وجه المجتمع فى أقرب فرصة، وكانت خطيئة الوزير السابق للتعليم أنه لغير سبب مفهوم لم يفعل شيئاً تجاه هذا الأمر، وظل الأمر على ما هو عليه مدة عام كامل، وهو ما يعطينا الحق فى المطالبة بمحاكمة ذلك الوزير قضائياً، ولكى أوضح لكم خطورة مدارس الإخوان يجب أن أدخل معكم إلى صفحات التاريخ لنرى المرشد الأول حسن البنا وهو يؤسس مدرسة «حراء» الإخوانية، وقتها كان يضع اللبنة الأولى فى تنظيم المدارس الإخوانية، لم يقم البنا باختيار اسم «حراء» لمدرسة الإخوان الأولى من باب المصادفة ولكنه كان متعمداً هذا الاختيار، فغار حراء هو الغار الذى خرج منه الدين الإسلامى.. هو الغار الذى كان بداية تلقى الرسالة.. نزل فيه سيدنا جبريل لأول مرة على النبى صلى الله عليه وسلم ومنه انطلقت رسالة الإسلام إلى العالمين.. كان حسن البنا يظن أن شمس الإسلام غابت ولكنها ستعود على يديه، وها هو الرسول الجديد يخرج من مصر، ولكى تنطلق الرسالة لا بد له من غار يكون هو بداية انطلاق الدعوة وليس أفضل من مدرسة يطلق عليها «حراء» وكأنها غار الدعوة!! ومن هذه المدرسة ظن البنا أن جيوش الإسلام التى سيكون هو قائدها ستنطلق كما انطلقت جيوش وجحافل ابن الوليد.
وعلى «خُطى الحبيب» البنا بدأت مدارس الإخوان الإسلامية تشق طريقها فى المجتمع المصرى فكانت مدارس «الجيل المسلم» ومدارس «الرضوان» ومدارس «المدينة» ومدارس «الجزيرة» وتحولت هذه المدارس إلى مصانع بشرية يتم فيها صناعة أجيال يتم التحكم فيها بـ«الريموت» بعد أن يقوم أولو الأمر من الإخوان بمسح عقولهم وتلقينهم أفكار الإخوان وتدريبهم بدنياً ورياضياً ليكونوا نواة لجيش قادم، جيش يظن أن مصر تقع تحت احتلال وأن كل ألوان الطيف السياسى والاجتماعى فى مصر هم أعداء الإسلام وأنه يلزم التدريب الجهادى انتظاراً لإشارة بدء الحرب المقدسة.. حرب الفتح الأعظم.. حرب نشر الإسلام.. وكأن الإسلام غاب واندحر -لا فُض فوهم- وكأن الإخوان هم رسل العصر الذين سينقذون مصر من جاهلية أشد وأنكى من جاهلية القرون الأولى - على حد قول محمد بديع مرشدهم القطبى التكفيرى.
تبدلت فى مدارس الإخوان تحية الوطن.. تحية العلم.. تحية الشرف والرجولة.. تغيرت التحية فى هذه المدارس الإخوانية، فبدلاً من «تحيا جمهورية مصر العربية» أصبحت التحية فى مدارس الجيل المسلم هى «يحيا الإسلام.. وطنى حبيبى هو الإسلام».. وبدلاً من نشيد بلادى بلادى لكِ حبى وفؤادى.. أصبح النشيد الوطنى هو «لم يعد إلا السلاح فاقتلوا جيل السفاح».. أو نشيد «بلادى بلادى اسلمى وانعمى ورب العقيدة لن تهزمى، ومن أكمل الدين للمسلمين» وبدلاً من أن ينشد التلاميذ فى حصص الموسيقى والأنشطة نشيد «وطنى حبيبى الوطن الأكبر» أصبحت الموسيقى حراماً وأصبح النشيد المعتمد فى الأنشطة هو النشيد الحماسى القتالى «لبيك إسلام البطولة كلنا نحمى الحمى» ونشيد «يا جنود الله سيروا واهتفوا تحت اللواء».
لم يكن أحد يمانع لو كان ما تبثه هذه المدارس فى عقول الصغار هو العلم والخلق القويم وحسن التدين، فكلنا نحب أن ينشأ أولادنا -مسلمين ومسيحيين- على حسن التديّن، ولكن كلنا يبغض التطرف والتنطع ووضع الدين فى غير موضعه الصحيح، كلنا يكره أن يتحول الدين إلى قنبلة شديدة الانفجار تجرف أمامها كل الخير.
لم يفهم الإخوان أن مصر بلد حر، بها مؤسسات وطنية حرة، لها جيشها الوطنى الذى يحميها ويذود عن حياضها.. مصر ليست بلداً محتلاً، وليس الإخوان فرقة وطنية تقاوم الاحتلال.. ولكنهم عاشوا تحت هذا الوهم.. وأورثوا الأجيال التى اؤتمنوا على تربيتها هذا الخيال المريض، لذلك لم يكن مستغرباً أن تقوم مدارس الرضوان بمدينة نصر بإجراء تدريبات قتالية عنيفة لتلاميذ صغار لم يتعد أكبرهم الخامسة عشرة من عمره، ولذلك أيضاً كان من الطبيعى أن تخرج جحافل من تلاميذ مدارس الجيل المسلم بالغربية إلى معسكرات عسكرية فى مرسى مطروح حيث يتم فى هذه المعسكرات تربية الصغار على مفاهيم القتال.
ولعل البعض يضع سؤالاً ساذجاً هو: جماعة تزعم أنها تمارس عملاً سياسياً داخل منظومة الوطن ما الذى يُلجئها إلى تدريب كوادرها منذ نعومة أظفارهم وفى مدارس تتبع وزارة التعليم على تدريبات قتالية عنيفة؟ ولماذا تقوم بتلقينهم تلك الأناشيد الجهادية القتالية، ولماذا تبث فى روعهم أنهم جند الله الذى سيسير على طريق النصر وسيعود الإسلام الغائب على أيديهم؟.. أما الإجابة فقد تكفلت بها «وثيقة فتح مصر» التى انفرد بكشفها الكاتب الصحفى الكبير الأستاذ حمدى رزق منذ أعوام والتى رأينا تطبيقها العملى يسير على قدم وساق بعد الثورة، ثم أصبح هذا الفتح هو واقعنا الذى نقاومه الآن، فحين وصلت الجماعة للحكم ظنت أنها تستنسخ تجربة سيدنا عمرو بن العاص وأنها ستُدخل الإسلام لبلد جاهلى العقيدة، وعندما ثار الشعب عليهم لم يجدوا أمامهم إلا التلاميذ والطلبة، طلبة يخرجون فى مظاهرات تخريبية تستهدف إسقاط الحكم، وتلاميذ صغار أبرياء يتم مسخ مشاعرهم، والحقيقة المروعة التى غابت عن وزارة التعليم هى أن الإخوان يكوّنون من أطفال المدارس جيشاً إسلامياً مهمته المقدسة هى الانضمام لجيش «فتح مصر» لكى يعيد فتح مصر من جديد ويخرج الشاطر وبديع ومرسى من السجن إلى القصر.. ولكن يغيب عن الإخوان دائماً أن الشعب ليس معهم ولم يكن معهم فى يوم من الأيام ولن يكون معهم، وأظن أن هؤلاء القراصنة المهاويس يغيب عنهم أو غاب عنهم أن مصر لمسلميها وأقباطها منذ أن فتحها عمرو بن العاص ولن تكون أبداً لهم، فهل ينتبه وزير التعليم الحالى ويقوم بتنحية الإخوان من إدارة تلك المدارس ويجعل إشراف الوزارة عليها كاملاً؟ لمصر وللإسلام أيها الوزير، فلتنقذ أولياء الأمور ومصر كلها من خديجة خيرت الشاطر ومدارسها ومدارس الإخوان.