ونحنُ أيضاً حملنا رؤوسنا على أكفنا وسرنا باتجاه السيسى، فليس وحده من أراح رأسه الغالى بين يديه سائراً به إلينا.. عدوه عدونا، قدره قدرنا، ومثلما تخبرنا دروس التاريخ بأن كل شعب يليق برئيسه، فذات الدروس تؤكد أن كل رئيس على قدر شعبه، كنا على قدر حسنى مبارك وقت أن حكم، وعلى قدر مرسى وقت أن غدر، وها نحن على قدر السيسى، شعب استفاق واختار وزعيم لبى النداء، فاللحظة الغائمة التى استبصر وتلمس كل منا -الشعب والسيسى قبل 30 يونيو 2013- فيها طريقه إلى الآخر هى لحظة قدرية بامتياز ليس لأحد -هو أو نحن- فضل فيها على الآخر، فليس فى الحب فضل ولا معروف.. هنا نستطيع أن نكتب حكاية شعب.. هنا نستطيع أن نفهم لماذا يحب كل منا الآخر لحد الهوس.
طيب.. هل كان فى مصر شعب محكوم آخر أيام مبارك ومرسى ليس هو شعب عبدالناصر والسيسى؟ يعنى هل جرى استبدالنا بشعب آخر الأربعين عاماً الماضيات؟ ﻷ، لكننا خلعنا رداء البلادة والبؤس والانكفاء، يحدث هذا فقط فى لحظات الحب العظيمة، وهنا -تانى- نستطيع أن نفهم لماذا يحب كل منا -السيسى ونحن- الآخر لحد هذا الهوس.
السيسى عايز يجيب لنا حتة من السماء السابعة، ونحن خرجنا للقائه من باطن سابع أرض إلى وش الدنيا، الطرفان متساويان إذن، منحنا الأمان ومنحناه الأمان، كلانا أنقذ الآخر وبنفس القدر والميزان، وهنا للمرة الثالثة نستطيع أن نفهم لماذا يحب كل منا الآخر لحد الهوس.
الشعب الذى وصفه يوماً ما أحمد نظيف، رئيس وزراء دولة المخلوع مبارك، باعتباره شعباً «صغنون ونغّة كميلة يا ناس» لم يتعلم الديمقراطية بعد هو ذات الشعب الذى سجن نظيف ورئيسه وصنع ثورة 30 يونيو.. كنا وقتها شعباً كسولاً خانعاً ما يتخيرش عن ضآلة فكر وهامة أحمد نظيف الأكثر طولاً فى مساجين طرة.
الشعب الذى قام من أجداثه بتراب الموت ليلة الثلاثين من يونيو العام الماضى بالملايين وكأنه يوم القيامة ينتظر من الله حساباً عسيراً على ذنوبه وخطاياه بمذلته وسكاته على حكام أقل شأناً وقدراً من شأنه وقدره هو نفسه ذات الشعب الذى خرج بملايينه خالعاً كفنه البالى مرتدياً ثوب العرس فى ليلتى 3 يوليو و26 من نفس الشهر، بل هو ذاته شعب مصر العظيم الذى منح السيسى اكتساحاً مذهلاً فى الانتخابات الرئاسية للمصريين بالخارج، وهو ما سوف يحدث الأسبوع المقبل فى الانتخابات الرئاسية للمصريين بالداخل، وهنا للمرة الرابعة نستطيع أن نفهم لماذا يحب كل منا الآخر لحد الهوس.
ولما قال لنا: انتو نور عنيّه قلنا له: بنحبك يا سيسى، ولما قال إنه هو وجيشه فداء لنا، قلنا له: تحيا مصر.
ليس هذا فقط، بل عليك أن تسأل عن الحب الذى أيقظ قلوب ملايين غيرنا، ليبيا وما يحدث فيها هذا الأسبوع والتى منحها الله ما يشبه حالتنا -سبحان الله- لتعيش لحظتنا وفرحتنا وتقاتل نفس عدونا بعد أن أدخلتها ورود الربيع العربى إلى حتفها المرسوم، وأنت هنا سوف تتحدث قريباً عن فرح جماعى، زفاف جماعى لشعوب المنطقة العربية تختار فيه الدولة حاكمها وفارسها وليس العكس. عدوى الغرام التى انتقلت من مصر إلى ليبيا بحكم اقتراب المريضين سوف تنتقل إلى السودان واليمن وتونس، ويقيناً قطر، إلى كل البلاد التى لوث هواءها ودماءها فعل الربيع العربى وفيروس الإخوان وميكروب أمريكا فى عملية تطهير ونقل دم للجسد العربى كله، وهنا للمرة الأخيرة نستطيع أن نفهم لماذا يحب كل من السيسى وشعب مصر الآخر لحد الهوس.