م الآخر| تقاطع قاهري (17).. النهاية
الساعة السادسة والنصف، استيقظ صبري لينزل مع أخيه لمقابلة صفا قبل ذهابه إلى المدرسة، انتظرها مع أخيه حتى نزلت من بيتها، كان صبري يريد أن يتحدث معها أمام البيت، ولكن طارق قال له انتظر، ليس هنا مكان الحديث.
سارت صفا ولم تنظر لهم بالمرة، وكأنها لا تعرف طارق، وسارت صفا كثيرًا وهم خلفها، حتى دخل قلب صبري الشك في كلام أخيه عن معرفته بها، إنها حتى لم تنظر له، وظن صبري فعليًا أن طارق يخدعه، وأنه موهوم بحب هذه الفتاة له.
ظلت صفا تسير إلى تجاه لا يعلمه صبري، وطارق وصبري يسيران خلفها، بدأت الأوهام تدور في رأس صبري وندم على أنه استيقظ مبكرًا، وفجأة دلفت صفا إلى الحارة التي في أخرها مكتبة شهيرة لتصوير المستندات، دومًا عليها زحام شديد.. وقفت صفا ثم نظرت لطارق الذي أقبل عليها، وتحدثت إليه ومن ثم تنفس صبري الصعداء وجاء يتحدث إليها مع أخيه، وهنا صدق صبري أخوه بعد إن شك فيه تمامًا، وأدرك أن أخوه الأصغر فعل ما لم يستطع فعله هو.
سألها صبري عن كل شيء يخص سعاد، فروت له كل ما تعرفه عنها وكانت المفاجأة التي تنتظر صبري وأسعدته جدًا، أن صفا كانت تملك صورًا لسعاد تحتفظ بها على جهاز المحمول الخاص بها، وأطلعته عليها، وشاهد صبري صورًا لسعاد بملابس البيت على محمول صفا، وإنها لجميلة فعلًا، ويظهر من شكلها أنها طيبة.
أعطي صبري جواب لصفا وطلب منها أن تعطيه لسعاد، ولكن صفا حذرت صبري من هذا الفعل، وقالت له أنك لو أرسلت لها جوابًا فلن تقبل خطوبتك، إنها تحب كل شيء في النور، ولا تقلق من كونها منتقبة فسوف تتحدث معها قريبًا وقت الرؤية الشرعية وكما يحلوا لك.
ينام حاتم منذ يومين تحت كوبري قريب من النيل، فكر في بيع محموله الخاص به، ولكن المحمول بالنسبة له ليس مجرد جهاز اتصال، إنه يشاهد عليه المشاهد الفاضحة التي يعشقها، والتي تلهيه ولو لدقائق محدودة عن ما يعانيه.. إن بيع المحمول الآن صعب جدًا، وكأنه رجل يبيع زوجته.
تأمل حاتم منظر النيل، وشرد بذهنه، ثم قال لنفسه "لم يعد لدي أمل في أي شيء، إني أسمع أجراس النهاية، أشعر بها تقترب مني وأنا أقترب منها، إنني تقريبًا لا أسمع غيرها".. اقتربت منه فجأة طفلة صغيرة من بنات الشوارع تبكى بشدة، كانت ممزقة الملابس وعورتها تكاد على شفا الظهور، وظهر من خلفها شاب يجري خلفها، شاب عاري كاشفًا عن عورته بمنتهى الجرأة، ويحمل في يده سنجه ومعه صديقين له، وأمامه حاول أن يعيد الكرة في محاولة اغتصابها أمامه.
ربما أثار المشهد شفقة حاتم، لكنه فضل أن يصمت، وأن يترك المكان تمامًا، ولم يحاول أن يعرف هل نجح هذا الشاب فيما أراده أم لا؟.. فكر أن يمارس حياته الطبيعية مع بنات الشوارع، لكنهم لا يحركون بداخله شيئًا.. صفا هي الوحيدة التي تحرك بداخله كل مشاعره المكبوتة، إنها دائًما تطارد تفكيره وتحل ضيفة على هواجسه وأحلامه، ورغباته!.. يجب أن يحصل عليها في القريب العاجل.
في النهاية لم يجد حلًا سوى التحامل على نفسه وبيع جهاز المحمول الخاص به.. وباع جهاز المحمول رغم أنه كان رافضًا للفكرة، واشتري بثمنه حقنة (gh)، إنها تزرع في المتدرب رغبة قوية في التهام الأشياء، فهي تجعل الإنسان كالثور، فمهما تعرض لآلام لن يشعر بها، ولم يكتفي بذلك، بل اشترى كذلك المقوي الجنسي الشهير الفياجرا، واستعد لما يخطط له!.
من يقرأ صحفية "الوطن" غدًا سوف يقرأ تلك الأخبار:
خبر عن استشهاد عدد كبير من الشباب في رحلة الهروب من البطالة بالقرب من سواحل إيطاليا
وسوف يقرأ أيضًا عن حادثة اغتصاب وقعت في الشارع لطالبة ثانوي تسمي صفا
تمت الحادثة أثناء عودتها من خطوبة صديقة لها اسمها سعاد، أما الذئب البشري الذي فعل فعلته واسمه حاتم فقد توفي أثناء قيامه بالاغتصاب، وهذا نتيجة حصوله على جرعات زائدة من المنشطات والهرمونات وحبوب الهلوسة، وقد تمت عملية الاغتصاب في وسط الشارع وأمام المارة، ودون تدخل من أحد!.