احظروا النشر من فضلكم!

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

صدمة أزمة المثليين ستظل تزلزل مجتمعنا حتى بدء خطة جادة للتصدى للمخطط الذى يستهدفنا جميعاً، والخطة التى نقصدها لا يمكن أن تكون إلا بالإعلان عنها صراحة وحشد الناس فيها صراحة أيضاً. ليس عيباً أن نعترف بأن مجتمعنا يتعرض منذ سنوات لمخطط لتفكيكه، وليس عيباً أن نقول إننا سنواجه ذلك! ورغم الإجراءات التى اتُخذت فى الساعات الماضية فإن الموضوع أكبر بكثير من حفل التجمع الخامس وما جرى فيه.. فهنا، وعلى هذه المساحة من هذه الصفحة بهذه الجريدة المحترمة وعلى مدار عدة حلقات عن مخطط «إفشال الدولة» تحدثنا عن خطة تفكيك المجتمع المصرى باستهداف قيمه التى هى حاصل جمع ثقافته ومعتقداته وما استقر فى وجدانه كواحد من أقدم مجتمعات الدنيا، ومن هذه القيم صاغ المصرى القديم حضارته وقدّمها للبشرية كأروع ما تكون.. ولذلك يقدم علماء الاجتماع فى الغرب دراساتهم وسيناريوهاتهم عن التفوق الصينى المقبل وأحد أهم أسبابه ليس الاقتصاد ولا السياسة فحسب وإنما لكون الصين بلداً صاحب حضارة عريقة!

وكل ما يجرى ضد مصر منذ ما يزيد على أربعين عاماً، كما لاحظنا، يؤكد أن هناك مؤامرة متعددة الأبعاد، حيث تبدلت قيم المصريين بعد الانفتاح من «العمل واجب» و«العمل شرف» و«العمل حياة» و«الادخار» إلى «اللى تغلب بيه العب بيه» و«معاك قرش تسوى قرش» و«اللى مش هيغتنى فى عهدى مش هيغتنى»، وتحول التئام الأسرة المصرية فى مواقيت الطعام إلى وجبات «التيك أواى» واستبدلت المشروبات الغازية الغربية بزجاجات مصر للألبان.. ورصدنا تحولات القرية المصرية التى كانت تستيقظ عند الفجر تقدم الخير لمصر إلى سهرها حتى الفجر أمام الأطباق الفضائية، حتى رأينا، ويا للسخرية، معارك فى طوابير الخبز فى قرى مصر والتى كان من العار فيها أن تشترى أى أسرة خبزها من الشارع!

تحدثنا عن التعليم وكيف تدخلت أياد خبيثة فى محاولة للترويج للنموذج الغربى فى الثقافة الفردية لتطبيق نظام المنازل وإلغاء الحضور والانصراف وإلغاء العقاب من المدارس، وأثناء ذلك ألغيت مواد التربية الوطنية والقومية وتم تجاهل تحية العلم دون رقيب ولا حسيب ولا وقفة من أى نوع من أى مسئول على أى مستوى!

وهنا نقترب من النقاط الخطرة التى بدأت مع إلغاء المؤسسة العامة للسينما عام 1976 بالتدريج حتى أنهت الدولة دورها فى الإنتاج السينمائى، وبالتالى دورها فى تشكيل وعى الناس، وبالتالى شلت الدولة بنفسها قدرتها على حشد الناس حول القضايا الوطنية الحقيقية أو توجيههم إلى الطريق الإيجابى، ولم ينتبه أحد إلى أن من يملأ الفراغ الذى جرى هو أموال لا يعرف أحد مصدرها ولا حتى سيرة أصحابها، ومرّ عقد السبعينات كاملاً بين نوعين من الأفلام: المقاولات، ومحاولات مشكورة عن حرب أكتوبر لم يرتق واحد منها إلى مستوى المعركة، حتى جاء عقد الثمانينات واستكملت مدرسة المقاولات أعمالها ومعها أفلام تفضح الانفتاح ولصوصه وآثاره، وكان من أشهرها «أهل القمة» و«حب فى الزنزانة» و«الغول» و«آخر الرجال المحترمين» و«بيت القاضى» و«حتى لا يطير الدخان» و«أنا اللى قتلت الحنش» وغيرها.. وتزامن ذلك مع خلل أصاب قيمة مهمة أخرى وهى «تكافؤ الفرص»، ومعها لم يجد المتفوقون وأبناء الطبقتين الدنيا والوسطى لهم أى مكان لا فى الوظائف العليا ولا حتى فى الوظائف الوسطى، وتم احتكارها كلها وقتها إما لأبناء طبقة بعينها أو للقادرين على شراء بعض الأماكن، خصوصاً فى وظائف البنوك والضرائب والبترول وغيرها!

وهنا.. كان لا بد أن يهرب الشباب للإدمان أو للتطرف، أو للجريمة.. ومع كل الاختراقات السابقة تسللت إلى الشاشة المصرية مشاهد لم نكن نعرفها من قبل، بل لم يكن يتخيل أحد أن نعرفها فى يوم من الأيام، مشاهد عن الشذوذ والخلاعة والإدمان وجلسات التعاطى المشتركة وعن العلاقات الجنسية خارج الإطار الشرعى والقتل من أجل المال على الطريقة الأمريكية والخيانة الفجة التى قُدمت بوقاحة، وكل ذلك لم تقدمه السينما فقط، بل قدمته، ويا للكارثة، الدراما التليفزيونية وعدد من البرامج التليفزيونية أيضاً!

الآن نحصد ما قدمت أيدينا.. الآن نجنى حنظل الإهمال والتراخى والفوضى بل التواطؤ أحياناً.. الآن ينتقلون بنا إلى مرحلة أخرى، خط آخر يعرفون من الآن الخط الذى يليه.. الآن يعلنون صراحة وبلا خوف لا من القانون ولا من الأزهر ولا من المجتمع عن «وجود المثليين» وعن «حقوقهم»، وفى حفل كبير يسهم فى تحول الصدمة إلى التواصل الاجتماعى ومنه للدنيا كلها لنقع جميعاً فى الفخ!

الآن.. يستحق الأمر تحقيقاً موسعاً وعاجلاً، كما يستحق أن يخضع كله لحظر نشر عاجل أيضاً.. ولأول مرة نطلب أو يطلب أى صحفى إصدار قرار بحظر النشر، ليس لأن مصر أهم من حرية الصحافة، ولكن لأننا لا نجد غير ذلك لإيقاف المخطط الذى يستهدف أن تكون التفاصيل كلها متاحة للجميع، ليتم نصب آلاف الفخاخ فى مصر ليتحول الأمر معها إلى جدل عام وحديث عادى وطبيعى وربما عائلى.. لتكون الخطوة الأهم لتقبُّل الأمر، إن لم يكن اليوم ففى الموقعة المقبلة، لينتقلوا بنا إلى خطوة أخرى وخط آخر وموقعة جديدة تحميهم جيوش إعلامية تسخر وتسخر وتتهمنا بالتخلف والرجعية وتتهم غيرنا بوضع قيود على حقوق الآخرين وتتهم آخرين بالمعالجة الخاطئة، بينما فريق آخر ينكر المؤامرة ويصر أن ينكر وينكر، رغم أن هذا كله هو المؤامرة بشحمها ولحمها!!

الموضوع يستحق تحقيقاً شاملاً وطويلاً، يرصد الأمر كله، من معرفة كيف جرى الاتفاق على الحفل والإعداد له ومن روّج له إلى تساهل الأمن داخل المول الكبير أمام الخروج عن القانون والآداب العامة حتى قبل بداية الحفل وخارجه، إلى التفاصيل الأخرى كلها، لنفهم ماذا حدث بعدها ونستوعب الصدمة، ثم نبدأ فى المواجهة الجادة.. ليس لهذه الظاهرة وإنما كما قلنا للمخطط كله!