■ الزتونة
مرة أخرى لمن يريد أن يفهم، لو أن لديه عقلاً:
لا الصحفيون ضد الرئيس والدولة، ولا الدولة يجب أن تعادى الصحفيين يا سادة. لا الصحافة ستخضع ولا الدولة «هيتلوى دراعها».. غاية ما هنالك، أن الصحفيين فى عبدالخالق ثروت كانوا يريدون مصر التى فى الفرافرة عندهم، بينما الرئيس أراد الصحفيين عنده فى الفرافرة، بينما الوطن الحقيقى يحتاجنا جميعاً فى مكان واحد.
■ لماذا يكرهوننا؟؟
السؤال طرحه عمنا الكاتب الصحفى الكبير محمد درويش فى «الأخبار». نظر الرجل نظرة طائر محلق ضارباً كفاً بكف، بعيداً عن رأيه فى الأزمة، إذ التقط التفصيلة التى يجب ألا يغفلها أحد: كثيرون «يكرهون» الصحفيين فى هذه الأزمة، رغم أنهم أول من يلجأون إليهم فى مصائبهم. إجابة هذا السؤال صعبة، شخصياً لا أظنه كُرهاً حقيقياً، بقدر ما أعتقد أنه «مناخ عام» يفرض الأمر على الجميع. كراهية لا مبرر لها سوى الظرف التاريخى وغسيل المخ الذى مُورس ضد الكثير من البسطاء، أو رغبة حقيقية من آخرين فى الانفراد بالتأييد المطلق ومناخ الاستقرار الزائف، وكأن الإشادة الدائمة و«انشروا الإيجابيات» تصنع وطناً حقيقياً. لا والله (بصوت السيسى)، سنظل إذا استمر الأمر على هذا النحو «شبه دولة»، أو كما قال الرئيس. بالطبع هناك نماذج تسىء إلى المهنة، وهم موجودون فى كل مهنة، لكن «المناخ العام» مناخ كراهية، مناخ اتجاه واحد «مع» أو «ضد»، ولذلك يفوز فريق «مع» بأصوات شركائهم ولعنات فريق «ضد»، ويفوز فريق «ضد» بمن معهم ولعنات فريق «مع»، بينما الحكماء، الراغبون فى الرؤية بعينين، وليس بعين واحدة، الراغبون فى الإنصاف دون تحيُّز مسبق إلا للوطن، ينالون لعنات «الفريقين». من الآخر. مطلوب منك انحياز مطلق ودائم لهستيريا الدراويش أو لخبل المعارضين الدائمين.
■ طب والمعلقون فى الأرض..
بينى وبين أمى صاحبة السعادة الفنانة الكبيرة إسعاد يونس حلم مشترك بالكتابة عن «التعليقات» الموجودة فى الصحف والمواقع على الموضوعات أو المقالات. قديماً حلّل عالم الاجتماع العظيم د. سيد عويس العبارات التى كانت تُكتب على الحافلات العامة والسيارات فى الشوارع، فوصل إلى تركيبة الشعب المصرى بعد النكسة فى دراسة رائعة بعنوان «هتاف الصامتين»، أما الآن، فللأسف لم نجد أستاذ علم اجتماع نابهاً يُحلل لنا محتوى التعليقات، ليكشف عن عمق الأزمة..
هذا وطن بديل لكثيرين يحسون بذواتهم فقط ها هنا، فى مساحة ليس عليها رقيب، وفى خصومة «أو تأييد» لشخص الكاتب/ بطل الخبر، لكن الأكيد أن الأمر يصل إلى مرحلة العبقرية عند البعض، إذ تجد معلقين يكتبون أفضل من كُتّاب كبار فى الصحف، وآخرين مرضى نفسيين بالمعنى الحرفى، تظهر أعراض مرضهم فى تعليقاتهم. الشخص الذى يُطارد كاتباً بعينه. الشخص الذى يُكرر التعليق نفسه فى كل مكان. الشخص الذى يتفرّغ لشتيمة المعلقين. الشخص الذى ينصب نفسه حامياً للفضيلة. الشخص الذى ينشر الأحاديث والآيات بغض النظر عن علاقتها بالموضوع، ظناً أنه ينال ثواباً مجانياً. الشخص الذى يشتبك مع الكاتب ويشتمه ويترك مقاله أو لا يُعلق عليه. الشخص الذى يجر شكل معلق دائم على المقالات. كلها نماذج تستحق الدراسة والتوقف، وتثير الضحك أحياناً والأسى فى أحيان أخرى، إذ يثبت الأمر دائماً أن أغلب هذه النماذج ليست صحية ولا ترغب فى الحوار، بقدر ما ترغب فى العلاج، بعكس نماذج أخرى لو كنت من رؤساء التحرير لبحثت عنهم واستكتبتهم بما ينفع الناس ويمكث فى الأرض.
■ وحمدى رزق لو تعلمون جميل..
أحب قراءة مقالات (أبومازن) المصرى حمدى رزق، وأتعلم الكثير منها، لكن فى الفترة الأخيرة يتجه حمدى رزق إلى المشاركة فى «مهمة قومية»، إذ يقوم بالمسئولية الاجتماعية للصحفى، وما أراه مسئولية أخلاقية كذلك، ليشارك فى علاج مرضى فيروس سى، واليوم يتم الاحتفاء بأول 10 قرى مصرية خالية من فيروس سى فى مبادرة مجتمعية، كان حمدى رزق أحد أطرافها، بالتعاون مع مؤسسة الكبد المصرى.
الكلام جميل، والفعل أجمل، وحمدى رزق أجمل وأجمل، أما الأروع من كل ذلك، فهو اقتراح: لماذا لا تتبنّى الصحف والمواقع مشروعات تنموية، إلى جانب ما تقوم به من عمل نبيل يُشارك فى تنوير الناس؟
لماذا لا يُخصص كل كاتب رأى يوماً أسبوعياً لمساعدة الناس؟ مثلى الأعلى فى هذا الموضوع أستاذتنا الكبيرة نجلاء بدير، التى خصّصت عمرها كله من خلال مجلة «صباح الخير»، أو أى مكان وطأته قدماها لمساعدة الناس فى كل مناحى الحياة، وصدقونى سيتغير كثير فى هذا البلد لو تبنى كل كاتب أو مؤسسة مشروعاً تنموياً أو خيرياً، إلى جانب ما يقدمه. تعالوا نجرب، والدعوة مفتوحة، وسأبدأ بنفسى، فشكراً حمدى رزق، وسلام على نجلاء بدير أينما وطأت قدماها.
■ هابى بيرث داى «بنك مصر»
وبهذه المناسبة الجليلة، وفى تلك الظروف الاقتصادية التى «مش ولا بد» نُذكِّر الناس بشخص عظيم اسمه محمد باشا طلعت حرب، أبو الاقتصاد المصرى، الرجل الذى حرّر الاقتصاد المصرى من التبعية الأجنبية، الرجل الذى أقنع 126 من الغيورين على بلدهم واقتصاده، للاكتتاب فى بنك مصرى قومى يشارك فى التنمية، فكان بنك مصر الذى أنشئ فى السابع من مايو عام 1920، وفى خلال أربعين عاماً فقط كان البنك هو المؤسس لأعظم الشركات التى حملت اسم «مصر» مثل شركة «مصر للغزل والنسيج»، و«مصر للطيران»، و«مصر للتأمين»، و«مصر للمناجم والمحاجر»، و«مصر لصناعة وتكرير البترول»، و«مصر للسياحة»، و«استوديو مصر»، وغيرها من الشركات العظيمة التى تجعلنا نقرأ الفاتحة لأبى الاقتصاد المصرى، وندعو لأم الاقتصاد المصرى بأن ينتعها الله بالسلامة، مع إعلان كبير فى قسم المفقودين نكتب فيه: مفقود.. رجل أعمال وطنى بارع، ماركة طلعت حرب، يحب الوطن أكثر من نفسه. من يجده يتحفّظ عليه ويسلمه إلى من يهمه الأمر.
■ التيار الثقافى البديل
سامح فايز يستحق الدعم. «سامح» لو أنك لا تعرفه هو صحفى فرض نفسه بقوة فى الشأن الثقافى، بعد أن أعاد الأستاذ سيد محمود، رئيس تحرير جريدة «القاهرة»، اكتشافه ليُقدم الكثير من الموضوعات والتحقيقات المتميزة، قبل أن يجد قريته تعانى من عدم وجود مكتبة عامة!! أخذ «سامح» على عاتقه إنشاء المكتبة عبر تبرعات الكتّاب ودور النشر، وأعلن عن الأمر فى صفحته الشخصية على «فيس بوك»، لتكون النتيجة تفاعلاً رائعاً من داخل مصر وخارجها، وهو ما جعل «سامح» يُقرر الاتجاه إلى إنشاء مكتبة عامة فى كل قرية، بالطريقة نفسها.
تواصلوا مع «سامح» على صفحته، وأعطوه من كتبكم القديمة أو الزائدة، وليكن الشعار الذى أحبه أكثر: «مصر تقرأ».
■ «سمير» التى ربتنا
هذه فرصة أخرى لنقول شكراً لمجلة أطفال عظيمة وعريقة ربّت أجيالاً، وكانت أحد أقوى مصادر قوة مصر الناعمة. مجلة «سمير» التى تحتفل بمرور ستين عاماً على تأسيسها، فيها تربيت، وفيها تعلمت الصحافة، وفيها قابلت العظيمة نتيلة راشد (ماما لبنى)، وفيها تلقيت دروس المهنة وأنا بعد «طفل» من الأستاذ محسن الزيات، وفيها قرأت أجمل الكتابات وشاهدت أعظم الرسوم، ولو كان الأمر بيدى لقررت لها دعماً مادياً يعيد نهضتها من جديد هى ودار الهلال العظيمة، وينقذ أطفالنا من قنوات الأطفال الغربية، وكارتون المسوخ والآليين. تحية لمجلة «سمير»، وشابوووه لكل أصدقائى الرسامين الشباب الذين يعطونها الآن قبلة حياة جديدة بريشة وألوان محمد توفيق وهانى صالح وبرشومى وغيرهم، إلى جانب الكبار آمال خطاب وهدى المرشدى.