العراق.. من هنا خرج «تنظيم الشر»
العراق.. من هنا خرج «تنظيم الشر»
«داعش» هو التنظيم الإرهابى الأكثر دموية فى التاريخ
من العراق ظهر لأول مرة ما عرف بـ«الدولة الإسلامية فى العراق والشام» أو «داعش» فى أبريل 2013، التنظيم الذى يؤرق العالم كله، حين تمرد أمير تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق» أبوبكر البغدادى على ولاية أمير تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهرى، وأعلن اندماجه مع تنظيم «جبهة النصرة» التابع لتنظيم القاعدة فى سوريا، ليكونا تنظيماً واحداً.
الغزو الأمريكى لـ«بغداد» أطلق شرارة تأسيس التنظيم.. والتمر على إمارة «الظواهرى» فتح الباب لضم الآلاف
لكن أمير تنظيم «جبهة النصرة» أبومحمد الجولانى رفض ما أعلنه «البغدادى» وأكد خضوعه لإمارة «الظواهرى». «الظواهرى» من جهته أمر «البغدادى» بالالتزام بحدود العراق، لكن الأخير رفض، ما أدى إلى نشوب معارك مسلحة بين المؤيدين لفكرة الاندماج تحت ما يسمى «الدولة الإسلامية فى العراق والشام»، أو فيما بعد ما عرف بـ«الدولة الإسلامية»، ومن يرفضون تلك الفكرة.
كانت البداية الأولى للتنظيم الذى يقوده «البغدادى» هو «جماعة التوحيد والجهاد» التى عملت بقوة منذ الغزو الأمريكى للعراق فى 2003، ثم بعد ذلك أصبح اسمها تنظيم «القاعدة فى بلاد الرافدين» عام 2004 بزعامة الأردنى أبومصعب الزرقاوى الذى أعلن مبايعته زعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن، وعرف التنظيم، وفق وسائل الإعلام الأمريكية، بضراوته فى العمليات القتالية ضد القوات الأمريكية، وعملياته فى العراق بصفة عامة. واستمر التنظيم على قوته إلى أن قتلت القوات الأمريكية أميره «أبومصعب الزرقاوى» عام 2006، وهنا بدا التنظيم ضعيفاً نتيجة العمليات العسكرية الأمريكية ضده، وتشكيل القوات الأمنية العراقية ما عرف بـ«صحوات العراق» لقتال التنظيم.
بعد مقتل «الزرقاوى» اختير أبوحمزة المهاجر مؤقتاً لتولى زعامة التنظيم، ثم فيما بعد تحول التنظيم إلى ما يسمى بـ«دولة العراق الإسلامية» واختير لقيادته أبوعمر البغدادى وساعده «المهاجر»، لكن فى عملية عسكرية أمريكية قتل «البغدادى» و«المهاجر» فى أبريل 2010، وتولى التنظيم أبوبكر البغدادى، ومن جديد يبدأ التنظيم مرحلة يمكن وصفها بالطفرة الكبيرة، خاصة مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011، إذ كثف التنظيم عملياته الإرهابية من قتل وتفجير بالسيارات المفخخة استهدفت كل المدن العراقية. وبدأت تتضح من تحركات التنظيم تحت قيادة «البغدادى» أن التنظيم هذه المرة لن يتوقف عند حد التفجيرات وعمليات القتل، بل إنه يخطط للسيطرة على مساحة جغرافية يقيم عليها دولة خاضعة له، لا تتوقف حدودها عند العراق فقط بل تمتد إلى سوريا المجاورة ودول أخرى منها ليبيا ومصر ونيجيريا وتونس، ودول أخرى.
بدأ «البغدادى» تلك الخطة فى يناير 2013 عندما حاول السيطرة على مدينتى «الفلوجة» و«الرمادى»، لكن مع الضربات الأمنية فشل فى ذلك، وإن ظلت «الفلوجة» خاضعة نسبياً لسيطرة الجماعات المتشددة. حتى جاء أبريل 2013، وأعلن «البغدادى» أن تنظيم «جبهة النصرة» هو امتداد لدولته، ورغم رفض «جبهة النصرة» الاندماج، بدأ «البغدادى» فى نقل المقاتلين إلى سوريا، ودعوة الآخرين للانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية فى العراق والشام». وفى يونيو 2013 كان التطور الأكبر فى تاريخ التنظيم بتحرك قواته والسيطرة على مدينة «الموصل» ثانى أكبر مدن العراق وعاصمة محافظة «نينوى»، وبعدها سيطر على محافظة صلاح الدين، حيث توجد مصفاة تكرير النفط فى مدينة «بيجى»، وتمدد إلى «ديالى» ومعظم أجزاء محافظة «الأنبار» حتى أتى يوم 29 يونيو 2014، ليعلن أبوبكر البغدادى إقامة «دولة الخلافة» ما سماه بـ«الدولة الإسلامية» وتغير وصفه إلى أمير المؤمنين، ودعا كل الجماعات المسلحة إلى مبايعته.
استغل التنظيم الصراعات الطائفية والسياسية القائمة فى العراق، وخاصة التمييز السياسى والاقتصادى ضد السنة فى العراق، كما أنه استعان بخدمات بعض الضباط السابقين فى الجيش العراقى، وتواطؤ بعض الأطراف فى الداخل العراقى، وسيطر على كميات كبيرة من الأسلحة تركتها القوات العراقية بعد انسحابها أمام تقدم التنظيم، إلى جانب سيطرته على أموال بعض المصارف فى الأماكن الخاضعة له، وتجارة النفط والآثار. وارتكب التنظيم كثيراً من جرائم الذبح والقتل المعروف بها وحرق وتدمير المناطق الأثرية خاصة فى مدينة الموصل، حتى إن ثروته تقدر بمئات الملايين من الدولارات، وهناك من يقدرها بمليارات، كما يخضع لسيطرته آلاف المقاتلين بعضهم عراقيون وأغلبهم مقاتلون أجانب. ارتكب جرائم بحق الأقليات المسيحية، وهجر أقلية الإيزيديين.
لكن تقدم التنظيم فى العراق تراجع نسبياً مع انطلاق عمليات التحالف الدولى للحرب على الإرهاب الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية فى أغسطس 2014، وبالفعل فقد التنظيم نحو 30% من الأراضى الخاضعة لسيطرته. وفى اتصال لـ«الوطن»، قال الناطق باسم وزارة الدفاع العراقية، وقيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول إن «الجيش العراقى حقق تقدماً كبيراً فى مواجهة تنظيم داعش الإرهابى فى الفترة الأخيرة، وقتل فى أكثر من عملية عسكرية عدداً من قيادات داعش منهم مسئولو التفخيخ، ومنهم مسئولون عسكريون فى التنظيم». وأضاف المسئول العراقى أن «تنظيم داعش فى البداية كان يسيطر على 4 محافظات هى: نينوى وصلاح الدين وديالى والأنبار، لكن الأجهزة الأمنية العراقية، وإلى جانب بعض الخدمات التى قدمتها دول التحالف الدولى، تمكنت من استعادة السيطرة على تلك المحافظات ويبقى مركز محافظة الأنبار، أى مدينة الرمادى، وهى الآن تحت حصار قوات الأمن وسيتم تحريرها». وقال «رسول» إن «التنظيم لديه قدرات عسكرية كبيرة بالطبع كما هو معروف، والقضاء عليه يتطلب وقتاً فى ظل انتشار تلك العناصر الإرهابية وسط الأهالى والمدنيين».