"الوطن" تنشر نص كلمة السيسي أمام المفكرين البريطانيين
"الوطن" تنشر نص كلمة السيسي أمام المفكرين البريطانيين
![الرئيس عبد الفتاح السيسي](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/12636377071446675813.jpg)
الرئيس عبد الفتاح السيسي
وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم، الشكر إلى مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وكذلك الحضور، لدعوة المركز له واللقاء به.
وأكد الرئيس، أنه يدرك أهمية المعهد، مشيرًا إلى أنه يتابع بعض إصداراته كلما سنحت له الفرصة، مضيفًا أنه يعلم قيمة خبرات المعهد الأكاديمية والعلمية العميقة والمميزة في مجال السياسات الاستراتيجية.
وعرض السيسي عددًا من الملاحظات والأفكار التي يمكن أن تشكل أساسًا للنقاش معهم، مضيفًا أن الشرق الأوسط لن يعود كما كان، لأن المنطقة تتعرض منذ بضع سنوات لتطورات سياسية متلاحقة اختلفت مسبباتها وحدتها وتداعياتها باختلاف الدول التي تعرضت لها.
وتابع: "يمكننا أن نخوض طويلًا في المسببات التي تقف وراء هذه التطورات سواء كانت نابعة حصريًا من داخل المجتمعات، أو أن عوامل خارجية دعمت وعززت من قوة تلك الموجة وتأثيراتها، والمهم هنا هو الإقرار بأن منطقة الشرق الأوسط تشهد تغيرا غير قابل للتراجع وله تداعيات ضخمة، سواء من تطلعات الشعوب لحياة أفضل وعلاقة الشعوب بالحكومات، أو من الأدوار المختلفة التي تلعبها الأطراف المؤثرة مثل الحكومات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وهي أمور تدفعنا إلى التفكير بعمق في مستقبل العديد من دول المنطقة".
وأوضح الرئيس، أن الدولة الوطنية لم تسقط، ولكن ستعاد صياغة "العقد الاجتماعي"، استرعى انتباهيَ أثناء متابعتي لما يُكتب في الصحف ودوريات الفكر الغربية عن منطقة الشرق الأوسط، تركيزٌ على مفهوم سقوط الدولة الوطنية، ويذهب البعض إلى أن المنطقة يجب أن تُعاد صياغتها بالكامل نتيجة التآكل الظاهر في فكرة الدولة الوطنية، وفي قدرتها على الصمود في وجه الصعود المتنامي لتيارات عنيفة ومتطرفة تريد فرض رؤيتها الإجرامية، متسترة بعباءة الدين الإسلامي، وهو منها بريء".
وأضاف: "في الحقيقة لا أتفق تماما مع أصحاب هذا الرأي، وإن صح فقد يصح بالنسبة لحالة بعينها دون تعميم، وعلى سبيل المثال لم تسقط الدولة الوطنية في مصر رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها ولن تسقط، ومع ذلك فينبغي الإقرار بأن التحديات الضخمة للأمن والاستقرار في بعض المجتمعات، بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومات على تلبية تطلعات الشعوب في حدها الأدنى قد تدفع إلى التفكير بأن ما يحدث نهاية عهد الدولة الوطنية، ولكنني أقول أنه قد يمثل - إذا أحسن استثمار اللحظة - بداية سليمة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الشعوب والحكومات على قواعد وأسس ومفاهيم جديدة تتواءم بشكل أفضل مع تطلعات الشعوب واحتياجاتها الحقيقية".
وأشار الرئيس إلى أن مكافحة الإرهاب لم تعد ترفًا، والجميع يجب أن يتضامن لمواجهة المخاطر، حيث أصبح من المسلمات اليوم أن يتحدث الجميع عن مكافحة الإرهاب، لكن مع الأسف هناك الكثير من الأمور المرتبطة بهذا الموضوع ليست محل اتفاق دولي بعد، غير أن ما يهمه هو تأكيد أن أي تنظيمات أو جماعات تعمل أو تحرض على تقويض سلطة الدولة، والسيطرة على مساحات من الأراضي وعلى إخضاع المجتمعات والشعوب لإرادتها بقوة السلاح، إنما هي تنظيمات إرهابية يتعين مكافحتها بشتى الوسائل، وتجفيف منابع تمويلها ومدها بالسلاح.
ونوّه السيسي بأن الأهم يتمثل في ضرورة دحض وتفنيد أفكارها المتطرفة والعنيفة التي تستند إليها في أنشطتها من خلال جهود فكرية وثقافية وإعلامية دؤوبة ومنسقة وعميقة، مشيرًا إلى أن ظاهرة المقاتلين الأجانب تدعو إلى التمعن في أسباب جاذبية هذه الأفكار المتطرفة بالنسبة لفئة من الشباب يعيشون في مجتمعات تتسم بمساحة كبيرة من الحريات والمساواة.
وعن الوضع الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط، أكد أن هناك حقيقتان مهمتان، فيما يتعلق بهذا الوضع، الأولى تتعلق بالنزاع الفلسطينى الإسرائيلي والذي سيظل من وجهة نظرنا يشكل أحد المنابع الأساسية لانعدام الاستقرار في هذا الإقليم، مشيرًا إلى أن تسوية القضية الفلسطينية على أساس عادل تفتح الطريق أمام تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، ليس فقط لأنه الصواب والحق الذي يجب عمله، وإنما لأنه يحرم أطرافًا كثيرة من التستر وراء هذه القضية العادلة؛ لتنفيذ أهداف سياسية وأمنية لا علاقة لها بفلسطين.
وأشار إلى أن الحقيقة الثانية تتمثل في رسوخ ومتانة العلاقة التي تربط بين مصر ودول الخليج العربى، وأن هذه العلاقة ذات البعد الثقافي والحضاري والشعبي والعمق التاريخي تمتلك طابعًا سياسيًا واستراتيجيًا غير قابل للانفصام.
وأوضح السيسي، أن مصر مصر اجتازت المرحلة الأصعب، وتتطلع بثقة إلى المستقبل؛ مؤكدًا: "دعوني أقول لكم أن بلدنا اجتاز مرحلة دقيقة من التحديات كان يمكن أن تكون لها تداعيات سلبية خطيرة على استقراره لولا يقظة وحضارة الشعب المصري، والثقة التي تربط بينه وبين جيشه والقدرات الجيدة التي أبداها الجيش والأمن في التعامل مع تلك التحديات، ونحن ننطلق الآن بثقة إلى مستقبل نراه واعدًا، ولعلكم تابعتم في أغسطس احتفالنا بافتتاح قناة السويس الجديدة والتي أراها تجسيدًا حيًا لرغبة المصريين في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة".
وأكد أنه على ثقة في أن الشعب المصري يعي تمامًا التحديات الأمنية والأخطار المحيطة، وأننا نعمل بشكل دؤوب على مسارات متعددة للانتقال بالبلاد إلى تحقيق الطموحات الشعبية في الاستقرار وتحسين مستوى المعيشة، وتحقيق العدالة الاجتماعية.