مصرفيون: منتجات البنوك «الإسلامية» و«التجارية» تتشابه شكلاً.. وتختلف فى المضمون
![مصرفيون: منتجات البنوك «الإسلامية» و«التجارية» تتشابه شكلاً.. وتختلف فى المضمون](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/43152_660_1472561_opt.jpg)
رغم حالة الجدل واسعة النطاق والخلاف الواضح داخل السوق المصرفية المحلية حول طبيعة عمل البنوك الإسلامية ومدى الاختلاف بينها وبين البنوك التقليدية التجارية، وبعد أن وصلت تلك الحالة للتيارات السياسية بعد صعود الإسلام السياسى إلى سدة المشهد بعد الثورة، أكد عدد من المصرفيين المتخصصين فى التمويل الإسلامى أن هناك تشابها فعلا بين «التجارية» و«الإسلامية»، لكنه من حيث الشكل فقط، لكن آليات وضوابط العمل وطبيعة العقود وطرق حسابات المعاملات المالية للعملاء بالبنوك الإسلامية تختلف اختلافا كليا عن مثيلاتها بالتجارية.
وأشاروا إلى أن صعود التيار الإسلامى خلال الآونة الأخيرة ليتصدر المشهد السياسى فى مصر يعكس اتجاه عملاء البنوك إلى معدلات نمو مرتقبة فى الصيرفة الإسلامية خلال الفترة المقبلة.
أحمد الضرغامى، مدير عام الائتمان الإسلامى ببنك مصر، قال: إن البنوك أو فروع المعاملات الإسلامية لا تحاول تقليد البنوك التجارية على مستوى المنتجات، سواء كانت للتمويل أو الإيداع، لافتا إلى أن «التجارية» اتجهت إلى طرح منتجات تحاكى ما تطرحه البنوك المتوافقة مع الشريعة داخل السوق المحلية وأهمها الشهادات متغيرة العائد وصناديق الاستثمار.
ونفى الضرغامى صحة الربط بين صعود التيار الإسلامى للحكم فى مصر بعد الثورة ونمو معدلات الطلب على التمويل الإسلامى وجميع منتجات الصيرفة الإسلامية، مؤكدا أن الطلب عليها ارتفع بعد الأزمة المالية العالمية وليس للأمر أى علاقة بصعود الإسلام السياسى بعد الثورة فى مصر.
وأوضح أن التمويل الإسلامى يقوم على مبدأ مشاركة أصحاب الأموال (المودعين) للمقترضين فى الربح والخسارة، وهو ما يشير إلى أن نمو الطلب على المنتجات الإسلامية يسهم فى تحقيق جانب كبير من العدالة الاجتماعية.
وقال: إن هناك وجه تشابه بين منتجات البنوك الإسلامية والتجارية من حيث الشكل فقط، إلا أنها تختلف اختلافا كبيرا من حيث الجوهر والمضمون، لافتا إلى التباين الواضح والكبير بين العقود والضوابط؛ فالبنك التجارى على سبيل المثال يلتزم بعدد من الضوابط الوضعية التى وضعها القائمون على السلطة النقدية، فى حين أن التمويل الإسلامى يلتزم بالمعايير الوضعية والشرعية.
ولفت إلى أن اعتماد البنوك الإسلامية على تقديم عائد متغير للعميل وعدم قدرتها على تحديد نسبة العائد على الودائع، كما هو الحال فى نظيرتها التجارية، يؤثران سلباً على استقطاب أموال المودعين، مؤكدا أن مصرفه اجتهد فى توفير منتجات مصرفية تلبى احتياجات العملاء من خلال صيغ مختلفة، منها: المضاربة المطلقة والمقيدة والاستثمار بالوكالة، وهو ما أسهم فى رفع قدرة البنك لجذب شريحة كبيرة من العملاء، موضحا أن مصرفه سعى لتطوير جميع منتجاته التمويلية، التى لا يتركز هدفها الأساسى فى تحقيق الربحية فقط وإنما تشمل الاتجاه التنموى والأخلاقى.
حسين عبدالمحسن، مدير مجموعة التجزئة المصرفية بالمصرف المتحد، قال: إن تشابه المنتجات التى يقدمها البنك الإسلامى مع نظيره التقليدى لا يعكس قصور عمل البنوك الإسلامية؛ لأنه يجب على البنك توفير خدمات مصرفية مماثلة للتى تطرحها البنوك التجارية وتشهد إقبالاً كبيراً من جانب العملاء بشرط أن يراعى فيها أحكام الشريعة وضوابطها.
وأضاف أن صعود التيار الإسلامى على الصعيد السياسى فى الدورة البرلمانية السابقة قد يشير إلى نمو مرتقب فى معاملات البنوك الإسلامية خلال الفترة المقبلة وقد يعكس اتجاهات العملاء ومدى رغبتهم فى التعامل بصيغ تمويلية متوافقة مع أحكام الشريعة، موضحاً أن عدداً من البنوك العالمية الكبيرة سعت نحو زيادة معاملاتها وفقا للصيغ الإسلامية بناء على متطلبات العملاء.
وأشار إلى أن أبرز المشكلات التى واجهت بنكه فى مزاولة نشاط التمويل الإسلامى هى ارتفاع حدة المنافسة من البنوك التجارية التى تسيطر على الحصة الأكبر والغالبة فى السوق المصرفية، وهو ما يتضح من تعدد منتجات تلك البنوك التى تلائم جميع احتياجات العملاء، عكس الإسلامية، وهو ما دفع مصرفه إلى توفير حزمة خدمات مصرفية جديدة وتطوير القائمة بما يوائم متطلبات السوق ويتسق مع أحكام الشريعة الإسلامية، فضلاً عن الاهتمام بتأهيل الموظفين ليكونوا على دراية بمعايير الشريعة الإسلامية.
وأكد عبدالمحسن أن عدم وجود قوانين تنظم عمل الصيرفة الإسلامية فى مصر أعاق تطورها، إلا أن بنكه تعامل مع تلك المشكلة باستخدام صيغة «الوكالة بأجر» التى تجعل البنك وكيلاً عن العميل فى شراء السلعة مع تلقيه أجراً أو عائداً مقابل تلك الخدمة.
وقالت الدكتورة رضا مغاورى، مدير عام مركز الاقتصاد الإسلامى عضو هيئة الرقابة الشرعية بالمصرف المتحد: إن المصرف الإسلامى الدولى كانت له تجربة رائدة فى مجال إعداد الكوادر البشرية، وتضمنت تلك التجربة قيام بعض المتخصصين والخبراء بالقطاع المصرفى وعلماء الشريعة الإسلامية فى جامعة الأزهر بتدريب أوئل الطلاب فى عدد من الكليات، منها: التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية، على الصيرفة الإسلامية، مشيرة إلى سهولة تطبيق تلك التجربة، خاصة بعد أن أثبتت نجاحها.
وأشارت إلى أن البنوك التقليدية كانت حتى عهد قريب تقبل الودائع وتقدم القروض فقط حتى دخلت الصيرفة الإسلامية على يد أحمد النجار عام 1928 وانتشرت، بعد ذلك، التجربة فى عدد من البلدان، مما أسهم فى تبنى البنوك التقليدية مفهوم تمويل المشروعات، خاصة بعد أن استطاعت البنوك الإسلامية تغيير قانون الائتمان وحذف كلمتى فائدة وقرض منه واستبدال عائد وتمويل بهما، الأمر الذى يتنافى مع الأقوال التى تدعى أن البنوك الإسلامية تقدم نفس منتجات نظيرتها التقليدية.
وعن الربط بين صعود التيار الإسلامى للحكم فى مصر وظهور الصيرفة الإسلامية على الساحة، أشارت مدير عام مركز الاقتصاد الإسلامى عضو هيئة الرقابة الشرعية بالمصرف المتحد إلى أن الصحوة التى حدثت مؤخراً للصيرفة الإسلامية جاءت بعد دخول بنك فيصل السوق عام 1978 ليلحق به المصرف الإسلامى الدولى عام 1980 والذى تم دمجه عام 2006 فى المصرف المتحد، وبالتالى فإن الصيرفة الإسلامية يصل عمرها لنحو 35 عاما، إلا أن الطلب عليها ارتفع عقب صعود التيار الإسلامى.