الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين تعيد«شبح الكساد» للعالم
الحرب الاقتصادية بين أمريكا والصين تعيد«شبح الكساد» للعالم
هانى توفيق ومحسن عادل
حذر خبراء الاقتصاد من حالة ركود عالمى قد تضرب الاقتصادات الدولية فى غضون شهرين من الأسبوع الحالى، وشددوا على ضرورة أن تتخذ الدولة إجراءات مالية سريعة لحماية الاقتصاد المحلى من أزمة تلوح فى الأفق بسبب الحرب الاقتصادية بين بكين وواشنطن، والتى صعّدتها الأولى أمس الأول بمزيد من الدعم لعملتها «اليوان» عبر خفض سعر الفائدة عليها لدعم المنتجين والمصدرين بهدف دخول اليوان الصينى نادى العملات الأربع الكبار، وهى الدولار والإسترلينى واليورو والين اليابانى. أما واشنطن فقد أقدمت على خطوة الشهر الماضى هى الأولى من نوعها منذ أكثر من 10 سنوات حين رفعت سعر الفائدة على الدولار ما دفع العملة الخضراء للغليان فى الأسواق الناشئة ومنها مصر، وطالب الخبراء بضرورة مراجعة البنك المركزى المصرى سياساته النقدية لتجاوز الأزمة المتوقعة، خاصة أن الدولة وضعت على أجندتها مجموعة من المشروعات العملاقة تحتاج إلى مزيد من الحوافز.
اقتصاديون: الصراع بين «بكين» و«واشنطن» يشتعل.. وعلى مصر إعادة النظر فى سياستها النقدية
وقال هانى توفيق، خبير الاستثمار، إن الصين شعرت بتباطؤ اقتصادى فقامت بتخفيض عملتها مرتين هذا الأسبوع لتنشيط الإنتاج المحلى وصادراتها والاستثمارات الأجنبية والسياحة الوافدة مع تقليل سياحة الصينيين للخارج، وهذا حق مشروع لدولة وضعت لنفسها سياسات واضحة تقوم بتنفيذها رغم المخاطر، مؤكداً أن ما تقوم به الصين تستطيع جميع الدول الراغبة فى المنافسة العالمية القيام به بشرط الالتزام بالمبادئ الاقتصادية والنقدية العامة. ودعا «توفيق» محافظ البنك المركزى المصرى إلى أن يكون مستعداً لما وصفه بـ«الخراب العالمى المالى المقبل».
من جهته توقع الخبير الاقتصادى محسن عادل مواصلة أسعار النفط هبوطها خلال الفترة المقبلة لتستهدف مستوى 40 دولاراً للبرميل قبل نهاية العام الحالى تأثراً بحالة الركود الاقتصادى عالمياً، والذى ظهر بشكل واضح فى تباطؤ الاقتصاد الصينى وما يتبعه من أزمات متوقعة للاقتصادات العالمية، خاصة الأوروبية والأمريكية والخليجية. وقال عادل لـ«الوطن» إن الركود الاقتصادى المتوقع أن تظهر آثاره وملامحه بشكل أكبر فى الفترة المقبلة قد يؤدى إلى تراجع فرص التوسع الاستثمارى فى العديد من الدول، ما قد يؤدى إلى تراجع الطلب على النفط، ويتزامن ذلك مع استعداد الأسواق لاستقبال النفط الإيرانى بعد توقف دام أكثر من 35 سنة.
«توفيق»: الصين تحمى اقتصادها بخفض عملتها.. و«عادل»: أسعار البترول ستنهار
وأضاف أن الصين كانت المحرك الأساسى لسوق النفط فى الفترة الأخيرة، وليس الولايات المتحدة أو أوروبا كما يعتقد البعض، ومع دخول الصين فى موجة تباطؤ اقتصادى، فإن النفط قد يدخل نفق الهبوط المستمر فى الفترة المقبلة. وأشار إلى أن مؤشرات الاستهلاك والإنفاق الاستثمارى تراجعت بشكل ملحوظ فى الصين فى الآونة الأخيرة، ووصل حجم ديون الشركات الصينية إلى أكثر من 16 تريليون دولار، فضلاً عن أزمة الانهيار التى أصابت البورصة الصينية فى الفترة الأخيرة.
ورأى أن الاقتصاد الصينى فى طريقه لدفع الاقتصاد العالمى لموجة ركود وأزمة مالية، خاصة إذا ما اضطرت الصين لسحب جزء من استثماراتها الخارجية التى تتجاوز تريليونى دولار فى سندات الخزانة الأمريكية وحدها. وأوضح أن اتجاه الولايات المتحدة نحو رفع الفائدة فى الفترة المقبلة هو لمواجهة أى تحركات صينية فيما يتعلق ببيع سندات أمريكية، وكذلك تخفيض الصين لعملتها قد يؤدى أيضاً إلى تراجع الإنفاق العالمى، خاصة أن الأزمة الاقتصادية ليست بعيدة عن أوروبا التى تعانى بسبب ديون اليونان، ودول الخليج العربى التى تأثرت سلباً بهبوط أسعار النفط. وكانت أسعار النفط قد هبطت مرة أخرى أمس ببورصة لندن ليسجل خام برنت لأول مرة مستوى 48.95 دولار للبرميل.
فيما اعتبر تقرير نشره موقع «ساوث تشينا مورنينج بوست» أن المصرفيين والمراكز المالية من هونج كونج حتى لندن تتلهف لتريليونات الدولارات من التداولات الجديدة التى سوف تشهدها السوق فى حال تحول اليوان الصينى إلى عملة احتياط كاملة، فى حين يظل التوقيت علامة استفهام، وأشار التقرير إلى أن أحد معالم تحول اليوان إلى عملة احتياط كاملة هو انضمامها لنادى العملات المكونة لحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولى.
وعلى خلاف العملات التى تصدرها البنوك المركزية عبر العالم، فإن الأصول الاحتياطية يصدرها صندوق النقد الدولى لصالح أعضائه البالغ عددهم 188 دولة مقابل عملاتها المحلية وعملات أخرى قابلة للتحويل، ويمكن أن تعتبر حقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولى جزءاً من احتياطات النقد الأجنبى للدول الأعضاء فى المنظمة، حيث إنه بإمكان الدول الأعضاء سحب 4 أمثال حصتها فى الصندوق فى حال الحاجة لمزيد من الاحتياطات الأجنبية. وأوضح التقرير أنه مع ارتفاع قيمة الأموال التى قد تقوم الدولة بسحبها من صندوق النقد فإنها ستخضع بشكل أكبر لشروط الصندوق، وهو ما حدث فى حالات اليونان، وبعض الدول الآسيوية.