"عم محمد" أقدم مسحراتي في عين شمس ترك المهنة: "الناس مبقتش زي زمان"
"اصحى يا نايم.. وحد الدايم.. وقول نويت.. بكره إن حييت.. الشهر صايم.. والفجر قايم.. اصحى يا نايم.. وحد الرزاق.. رمضان كريم".. كلمات قالها الشاعر فؤاد حداد عن المسحراتي في القصيدة المسماة باسمه، مهنة يطوف أصحابها في شوارع مصر من خلال الضرب على طبلتهم بعصاهم.
محمد عيد، من قدامى المسحراتية في عين شمس وعرب الحصن والمطرية، كان ينادي المواطنين بأسماء بلادهم، "يا بتوع الشرقية يا بتوع المنوفية، يا بتوع كفر الشيخ يا بتوع أسوان يا بتوع أسيوط قوموا كلوا"، وبحسب قوله، كان ينادي أسماء الفتيات اللاتي كن يسرن ورائه في الشوارع المختلفة.
عم محمد من مواليد 1932، امتهن عمل المسحراتي لفترة زمنية تعدت الستين عامًا، بدأها على سبيل الهواية، ثم بمزاولتها كمهنة في عام 1950، ما دفعته لترك المهنة التي يعمل بها معظم أقاربه وهي التجارة في الخضروات، سعيًا وراء كسب الثواب وشعوره بأهمية إيقاظ الناس للسحور، مع الإنشاد علي دقات طبلته العتيقة.
الرجل السبعيني قال لـ"الوطن"، اضطر إلى اعتزال المهنة، مضيفًا أن أسباب تركه لهذا العمل الذي كان ينوي عدم التخلي عنه طيلة حياته ليس مرضه وتقدمه في السن، لكنه أجبر واضطر إلى الاعتزال، لافتًا إلى أن "الناس لم تعد بنفس الطيبة والأخلاق الكريمة زي زمان، ففي الماضي كانوا ينادونه ويجودون عليه بالحلوى والتمر والنفحات، وفي نهاية الشهر كانوا يجعلون له جزء من الكعك والبسكويت، وأيضًا من زكاة المال، ويشكروه ويثنون عليه لما يرون له من فضل استيقاظهم لتناول وجبة السحور".
ابن منطقة عين شمس يقول إنه بعد ثورة يناير أصبح البلطجية ومتعاطي المخدرات يتسكعون بالنواصي والشوارع، ليس ذلك فحسب بل يقذفونه بالحجارة وينهالون عليه بالسب، مضيفًا أنه حين كان يشرف شهر رمضان على الرحيل تصبح أناشيده حزينة مبكية على فراق الشهر المبارك، وكان ينشد "لا أوحش الله منك يا شهر الصيام، لا أوحش الله منك يا شهر الحسنات، لا أوحش الله منك يا شهر الزكاة على المساكين والأيتام.. وحدوا الله".
عم محمد يشير إلى أن أبنائه يقدرون قيمة تلك المهنة ويحبونها ولكن تغير أخلاق الناس جعلهم يستبعدون استكمال مسيرة أبيهم، وعن حياته المعيشية الآن، قال: "لم أعد أحتمل أعمال البيع والشراء وأبنائي هم من ينفقون علي، وليس لي أي دخل ثابت"، خاتمًا: "الحمد لله.. لقد منا الله علي بالستر وحب الناس والآن لدي ثلاثين حفيدًا يحبوني وأحبهم وأسال الله أن يحسن خاتمتي".