أشرف عبدالغفور: المسلسلات الدينية "هدف قومى"
انتقد أشرف عبدالغفور تراجع عرض الأعمال الدينية فى رمضان خلال السنوات الأخيرة، والاهتمام بالأعمال الدرامية المبتذلة على حد وصفه، وأوضح أسباب تقليص الجرعة الدينية فى الأعمال الفنية التى تُعرض فى رمضان، وكيفية استعادتها مجدداً لمواجهة الأعمال الفنية السيئة، والتنظيمات الإرهابية المتطرفة التى تستخدم غياب الوعى الدينى فى نشر وترسيخ مبادئها المتطرفة والعدوانية فى الشباب.
■ لاحظنا فى السنوات الأخيرة قلة إنتاج وعرض المسلسلات الدينية، هل الأمر متعلق بأحداث ثورة 25 يناير وما تلاها؟
- فى الواقع مسألة قلة إنتاج وعرض المسلسلات الدينية ليس لها علاقة بثورة 25 يناير، ولا بالأحداث السياسية الأخيرة، بل إن مسألة انخفاض إنتاج المسلسلات الدينية الرمضانية بدأت من قبل الثورة، وقبل اشتعال الأحداث السياسية للثورة بعدة سنوات، وكان ذلك تزامناً مع ظهور أنظمة حديثة للإنتاج مثل المنتج المنفذ، والمنتج المشارك، وكانت الدولة فى السابق هى التى تقوم بإنتاج هذه الأعمال الفنية المكلفة، حيث أنتج قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون مثلاً مسلسل عمر بن عبدالعزيز عام 1994، ومسلسل هارون الرشيد عام 1996، وكان القطاع الخاص أيضاً قادراً على إنتاج هذه المسلسلات حينما كانت الأجور والأسعار منخفضة، وهذه الأعمال عادة تكون كبيرة وضخمة، ولكى يتم تنفيذها بصورة صحيحة لا بد أن يكون هناك إنفاق وموارد مالية وفيرة، وكان ذلك من ميزانية الدولة.[FirstQuote]
■ وماذا حدث بعد ذلك؟
- ارتفاع الأجور والأسعار أدى إلى خسارة القطاع الخاص والعام، وانحسر الإنتاج فى الأعمال الدرامية التى تحتاج إلى موارد قليلة إذا ما قورنت بالمسلسلات الدينية، واهتمت الأنظمة الحديثة فى الإنتاج بالأرباح بشكل صريح وواضح، وللأسف حذا القطاع العام حذو القطاع الخاص، وانحسر إنتاجه للمسلسلات الدينية، وأصبح نهج القطاع العام مثل القطاع الخاص وقلّت الأعمال الفنية الدينية المعروضة.
■ فى رأيك من المسئول عن انصراف القطاع العام عن إنتاج الأعمال الفنية الدينية؟
- المسئول عن انصراف القطاع العام عن الأعمال الدينية هو الإرادة السياسية التى رأت أن الأعمال الدينية قد تنبّه الناس إلى بعض الفضائل، وتفتح أذهانهم نحو المطالبة بتحقيق العدل الاجتماعى، ومواجهة الفساد، حيث إن الدين الإسلامى يطالب بالعدالة الاجتماعية والحرية الشخصية واحترام الإنسان، فقامت الإرادة السياسية بتقليل الجرعة الدينية قدر الإمكان، وبدا ذلك واضحاً حتى فى اختيار أوقات العرض واختاروا أوقاتاً «ميتة» لعرض المسلسلات الدينية التى كانت غالباً فى الوقت الذى يكون فيه الناس مشغولين بأى أعمال منزلية، أو فى أوقات متأخرة من الليل، بل كان يتم عرض المسلسل قبل أذان المغرب أثناء التجهيز للإفطار وأثناء العودة من العمل وفترة الزحام فى الشوارع قبل الإفطار، أو أن يُعرض ليلاً فى أوقات النوم. واستمر الحال على هذا المنوال إلى أن وصلنا فى السنوات الأخيرة إلى أن أفرزت أنظمة الإنتاج الحديثة أعمال النجم الأوحد، أو النجمة الواحدة، الذى يقوم العمل كله على إبرازه وتلميعه، على عكس الأعمال مشتركة البطولة التى كانت عادة كبيرة الحجم والإنتاج والهدف.
■ وما الحل من وجهة نظرك؟
- الحل موجود عند الدولة والإرادة السياسية التى يجب أن تعى أهمية ودور الأعمال الفنية الدينية التى تعرض الإسلام الحقيقى وصفات الأنبياء والصالحين، لكى نربى أبناءنا على الصفات الحميدة بدلاً من التطرف الذى يسرق شبابنا ويسوقهم إلى أن يدمروا البلد ويهددوا الأمن بالتفجيرات والأعمال الإرهابية، والتنظيمات الإرهابية ظلت تنمو يوماً بعد يوم، والدولة لا ترد على هذا التطرف، بل قضت على الوسائل التى تواجه هذا التطرف، وأصبح المنتج الدينى سلعة غير رائجة وأصبح القطاع العام يسير خلف الخاص الذى لا يمكن أن يخصص موارد مالية بوازع وطنى أو قومى، وأصبح القطاع العام غير مدرك أنه لا يهدف للربح وأنه يهدف إلى تقديم خدمات تثقيفية للحفاظ على الهوية المصرية ولتنمية الروح الوطنية، وعرض الثقافة الدينية الصحيحة، ويبدو أن الإرادة السياسية انتهجت تقليص الجرعة الدينية للمجتمع تماشياً مع نظرية تضليل المجتمع حتى لا يفيق ويطلب بحقوقه، لكن الآن على الدولة أن تدرك أهمية العمل الفنى الدينى الذى لا يقل أهمية عن المدارس والمستشفيات والخدمات الثقافية، وللحفاظ على أبنائنا من أن يكونوا فريسة للأعمال المسفّة والتافهة.