تعرف على موقف "أهل مكة" من رحلة "الإسراء والمعراج"
![تعرف على موقف](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/32263_660_2215.jpg)
أراد النبي صلى الله عليه وسلم، أن يكشف لأهل مكة ما حدث له في معجزة "الإسراء والمعراج" وكيف أن الله تعالى أسرى به إلى بيت المقدس وصلى بالأنبياء جميعًا في المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات السبع.
ويقول الدكتور عصمت رضوان أستاذ الأدب بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بسوهاج، لـ"الوطن"، إن الرسول عانى كثيرًا من أهل مكة خاصة في تصديقهم لهذه الرحلة، فقد روى ابن عبَّاسٍ (قال رسول الله: لَمَّا كَانَ لَيْلَةُ أُسْرِى بِي وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ فَظِعْتُ بِأَمْرِي، وَعَرَفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ، فَقَعَدَ مُعْتَزِلاً حَزِينًا، وقَالَ: فَمَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ أَبُو جَهْلٍ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هَلْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "نَعَمْ". قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: "إِنَّهُ أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ". قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَال: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ". قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يُكَذِّبُهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِذَا دَعَا قَوْمَهُ إِلَيْهِ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ تُحَدِّثهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "نَعَمْ").
فَقَالَ أبوجهل: هَيَا يَا مَعْشَرَ بني كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. حَتَّى قَالَ: فَانْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا. قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ". قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ قُلْتُ: "إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ". قَالُوا: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَمِنْ بَيْنِ مُصَفِّقٍ وَمِنْ بَيْنِ وَاضِعٍ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مُتَعَجِّبًا لِلْكَذِبِ زَعَمَ قَالُوا: وَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَنْعَتَ لَنَا الْمَسْجِدَ؟ وَفِي الْقَوْمِ مَنْ قَدْ سَافَرَ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ وَرَأَى الْمَسْجِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "فَذَهَبْتُ أَنْعَتُ، فَمَا زِلْتُ أَنْعَتُ حَتَّى الْتَبَسَ عَلَيَّ بَعْضُ النَّعْتِ - قَالَ - فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ، حَتَّى وُضِعَ دُونَ دَارِ عِقَالٍ أَوْ عَقِيلٍ، فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ". قَالَ: وَكَانَ مَعَ هَذَا نَعْتٌ لَمْ أَحْفَظْهُ. قَالَ: فَقَالَ الْقَوْمُ: أَمَّا النَّعْتُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَصَابَ.
وهنا كانت المعجزة للرسول الكريم، فقد أراه الله تعالى المسجد الأقصى أمامه، ينعته لأهل مكة، يصف أبوابه ومخارجه، وصفًا يحيِّر السامعين له، ويُؤَكِّد لمن أتى مشكِّكًا في نبوَّته أنه نبي مُرْسَل من قِبَلِ الله، وكان موقفُ صحابة النبي ثابتًا راسخًا في قرارة أنفسهم.
وأوضح رضوان أن من أعظم المواقف التي دلَّت على رسوخ اليقين عند أبي بكر ما ذكره ابن المسيب، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انتهى إلى بيت المقدس لقي فيه إبراهيم، وموسى، وعيسى عليهم السلام، وأنه أُتِيَ بقدحين: قدح لبن، وقدح خمر، فنظر إليهما، ثم أخذ قدح اللبن، فقال له جبريل: "هُدِيتَ الفطرة، لو أخذتَ الخمر لَغَوَتْ أُمَّتُكَ".
ثم رجع رسول الله إلى مكة فأَخْبَر أنه أُسْرِيَ به، فافتُتِنَ ناس كثير كانوا قد صلَّوْا معه. قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: فتجهَّز ناس من قريش إلى أبي بكر، فقالوا له: هل لك في صاحبك، يزعم أنه قد جاء بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة؟.
فقال أبوبكر: أَوَ قَالَ ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فأَشْهَدُ لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: فتُصَدِّقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة، ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني أُصَدِّقه بأبعد من ذلك، أصدِّقه بخبر السماء، قال أبو سلمة: فبها سُمِّيَ أبو بكر الصِّدِّيقَ.
واختتم رضوان حديثه قائلًا: "ما كان لأهل مكة تجاه رسول الله إلا التكذيب والعداء والاستهزاء، وذلك لحقدهم عليه وما عاناه الرسول صلى الله عليه وسلم منهم كان أكثر ولكنه تحمل كل ذلك ليعلمنا الصبر ولنعلم قيمة هذا الدين".