الأبنودى".. الرجل الذى قال لـ"أم كلثوم": لا
خمسون عاماً قضاها «الأبنودى» وسط عالم الغناء والطرب، فالشاب الصعيدى ظل فترات حياته بأكملها يتعاون ويكتب لكبار مطربى مصر والعالم العربى بداية من عبدالحليم حافظ، ومحمد عبدالمطلب، وصباح، وشادية، ومحمد رشدى مروراً بميادة الحناوى وماجدة الرومى وأخيراً لهانى شاكر وعلى الحجار ومحمد منير.
لم يكن لدى عبدالرحمن الأبنودى أى علاقة بالأغنية، فهو كان يشغل باله طيلة الوقت بكتابة القصائد ولم يكن يتخيل أن تتحول تلك القصائد إلى أغانٍ تذاع عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فهو كان يكتب ما يدور فى عقله على الورق، وينشرها فى عدد من الصحف اليومية أو فى ديوان يطبعه. لا ينسى «الأبنودى» أول قصيدة تحولت إلى أغنية وأذيعت على أثير الإذاعة المصرية، وهى قصيدة «انقذ قطنك» التى حولتها المطربة المغمورة فاطمة على إلى أغنية بعد ما كتبها «الأبنودى» كقصيدة على صفحات جريدة الأهرام، الغريب فى الأمر أن القصيدة تحولت إلى أغنية دون علم «الأبنودى»، حيث إن المسئول عن الإذاعة فى ذلك الوقت، حسن الشجاعى، طلب تحويل القصائد الشعرية المهمة التى تكتب فى الجرائد إلى أغانٍ وقرر البدء بقصيدة «الأبنودى» التى نشرت فى الأهرام وطلب من الشاعر الراحل صلاح جاهين أن يرتب له مقابلة مع «الأبنودى» لكى يتفق معه على أعمال أخرى.
وبالفعل بدأ «الأبنودى» فى كتابة 3 أغنيات جديدة للإذاعة، هى «اتمد يا عمرى اتمد» وهى أغنية للسد العالى، و«بالسلامة يا حبيبى بالسلامة» والثالثة «تحت الشجر يا وهيبة» وعرضها على مسئول الإذاعة، الذى وافق على الأولى والثانية، ورفض الثالثة نظراً لصعوبة إيجاد مطرب يستطيع أن يغنى كلماتها فعرض عليه «الأبنودى» اسم «محمد رشدى»، فسأله «الشجاعى»: هل لديك جهة اتصال به؟ فرد «الأبنودى»: لا، فطالبه «الشجاعى» بالبحث عن رقمه والاتفاق معه، وبالفعل ذهب «الأبنودى» إلى معهد الموسيقى وحصل على رقمه واتصل به، وعلى حد وصف «الأبنودى» كانت المكالمة التى أجراها برشدى غريبة للغاية، حيث عامله «رشدى» بجفاء شديد، ووافق على لقائه بعد معاناة، على قهوة التجارة بشارع محمد على، وحينما علم «رشدى» أن «الأبنودى» جاء من طرف حسن الشجاعى تغيرت المعاملة، وأصبح يتعامل معه بكل حب واحترام إلى أن قال له «الأبنودى»: «على فكرة يا رشدى ده زمنك إنت مش زمن عبدالحليم حافظ».
نجاح الثنائى «الأبنودى ورشدى» بدأ مع أغنية «تحت الشجر يا وهيبة» التى لحنها عبدالعظيم عبدالحق، الذى قال على النص الشعرى الذى كتبه «الأبنودى»: «دا نص ما حصلش»، وبعد أيام من إذاعتها حققت الأغنية نجاحاً منقطع النظير، وعاد محمد رشدى مرة أخرى إلى الحياة الغنائية، وقال «رشدى»: «إن حياته تغيرت بعد الأغنية وأصبح لها مكان آخر، وإن الفضل فى ذلك يعود إلى الأبنودى الذى أنقذه من الاعتزال»، ومن يومها أصبح «الأبنودى» و«رشدى» لا يتفارقان، وجاءت الضربة الثانية لهما وهى مع أغنية «عدوية»، التى لم تقل فى نجاحها عن «وهيبة» والمفاجأة أن «الأبنودى» كشف أن «عدوية» هى شخصية حقيقية قابلها حينما كان يذهب إلى منزل الملحن عبدالعظيم عبدالحق، ورأى فيها صورة البنت القروية المصرية وكانت هذه الأغنية أول عمل يتعاون فيه رسمياً «الأبنودى» مع بليغ حمدى بعد أن تهرب «عبدالحق» من تلحين الأغنية. أما مشوار «الأبنودى» مع عبدالحليم حافظ، بدأ عندما خشى العندليب الأسمر أن يحقق «الأبنودى» كل هذا النجاح مع محمد رشدى الذى كان يعد أحد منافسيه، وكان يخشى أن يسحب البساط من تحت قدميه. لم يبتعد كثيراً «الأبنودى» فى التعامل مع جيل العمالقة فى الغناء، فمثلما سعى إليه «حليم» لكى يغنى من كلماته، سعت أيضاً أم كلثوم لنفس الأمر، ولكن الفرق أن «الأبنودى» كان سعيداً بالتعاون مع «حليم» على العكس من أم كلثوم، «الأبنودى» رفض 3 مرات التعامل مع أم كلثوم وفى كل مرة كانت «كوكب الشرق» تزداد غضباً من الصعيدى الأسمر الذى كانت ترى استحالة أن يرفض لها أحد طلباً، فحينما طلبت غناء أغنية «بالراحة شوية» قال لها «الأبنودى» إنها لا تناسبها، وحينما طلبت غناء أغنية «ثورة اليمن» قال لها إنه أعطاها للملحن عبدالعظيم عبدالحق، والمرة الثالثة كانت أغنية وطنية التى قال لها إنها خاصة لـ«حليم».