تقرير بـ«الكونجرس» يكشف خطط تحرك إيران للسيطرة على الشرق الأوسط
![تقرير بـ«الكونجرس» يكشف خطط تحرك إيران للسيطرة على الشرق الأوسط](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/336800_Large_20150409085855_15.jpg)
قبل أسابيع قليلة من الإعلان عن التوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووى الإيرانى بين طهران ومجموعة الـ«5 + 1» فى لوزان بسويسرا، إثر مفاوضات طويلة فى فيينا، نشر الكونجرس الأمريكى تفاصيل جلسة سابقة له، ناقش فيها ما الذى يمكن أن يحدث لو تم بالفعل التوصل إلى اتفاق مع إيران بالجهود الدبلوماسية لإدارة «أوباما»، وما يمكن أن يعنيه رفع العقوبات عنها. وعلى الرغم من أن تاريخ الجلسة التى تم نشر تفاصيلها الكاملة مؤخراً، يشير إلى أنها عُقدت فى أواخر العام الماضى، فإن أهميتها تكمن فى الزاوية التى اختار أعضاء الكونجرس الأمريكى أن يناقشوا التهديدات الإيرانية من خلالها، وهى زاوية الدور الإيرانى فى ضرب استقرار الشرق الأوسط، من خلال الاعتماد على سياسة الانقسامات، واستغلال التوترات الطائفية، واللعب بنيران التطرّف الدينى والحركات الإرهابية، والسعى لهز أركان النظام السنى الذى يتكوّن منه غالبية المسلمين فى الشرق الأوسط، لحساب حركات معارضة شيعية تحظى بالمال والسلاح الإيرانى الذى سيتضاعف حتماً، لو تم رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة حالياً على إيران بسبب أزمة برنامجها النووى. يكشف تقرير الكونجرس الأمريكى أن طموحات إيران بالتوسُّع فى المنطقة عبر استغلال الانقسامات الطائفية فيها، لا يقل خطورة عن برنامجها النووى، وأن طموحات إيران التوسُّعية فى الشرق الأوسط يمكن أن تمثل خطراً على العالم لا يقل عن خطر طموحاتها النووية. وأن التوصل إلى اتفاق نووى مع إيران، لا يمكن أن يعنى أبداً «النوايا الحسنة» لقادتها، هؤلاء القادة الذين يعرفون كيف يصافحون الأمريكان على مائدة المفاوضات بيد، فى الوقت الذى تمتد فيه يد أخرى لتمويل وتهريب السلاح لكل من يجيد الطعن فى ظهور الدول الأخرى من حولها.
وانتقل تقرير الكونجرس بعدها لاستعراض شهادة خبير آخر فى الشئون الإيرانية، هو «سكوت مودال»، الخبير فى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذى قال إنه سيستعرض أمام لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، الأهداف بعيدة المدى للسياسة الخارجية الإيرانية، وأسلوبها فى ضرب وزعزعة استقرار المنطقة، إضافة لما أطلق عليه «خطة التحرك» الخاصة بإيران لبسط نفوذها على المنطقة.
قال الخبير الأمريكى إنه بين عامى 2011 و2012، قال أعضاء من قوات الباسيج، وهى قوات شبه عسكرية تابعة للحرس الثورى الإيرانى، بعد انتشارهم فى سوريا والعراق، إن أجندة إيران فى المنطقة تقوم على تكوين قوة من مليون مقاتل عبر المنطقة بأسرها، وهى عبارة كررها أعضاء «الباسيج» الإيرانيون أكثر من مرة، مؤكدين أنه من ضمن الأهداف الإيرانية نشر قوة من 200 ألف مقاتل على طول الطريق من إيران إلى لبنان، وعلى الرغم من وجود عوائق كثيرة يمكن أن تقف فى وجه هذا الطموح، فإن ذلك الهدف يظل حقيقياً قائماً بالنسبة لهم، بشكل يجعلهم يتحركون نحوه باستمرار. وأضاف: «أن الإيرانيين قد جلسوا إلى طاولة المفاوضات فيما يتعلق ببرنامجهم النووى فقط بسبب العقوبات الاقتصادية المريرة التى يواجهها اقتصادهم، إلا أن أجندة طموحاتهم بالتوسع فى المنطقة ما زالت قائمة ومستمرة كما هى، خاصة أنهم يتوسعون أيضاً فى إقامة قواعدهم التى يمكن أن تنطلق منها عملياتهم فى المنطقة فى دول مثل السودان وإثيوبيا، وهو تحرك لا يشير أبداً إلى دولة تسعى للتوصل لاتفاق حول برنامجها النووى».
وقال الخبير الأمريكى فى شهادته أمام الكونجرس: «لقد تركزت السياسة الأمريكية إزاء إيران على مواجهة طموحها النووى فى الأساس، إلا أنها لم تمنح الاهتمام المطلوب للتهديدات التى تفرضها شبكة تحركات الحرس الثورى الإيرانى فى محيطه الإقليمى، لقد كانت سياسة الولايات المتحدة خلال تفاوضها حول الملف النووى الإيرانى، تستند إلى أساس مزدوج قائم على الجهود الدبلوماسية وفرض العقوبات، وبدت تلك الاستراتيجية فى الوقت الحالى على درجة ما من الواقعية التى تجعلها قادرة على تحقيق أهدافها، إلا أن الواقع أن برنامج إيران النووى، هو مجرد «رأس حربة» يغطى طموحات الجمهورية الإسلامية التى تريد التوسع عبر المنطقة كلها، مستندة فى ذلك على سياسة خارجية قائمة على التفرقة على أسس طائفية».
وتابع: «تعتمد إيران، فى محاولتها لبسط نفوذها خارج حدودها، على شبكة من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، يمكن أن يطلق عليها اسم «شبكة التحرك الإيرانية»، أعضاء هذه الشبكة يتولون مهمة التخطيط لزرع عناصر تنفيذ أجندة السياسة الخارجية الإيرانية بشكل خفى غير معلن، مستندين فى ذلك إلى الإرهاب، ومحاولات السيطرة والتحكم عبر الاقتصاد، وعمليات تهريب السلاح غير المشروعة، إضافة إلى التلاعب بالمخاوف والطموحات النووية، وتعتمد إيران أساساً على ثلاث منظمات لتنفيذ توسعاتها وسياساتها الخارجية. الأولى هى «فيلق القدس»، الذى يعد ضمن قوات النخبة فى الحرس الثورى الإيرانى، والمسئول عن التخطيط لحروب العصابات والتحركات العسكرية غير التقليدية التى تخدم الأهداف الإيرانية فى المنطقة، بما فيها استخدام واجهات ثقافية واقتصادية ومدنية لتغطية أنشطته فى الدول الأخرى، واستخدامها فى توجيه التمويل والدعم للجماعات المسلحة والحركات المعارضة الموالية لإيران وأجندتها على امتداد الشرق الأوسط».
ويواصل: «الذراع الثانية فى خطة تحرك «طهران» فى الشرق الأوسط، هى المخابرات الإيرانية، وهى تلعب الدور الرئيسى فى جمع المعلومات التى تحتاجها إيران من دول المنطقة، ومسئولة عن رسم وتنفيذ برامج العمليات السرية فى الداخل والخارج، وهى تعمل عن كثب مع الميليشيات والجماعات المسلحة التى تخدم أهداف إيران فى المنطقة، أما المنظمة الثالثة التى تعتمد عليها الخطة الإيرانية حالياً، فهى حزب الله اللبنانى الذى ظل أقوى حليف لإيران منذ الثمانينات، خاصة أن دوره لم يعد مقتصراً كما كان على مواجهة إسرائيل، وإنما امتد فى السنوات الأخيرة لكى يصبح عنصراً أساسياً فى الحرب على الخطوط الأمامية فى سوريا، إلى جانب خبراء فيلق القدس، ومن يقومون بتدريبهم فى قوات الجيش السورى التابع لبشار الأسد».
ويضيف: «هذه الخطة هى باختصار وسيلة إيران للحفاظ على النظام القائم فيها داخلياً وخارجياً، وكما يبدو فإن التحركات الإيرانية لبسط نفوذها فى المنطقة قائمة أساساً على العمليات السرية، والتهرب من أى محاولة لفرض العقوبات عليها، والإرهاب، إضافة إلى دعم وتدريب وتسليح الميليشيات الإسلامية فى طول المنطقة وعرضها».
وواصل الخبير الأمريكى: «إن كل ما تطمح إليه إيران هو التوصل لاتفاق نووى يمكن أن يضخ الحياة لاقتصادها، فكل ما تحتاجه طهران حالياً هو أن يتعافى اقتصادها لكى تصبح قادرة على أن تطلق عملياتها بكل قوتها وطاقتها فى العراق والشام واليمن وعلى امتداد الشرق الأوسط، هذه العمليات التى تم تحجيمها بشدة رغم أنف طهران، بسبب تقليص الميزانيات اللازمة لشن عمليات من هذا النوع، لكن الواقع أنه حتى مع الوضع الخانق الذى عانى منه الاقتصاد الإيرانى مؤخراً بسبب فرض العقوبات عليه، ظلت طهران مصرة على فرض أجندة سياستها الخارجية التى تهدف إلى زعزعة الاستقرار فى المنطقة».
وواصل: «وفى اليمن أيضاً، قامت إيران بإمداد المتمردين الحوثيين بالمال والسلاح وبالمعلومات الاستخباراتية. ويمكن القول إن كلاً من اليمن والسودان أصبحتا مراكز إقليمية بالنسبة لإيران، أو قواعد تنطلق منها عمليات إنتاج الأسلحة وتوزيعها وتهريبها، وتلعب موانئ الدول الأفريقية دوراً مهماً فى خدمة أهداف إيران فى المنطقة».
وتابع: «ما الذى يمكن أن يعنيه إذن التوصل لاتفاق نووى مع إيران فى ظل المشهد الحالى؟ إن إيران تنظر إلى أى اتفاق من هذا النوع على أنه أمر تحتاجه بشدة لإعطاء دفعة للاقتصاد الإيرانى، فأغلب التقديرات تشير إلى أن التوصل لاتفاق نووى يمكن أن يكون مقدمة تتيح لإيران الوصول لأرصدتها المجمدة فى البنوك الأجنبية التى تصل قيمتها إلى حوالى 100 مليار دولار، إضافة إلى مليارات الدولارات الأخرى التى يمكن أن تتدفق إلى إيران لو تم تخفيف القيود المفروضة على صادرات البترول الإيرانية، فى الوقت نفسه، تبدو العديد من الدول الأوروبية على استعداد للعودة للعمل مع الأسواق الإيرانية، بما يضخ مليارات إضافية فى صورة استثمارات أجنبية مباشرة».
وأضاف الخبير الأمريكى فى شهادته: «كل هذا يمكن أن يمد قدرة شبكة الحركة الإيرانية بموارد مالية هم فى أشد الحاجة إليها لكى يعيدوا مستوى عملياتهم وتحركاتهم الخارجية إلى مستوى أعلى مما كان عليه من قبل، وسيظهر ذلك فى صورة إمدادات للجماعات الموالية التى توقف تمويلها، وتم تقليصه نظراً للعقوبات المفروضة على إيران، وزيادة التدريبات العسكرية المشتركة والبرامج الأمنية مع دول أفريقيا، وزيادة التمويل الإيرانى لحركة حماس».