بخطواتهم الرتيبة التي تعرف طريق مدرستهم الحكومية بصعيد مصر بمحاذاة الترعة الإبراهيمية، مشى طلاب مدرسة ناصر بالزي الثانوي يتبادلون أطراف الحديث الذي يخلو من الأحلام البعيدة، فقط دراسة المناهج الدراسية والنجاح في الامتحانات والتنزه نهاية الأسبوع، لم يتبادر لذهنهم أن ثمة أحلام جديدة ستغزو عقلهم بعد دقائق قليلة وستغير واقعهم لواقع جديد يتلاءم مع متطلبات العصر المرسومة على يد الذكاء الاصطناعي الذي لم يكونوا قد تعرفوا عليه بعد.
اصطحب المشرف الاجتماعي، أميرة وعمر، من طلاب كلية الهندسة بحماسة بين الفصول الدراسية تاركا لهم مهمة اختيار فريق من الطلاب لإطلاق مبادرتهم لتعليم طلاب المدارس الحكومية بأسيوط علوم الروبوت والمشاركة بهم في البطولات الدولية، خاصة بعد دعمهم من إحدى الجمعيات الخيرية لتوفير الأدوات والمستلزمات اللازمة لمشروعات الروبوت، «لفينا على مدارس كتير مدرسة ناصر ومدرسة خديجة يوسف بنات ومدرسة المشير ومدرسة أسيوط المتميزة وغيرها، كنا بندور على طلاب تشوف فيهم الشغف أنهم عايزين يتعلموا حاجة لها علاقة بالروبوت والتكنولوجيا».
واقع جديد لـ 40 طالبا من المدارس الحكومية بالصعيد
40 من طلاب المدارس الحكومية بالمدينة الصعيدية البعيدة بدأوا تلقي المنهج التقني البسيط الذي وضعه مؤسسو المبادرة «أميرة وليد عبد الرازق طالبة في الفرقة الرابعة من كلية الهندسة قسم كهرباء شعبة اتصالات وإلكترونيات، وعمر مصطفى طالب بالفرقة الرابعة كلية الهندسة قسم كهرباء شعبة حاسبات ونظم»، بعد تخطيهما صعوبات إقناع كافة المدارس بأهمية المبادرة.
وأوضحت أميرة في حديثها لـ «الوطن»: «مش كل المدارس كانت مرحبة بالفكرة في البداية لأن الفكرة جديدة، ومع ذلك في ناس ساعدتنا زي المشرف الاجتماعي بمدرسة ناصر وحكى للطلاب عن المبادرة وأخذ أسماء المهتمين، وفي طلاب جابوا أصحابهم بمدارس مختلفة وبدأنا بأكثر من 50 طالبا من أعمار مختلفة من أول تانية إعدادي لحد تالتة ثانوي، واستبعدنا ابتدائي في الأول عشان هيحتاجوا مجهود أكبر».
مفاجأة سارة
اكتفى مؤسسو المبادرة بإنجاز مشاركة الفريق ببطولة العلمين الدولية كأول فريق من المدارس الحكومية بالصعيد بعدما اقتصرت المشاركات السابقة على مدارس اللغات وستيم، ولم يكونوا يعلمون أن مفاجأة سارة بانتظارهم بعد أن حصدوا عددا كبيرا من الجوائز والألقاب الدولية، «مشاعر غريبة وجديدة مكناش مصدقين ومش لاحقين نرجع نقعد في مكانا كل شوية يقولوا اسمنا عشان نتكرم».
مشاركة بـ4 فرق من طلاب أسيوط
وأكملت «أميرة»: شاركنا بـ 4 فرق في كل أقسام مسابقات بطولة العلمين الدولية الأربعة، وهي: فريق للمشاركة بمسابقة Metal Monsters، وهي مسابقة عبارة عن صراع بين روبوتين مختلفين مزودين بأسلحة لقتال الروبوت الخصم، والمسابقة عبارة عن أدوار إقصائية إلى أن يتم تحديد الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى عن طريق الروبوت الذي تمكن من الصمود لنهاية المبارزة، وفريق لمسابقة Underwater Robotics Challenges – ROV، وهي عبارة عن مسابقة للتحديات المائية، يقوم المشاركون بصنع غواصة صغيرة قادرة على عمل مهمات الاستكشاف تحت الماء والإصلاح البحري، وفريق ثالث للمشاركة بمسابقة Minesweepers، وهي مسابقة كاسحي الألغام وفيها يقوم المشاركون بصنع روبوت قادر على مسح منطقة كاملة وتحديد أماكن الألغام المدفونة تحت الأرض.
تحقيق الحلم
«الحمد لله شاركنا وفوزنا فيهم بسبب تحملهم المسؤولية وشغلهم كل يوم لأكتر من 10 ساعات» بحسب أميرة، وأوضحت أن فبراير الماضي كان شاهدا على بداية الفكرة وأكتوبر على نجاحها بعد فوز الفريق بالمراكز الأولى في كل فروع البطولة.
تعليقات الفيسبوك