رئيس أركان إسرائيل في حرب أكتوبر 73: السادات فاجأنا بما لم نكن نتخيله
"لم أكن أتخيل أن السادات سيباغتنا"، هذا ما اعترف به الفريق دافيد إليعازار، رئيس أركان إسرائيل في حرب أكتوبر 73، في شهادته أمام لجنة التحقيق الإسرائيلية في إخفاقات الحرب المعروفة باسم لجنة "أجرانات"، والتي أفرجت عنها مؤخرا وزارة الدفاع الإسرائيلية بعد مرور أكثر من 39 عاما.
وأضاف إليعازار في شهادته التي نشرتها صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أنه لم يكن يتخيل أن الرئيس الراحل أنور السادات يمكنه أن يباغت إسرائيل بهجوم مفاجئ، وتابع: "قلت في حينه إن "السادات" يدرك أيضا أنه لا يمكنه أن يفاجئنا مثلما فاجأناه في الخامس من يونيو عام 1967، وفي الواقع هو لم يفاجئنا، وإنما باغتنا بصورة تفوق ما تخيلته".
وقال "إليعازار"خلال الجلسة الأولي للجنة "أجرانات" والتي بدأت عملها في يناير 1974 "لقد بدا أن سياسة السادات كانت أنه قد "قرر ألا يقرر" بمعنى أنه قرر عدم اتخاذ قرار الحرب، فهو يرفع شعارات الحرب في يده اليمنى لتهدئة الرأي العام المصري، وفي يده اليسرى يمسك بزمام جيش لا يستطيع خوض حرب، كما أنه يعلم أن الجيش المصري لا يستطيع الاستيلاء على سيناء بالكامل، كما أن قدرات السوريين لا تمكنهم من الهجوم على مرتفعات الجولان، وبالتالي يصبح من المستحيل أن يستطيع مفاجأتنا كما فعلنا نحن عام 1967، لكنه فاجأنا... كما أنني تصورت أن الهجوم المصري السوري المشترك لن يستطيع إلا أن يستولي على بضعة أمتار في سيناء ومثلها في الجولان.
وأعرب إليعازار في شهادته عن اعتقاده بأن أشرف مروان كان عميلا مزدوجا، وقال في شهادته: "مررت بفترة تخبط كبيرة اشتبهت فيها بأنه عميل مزدوج.. وكثيرا ما كنت أشك في مدى مصداقية التقارير التي يرسلها.. ولكن إيماني بمصداقية هذه التقارير تزايد عندما بدأنا في استلامها واطلعت عليها بتمعن شديد، وحينها تزايد إحساسي بأنها معلومات صادقة، وغير مفبركة وكنت أظن أنه لو كان عميلا مزدوجا لم يكن سيرسل معلومات كهذه".
وأضاف أنه استند في تكوين رأيه بأن مصر لن تهاجم إسرائيل إلى تقديرات جهازي المخابرات الحربية والموساد الإسرائيليين بأن "الفرصة ضئيلة" لاندلاع حرب وبأن استعدادات القوات المصرية ما هي إلا مجرد تدريبات روتينية.
وأكد إليعازار في شهادته أنه لم يرتكب أي أخطاء وقال: "أؤمن إيمانا تاما بأنني تصرفت كرئيس أركان على أكمل وجه طوال هذه الحرب".
وفي رده على سؤال لجنة "أجرانات" حول أسباب عدم محافظة الجيش الإسرائيلي على أقصى حالات التأهب أجاب "إليعازار" أنه خلال التقييم العسكري للقوات المصرية عام 1972 أصدر الأوامر باستغلال الموارد العسكرية في التدريبات، وليس في الإبقاء على حالة التأهب، حيث أن إبقاء الجيش في حالة تأهب قصوى طوال الوقت ودون تطوير لقدراته قد يقلل من مستواه عند المواجهة، وتابع "إليعازار" "لقد وجهت رسالتي لجولدا مائير بأن مصر تفكر وتتحدث عن الحرب وربما تكون هناك حرب واستنتجنا حدوث مواجهة في صيف 1973، ولهذا شرعنا في بدء عملية عسكرية تهدف إلى زيادة استعدادنا لحرب على جميع الجبهات كلفتنا 60 مليون شيكل، كما أن تقييم الاستخبارات العسكرية كان يؤكد أن مصر تقوم بتدريبات ولكن ليس لها أي تطلعات للحرب، ومن المستحيل أن تهاجم سوريا إسرائيل دون مساعدة مصر، كما أن مصر اعتادت القيام بتدريبات عسكرية على الضفة الغربية للقناة دون شن أي هجوم".
من جانب آخر كشفت صحيفة جيروساليم بوست الإسرائيلية عن أن ضابطا بالموساد الإسرائيلي كان قد حذر القيادة الإسرائيلية من حرب وشيكة في تقرير له يوم 5 أكتوبر 1973، توقع فيه هجوما للقوات السورية باتجاه مرتفعات الجولان، إلا أن القيادة تجاهلت التقريره، ووجهت "لفت نظر" للضابط.
وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة الإسرائيلية - حسبما كشفت الوثائق السرية للجنة "أجرانات" التي تم الإفراج عنها- كانت تستبعد احتمالات حدوث حرب في سيناء والجولان، إضافة إلى اعتقاد الإسرائيليين أنهم يمكنهم هزيمة مصر وسوريا بسهولة.
وأضافت الصحيفة أن "لجنة أجرانات" التي حققت في فشل إسرائيل في حرب أكتوبر، قد حملت رئيس أركان الجيش الإسرائيلي "دافيد اليعازار" مسؤولية التقييم الخاطئ للوضع ومدى استعداد الجيش الإسرائيلي وأوصت بإقالته من منصبه هو ورئيس الاستخبارات العسكرية "إيلي زعيرا" ونائبه "أرييه شاليف" مما مهد لاستقالة رئيسة الوزراء "جولدا مائير".