لماذا تستهدف الميليشيات الإرهابية المسيحيين في ليبيا؟
"إرهابي"، يتوسط مجموعة من السفاحين، يحملون خناجرًا يهددون بها ضحاياهم، يرتدون ملابسًا سوداء مثل "النينجا" في الأفلام الأجنبية على سبيل بث الرعب في قلوبهم، ومصريون تحت أيديهم صامدون، لا يأبهون لهم ولا يخافون الموت.
ذُبح 21 مصريًا في ليبيا على يد تنظيم "داعش"، ما أثار تساؤلات حول أوضاع المسيحيين في هذا البلد الذي شهد انتشار المسلحين منذ سقوط نظام القذافي في عام 2011، حيث شهدت ليبيا بعد سقوط نظام القذافي ولدّت مخزونًا طائفيًّا هائلا، يُعزز الكراهية والتباينات المجتمعية، حسب "المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة".
وتعتبر الأوضاع المسيحية في ليبيا عبارة عن تجمعات محلية تعدادها محدود بالنسبة للعدد الإجمالي للسكان، فالتقديرات تُشير أن عدد السكان في ليبيا نحو 6 ملايين نسمة، حوالي "97%" من إجمالي السكان مسلمون سُنّة، أما الـ"3%" فهي تتوزع بين المسيحيين، واليهود، والهندوس، والبهائيين، والبوذيين، والأحمديين.
وأشارت منظمة Open Doors في تقرير لها، إلى أن عدد المسيحيين الليبيين يُقدر بـ35 ألف مسيحي، وقبل الثورة كانت ليبيا تُعد سوقًا للعمالة الأجنبية وخاصة المصريين، فوصل عدد المسيحيين الأقباط "المصريين" حوالي 300 ألف قبطي، وحوالي 80 ألفًا من الإيطاليين الكاثوليك، وأعدادًا من الطائفة الإنجيلية.
وأكد التقرير، أن أعداد المسيحيين داخل ليبيا شهدت تراجعًا خلال السنوات الأخيرة، خاصةً بعد تنامي العنف ضد المسيحيين؛ وانتشر السلاح وظهرت الميليشيات المسلحة، وتأسست التنظيمات التي وضعت تغييرات جذرية في الشأن الليبي.
هذه التغيرات فرضت ضغوطًا على المسيحيين، فاحتلت ليبيا المركز الـ"13"في الاضطهاد الديني بحسب التقرير الصادر عن منظمة "Open Doors"، ومن مظاهر الاضطهاد "القتل بسبب الديانة، والتعذيب، والاختطاف، ومهاجمة دور العبادة المسيحية".
وأشارت التقارير إلى أن السبب في استهداف المسيحيين في ليبيا يرجع لعدة أسباب وهم:
1- الطائفية الحاكمة:
حالة الفوضى التي تعيشها الدولة الليبية في مرحلة ما بعد القذافي، أدت إلى تزايد التهديدات الأمنية، وخاصة المسيحيين، وهو يدل على أسباب دينية بحتة، وعلى سبيل المثال حادث اختطاف المسيحيين المصريين وذبحهم، وتفجير الكنيسة القبطية في مدينة مصراتة ديسمبر 2012.
2- الفاعل الرئيسي:
أحداث القتل والاختطاف التي وقعت في ليبيا خلال السنوات الماضية، أوضحت أن الميليشيات الجهادية التكفيرية هي الفاعل الرئيسي في أغلب تلك الأحداث، ومن صور ذلك إعلان تنظيم "أنصار الشريعة" في فبراير 2014 عن مكافأة لأي شخص مقيم بمدنية بنغازي يساعد في التخلص من المسيحيين الأقباط.
3- التوزيع الجغرافي:
العمليات الموجهة ضد المسيحيين في ليبيا غالبيتها تمت في وسط وشرق ليبيا، وذلك بسبب عدة عوامل أهمها "النمو السريع للفوضى بالمنطقة، وانتشار السلاح، وتزايد نفوذ التنظيمات الإسلامية المسلحة داخل هاتين المنطقتين، لفرض نمط تدين محدد على الأماكن الخاضعة لسيطرتها.
4- التوظيف الدعائي:
النوع الذي يستخدمه "داعش" منذ ولادته في سوريا والعراق، حيث أن التنظيم يقوم بالعمليات رغبة في رسم صورة ذهنية له كـ"تنظيم عنيف"، وهذا النمط تم استدعاؤه في تعاطي "داعش" في ليبيا مع المسيحيين.
5- التوظيف السياسي:
الهجمات على المسيحيين المصريين في ليبيا، لها توظيف سياسي موجه للدور المصري في مواجهة الجماعات الإرهابية سواء في سيناء بعد سقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر أو في شرق ليبيا بعد نشر فيديو يوثق عملية ذبح 21 قبطيًا.