السلام في تايوان مسؤولية مشتركة.. قلق صيني وتحديات أمريكية
![الرئيسان الصيني والأمريكي - أرشيفية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/16920290661673263052.jpg)
الرئيسان الصيني والأمريكي - أرشيفية
تزايدت حدة التوترات بين الصين وتايوان مؤخرا، وخاصة بعد إدانة الرئاسة في تايوان، التدريبات العسكرية الأخيرة التي أجرتها الصين بالقرب من الجزيرة، وذكرت الرئاسة التايوانية في بيان أن السلام والاستقرار في مضيق تايوان يعد مسؤولية مشتركة بين الصين وتايوان، وكان الجيش الصيني أعلن أنه أجرى تدريبات قتالية حول تايوان، أمس، وتابع أنها تركزت على الهجمات البرية والبحرية، وذلك فيما يعد ثاني تدريبات من نوعها خلال أقل من شهر، وزادت الصين من مناوراتها الحربية بالقرب من تايوان، منذ أغسطس الماضي، بعد زيارة نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة في ذلك الوقت إلى تايبيه.
واشنطن وبكين نجحتا في تجنب كارثة قد يسببها استقلال تايوان
وعلى مدى 70 عامًا، تمكنت الصين والولايات المتحدة من تجنب كارثة قد تحدث بسبب تايوان، لكن يتشكل إجماع في دوائر السياسة الأمريكية على أن السلام في هذه المنطقة قد لا يستمر لفترة أطول، حيث يرى العديد من المحللين وصناع السياسة الآن أن الولايات المتحدة يجب أن تستخدم كل قوتها العسكرية للاستعداد للحرب مع الصين في مضيق تايوان، وفي أكتوبر الماضي، حذر مايك جيلداي، قائد البحرية الأمريكية، من أن الصين قد تستعد لغزو تايوان قبل عام 2024، وأيد بعض أعضاء الكونجرس وجهة نظر جيلداي.
وبحسب مركز «فورين أفيرز»، البحثي، هناك أسباب منطقية تدفع الولايات المتحدة إلى التركيز على الدفاع عن تايوان، فالجيش الأمريكي ملزم بموجب قانون علاقات تايوان لعام 1979 بالحفاظ على الدفاع عن تايوان، كما أن واشنطن لديها أسباب استراتيجية واقتصادية وأخلاقية قوية، للوقوف بحزم بجانب الجزيرة، كدولة ديمقراطية رائدة في قلب آسيا، حيث يعد أمن تايوان مصلحة أساسية للولايات المتحدة.
مقياس النجاح هو الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان
وفي نهاية المطاف، تواجه واشنطن مشكلة استراتيجية تتعلق بمكون دفاعي، وليس مشكلة عسكرية، فكلما ركزت الولايات المتحدة على الحلول العسكرية، زاد الخطر على مصالحها، وكذلك على مصالح حلفائها وتايوان نفسها، والمقياس الوحيد الذي يجب الحكم على سياسة الولايات المتحدة على أساسه هو ما إذا كانت تساعد في الحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، وليس حل مسألة تايوان بشكل نهائي، أو بقاء الجزيرة بشكل دائم في معسكر الولايات المتحدة، وبمجرد النظر إلى الموضوع بتلك الطريقة، يصبح الهدف الحقيقي واضحًا، وهو إقناع القادة في بكين وتايبيه بأن الوقت لا يزال في صالحهم، ما يحبط أي فرص للصراع، وكل ما تفعله الولايات المتحدة يجب أن يكون موجهاً نحو هذا الهدف، وذلك بحسب «فورين أفيرز».
خلفية الصراع في السنوات الأخيرة من الحرب الأهلية الصينية 1945-1949، تراجع القوميون الخاسرون إلى تايوان، وأقاموا معاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة في عام 1954، وفي عام 1979 ، قطعت واشنطن تلك العلاقات حتى تتمكن من تطبيع العلاقات مع بكين، ومنذ ذلك الحين، عملت الولايات المتحدة على الحفاظ على السلام في مضيق تايوان من خلال منع الإجراءين اللذين قد يؤديان إلى صراع مباشر، وهما إعلان استقلال تايبيه أو ضم بكين للجزيرة بالقوة، وفي بعض الأحيان، كبحت الولايات المتحدة تايوان عندما كانت تخشى أن تقترب الجزيرة من الاستقلال، وفي عام 2003، وقف الرئيس جورج دبليو بوش بجانب رئيس الوزراء الصيني وين جياباو وعارض علنًا "التعليقات والأفعال" التي اقترحتها تايبيه والتي اعتبرتها الولايات المتحدة مزعزعة للاستقرار، وفي أوقات أخرى، استعرضت الولايات المتحدة قوتها العسكرية أمام بكين، كما فعلت خلال أزمة مضيق تايوان 1995-96، عندما أرسل الرئيس الأمريكي بيل كلينتون حاملة طائرات إلى المياه قبالة تايوان ردًا على سلسلة من اختبارات الصواريخ من جانب الصينيين.
تجنب التحديات والمواجهة المباشرة
للحفاظ على السلام، يجب على الولايات المتحدة أن تفهم دوافع قلق الصين، وأن تضمن عدم الضغط على القيادة الصينية، وإقناع بكين بأن توحيد الجزيرة مع الصين قد يتم في المستقبل البعيد كما يتعين عليها إدراك أكثر دقة لحسابات بكين الحالية، فهم يتخطى التكهنات التبسيطية وغير الدقيقة بأن الحكومة الصينية تسرع خططها لغزو تايوان، بل يجب أن يعزز دعم تايوان ليس فقط أمن الجزيرة ولكن أيضًا مرونة علاقاتها وازدهارها، وستتطلب مساعدة تايوان أيضًا استثمارات أمريكية جديدة في مجالات تفيد الجزيرة خارج النسق العسكري ، بما في ذلك استراتيجية ردع أكثر شمولية للتعامل مع التكتيكات الرمادية التي تتبعها بكين، وقد ينتتقد البعض ذلك، معللين أنه لا يقدم حلا واضحا للمشكلة، ولكن هذه هي النقطة بالضبط، ففي في بعض الأحيان، تكون أفضل سياسة هي تجنب مواجهة التحديات المستعصية، وتجنبها ولو مؤقتا تفاديا لأي خسائر قد لا يحتملها أي طرف.