جمال الكشكي يكتب: لا بد من العراق
الكاتب الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير الأهرام العربي
العراق يشعر بالدفء وسط أشقائه.. يقف بشموخ في قلب العرب.. الحفاظ عليه واجب لاستعادة دوره رسالة من التاريخ إلى المستقبل.. عودة العراق إلى محيطه العربى والإقليمى والدولى، باتت أمرا ضروريا ومهما، لاستقرار وصيانة الأمن القومى العربى.
النسخة الثانية من مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، لم تكن كلمات وسطورا سرعان ما تنتهى بانتهاء فاعليات المؤتمر، إنما هو مؤتمر لشراكة وطنية عروبية، تتأكد وتزداد رسوخا وعمقا يوما بعد الآخر.
فما شهدناه يوم الثلاثاء الماضي، الموافق 20 ديسمبر من عام 2022 بالعاصمة الأردنية عمان، لهو توثيق لمرحلة جديدة بدأت ملامحها يوم 28 أغسطس عام 2021. دارت عقارب الساعة، التحديات تسابق الزمن، لا بد من الوحدة والتماسك وروح العروبة، البدائل فقيرة. مد جسور العمل العربى المشترك، أقصر طرق العبور إلى المستقبل.. الفرصة مواتية، واللحظة تنحاز بشكل حقيقى إلى العرب.. سباق دولي وعالمي نحو العرب.
عشنا ذلك خلال القمة العربية - الصينية، التى شهدتها أخيرا مدينة الرياض، بعدها بساعات كانت طائرات القادة والزعماء العرب تحلق فى الأجواء الدولية، متجهة إلى واشنطن لحضور القمة الإفريقية - الأمريكية.
الأحداث كثيفة ومتلاحقة فى توقيت كثيف ومتلاحق أيضا. القيمة النسبية للعرب تزداد، التحديات الكبرى برغم صعوباتها، فإنها تتحول إلى فرص ذهبية أمام العرب، على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية.
القوى الكبرى تتجه أينما تكن بوصلة المصالح. المنطقة العربية ساحة خصبة، تتنافس على خطب ودها القوى المتنافسة فى العالم.عندما تشرق شمس العراق، تضيء خرائط العرب. مصر صاحبة رسالة قاطعة وفاصلة تجاه مستقبل الاستقرار فى العراق. الرئيس عبد الفتاح السيسى قال للعراقيين: مصر دائما عون لكم وسند لتطلعاتكم وخياراتكم، ليبقى العراق دائما إحدى قلاع العروبة، وندعم جهود وترسيخ مفهوم الوطن الآمن والمستقر بالعراق، وتحقيق الاستقرار بدولنا، له متطلبات لا غنى عنها، تبدأ بتعزيز دور الدولة الوطنية والتصدى للقوات الخارجية.
وأشار الرئيس السيسى إلى تأكيد مصر، على رفضها لأى تدخلات خارجية فى شئون العراق، وأهمية مواصلة الجهود المشتركة، لرفع قدرات مؤسسات الدولة العراقية فى مختلف المجالات، كون ذلك هو السبيل الأمثل، للحفاظ على أمن وسيادة هذا البلد العريق، وهو ما ستنعكس آثاره على أمن سائر دول المنطقة، وأنه إيمانا من مصر بفوائد التعاون المتبادل البناء، فقد شاركنا مع العراق والأردن فى تدشين آلية للتعاون الثلاثى بين الدول الثلاث، كأحد أطر العمل العربى المشترك، الرامية إلى تحقيق التكامل، على نحو يخدم مصالح شعوبنا الشقيقة، فى ضوء ما يربطها من علاقات تاريخية وأخوية ووحدة مصير وأهداف مشتركة.
رسائل الرئيس السيسى فى النسختين الأولى والثانية من مؤتمر بغداد، اتسمت بالعمق والشمولية وتغطية جميع جوانب الاهتمامات العراقية - العربية، رسائل واضحة وقوية إلى الإقليم والعالم، فى ظل التحديات التى تواجه المنطقة فى مختلف الملفات والقضايا، التى تتعلق بالأمن الغذائى والطاقة ومواجهة الإرهاب، بما يعزز قوة الدولة الوطنية التى تحمى وتصون أمنها القومى، ومقدرات شعبها.
النسخة الثانية من مؤتمر بغداد، تجربة تؤكد أهمية العمل العربى المشترك، وتفتح الباب أمام مشروع عروبى قابل للتحقيق على أرض الواقع، فى ظل متغيرات عالمية كبرى، ومن ثم، فإن دعم العراق هو فى واقع الأمر دعم لخرائط العرب، والأمن الإقليمى، ومساحة عربية جديدة، تكتب معاييرها وقواعدها المستقبلية، فالجغرافيا والتاريخ يؤكدان أنه لا بد من العراق.
مقال الكاتب الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي المنشور في العدد الجديد للمجلة.