بروفايل| منصة القضاء.. تكريم العدالة
هى منصة عالية يجلس عليها قاضٍ يرتدى وشاحاً أخضر مزيناً ببعض النجوم البيضاء، ويعلوها ميزان العدل وآية قرآنية «وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ». أمامها يقف المتخاصمون ينشدون العدل والحق وكلهم أمل فى إنصاف الحق ورفع الظلم، أمام المنصة لا فرق بين حاكم ومحكوم، بين غنى وفقير، فالكل أمامها سواسية، وجميع المواطنين متساوون فى الحقوق والواجبات حسب القانون.
حينما وصف الرئيس الراحل أنور السادات القضاة بأنهم «أصحاب المقام الرفيع»، لم يكن يقصد بذلك سوى الإشارة إلى مكانتهم العالية وجلوسهم فوق منصة يقف الجميع أمامها سواء كان رئيساً أو مرؤوساً، وبالتالى لم يكن غريباً أو شاذاً أن يضع قانون السلطة القضائية محاذير على القضاة فى تعاملاتهم وسلوكهم، بل ويتشدد فى محاسبة أى قاضٍ يخالف أعراف المنصة العالية.
من أعلى المنصة يصدر القاضى حكمه، الذى هو عنوان للحقيقة، لا مجال لأحد أن يشكك فيه سوى بسلوك طريق واحد وهو الطعن على هذا الحكم، ورغم أن الفترة الماضية شهدت هجوماً حاداً على منصة العدالة، إلا أنها لم تفقد هيبتها ولم ينل أحد من عدالتها.
بالأمس جلس الرئيس عبدالفتاح السيسى على المنصة العالية بجوار قاضى القضاة المستشار حسام عبدالرحيم، رئيس مجلس القضاء الأعلى ومحكمة النقض، ليكون أول رئيس منتخب بعد الثورة يذهب إلى دار القضاء العالى بوسط القاهرة ويحتفل بأول عيد لهم بعد ثورة 25 يناير 2011، حيث أكد هناك أن القضاء «سيظل مستقلاً لا يتدخل أحد فى شئونه»، هذه الكلمات التى عبر بها «السيسى» عن استقلالية القضاء، كانت بمثابة تكريم لكل القضاة الذين عانوا فى الفترة السابقة من حكم الإخوان ومظاهراتهم التى طالت منازلهم فى المحافظات المختلفة.
أعادت زيارة «السيسى» للقضاة مكانتهم العالية مرة أخرى، وأنهت الصدام بين القضاء والنظام، بعد أن شهد عام حكم الإخوان خلافات بين الرئيس المعزول محمد مرسى والقضاة، بسبب تعديه على استقلال السلطة القضائية، لدرجة دفعت شيوخ القضاة بمجلس القضاء الأعلى إلى النزول من على المنصة العالية، والذهاب لأكثر من مرة إلى قصر الرئاسة فى محاولات لاحتواء أزمة النظام مع القضاة، ورأب الصدع الذى كاد أن يعصف بالقضاء فى مصر.
لم ينس الرئيس السيسى تاريخ القضاء المصرى العظيم وقال «لقد حاز القضاء المصرى على مصداقيته ومكانته عبر مسيرة طويلة وتاريخ عريق منذ بدء التقاضى أمام المجالس الأهلية عام 1875 وإنشاء المحاكم الأهلية عام 1883، وشهد عام 1931 علامة مهمة على طريق هذه المسيرة، عندما أنشئت محكمة النقض لتوحيد المبادئ القانونية وتحرى دقة الأحكام النهائية، وتعاقبت على هذه المحكمة أجيال من خيرة القضاة علماً وعملاً، كان أولهم القاضى الجليل المغفور له عبدالعزيز باشا فهمى، الذى تحمل هذه القاعة اسمه، تخليداً لعطائه وذكراه».