سامي عبد الراضي يكتب عن حكم قضية القرن: "عودوا الى أماكنكم"
![سامي عبد الراضي يكتب عن حكم قضية القرن:](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/253430_Large_20140723032624_11.jpg)
29 نوفمبر 2014 وضع قدميه و"تربع" بقوة في كتاب التاريخ.. اليوم شهد تبرئة أو براءة الرئيس الأسبق مبارك وابنيه ووزير داخليته حبيب العادلي و6 من مساعديه.. الحكم أصاب جموعا بالفرحة.. وجموعا بالحزن والصدمة.. وما بين الفرحة والحزن والصدمة والتريقة.. تبقى بعض النقاط في قضية شغلت وتشغل وستشغل الرأي العام طويلاً، وهي:
1ـ لا يجب التعليق على أحكام البراءة في قضية مبارك.. فالمستشار محمود الرشيدي رئيس محكمة الجنايات طبق قواعد القانون الجنائي على الادعاءات الموجهة للمتهمين، ورد على أمري الإحالة اللذين أرفقتهما النيابة العامة بملف القضية.. وللقضية محطة أخيرة أو توقف أخير في التقاضي، وذلك أمام محكمة النقض، وهي التي تقول كلمة الحسم والنهاية.. سواء براءة أو إدانة.. وذلك عقب طعن النيابة المنتظر تقديمه.
2ـ محاكمة نظام مبارك كان من المفترض أن تكون سياسية، بخاصة مع الفساد والمحسوبية الذي ضرب مصر ومؤسسات كثيرة منها خلال آخر سنوات حكمه.
3ـ ويبقى السؤال عن حقوق شهداء 25 يناير.. البعض من ضحايا يناير كان شبابا يبحثون عن أمل.. والبعض كان لصوصا هدفهم السرقة.. والبعض كان ينتقم من الدولة بحرق أقسام ومراكز للشرطة وبعض المصالح.
4ـ المؤكد أن في ثورة يناير من تاجر وانتظر الفرصة واستعان بعناصر خارجية واقتحم السجون وقتل الضباط والأفراد وسعى للفوضى بقوة ودعمها ورسخها.
5ـ لسان القاضي هو "حيثياته".. لا يجب عليه أن يتحدث أو ينطق أو يتحاور أو يصرح أو يلمح.. لكن المستشار محمود الرشيدي رئيس محكمة الجنايات تحدث ونطق وتحاور وصرح ولمح ولم يصمت.
6ـ المستشار الرشيدي كان عليه أن يبعد عن "الإعلام" ولا يضعه في حسبانه.. يعطي الإعلام حقه في المتابعة وفي "المنع" إذ رأى أن مصلحة القضية تتطلب ذلك.. ولكن الرجل "انغمس" بقوة في الأمر وفي الجلسة الماضية تتذكرون عندما قال: "شغل يا أستاذ عمرو".. قاصدا الأستاذ عمرو الخياط بقناة صدى البلد ليذيع تقريرا عن "مقدمات ومبررات تأجيله للنطق بالحكم".
7ـ ليس عيبا أن يشكر القاضي النيابة العامة ومستشاريه.. ولكن هذا الشكر ليس مكانه "على الهواء مباشرة" وبهذه الجمل والألقاب التي ألغتها ثورة 23 يوليو، وعليه مراجعة ما قاله بيان الرئيس الراحل أنور السادات عقب الثورة: "ولقد ألغينا البكوية حتى لا يكون هناك تمييز بين الناس".. لكن الرجل عاد اليوم ومنح "البكوية" لقضاة وأعضاء نيابة.. وليس لدينا مانع من "المنح" ولكن هذا الشكر يا سيادة القاضي يكون في غرفة المداولة قبل أن تنطق بالحكم أو حتى بعد النطق.. أو في نادي القضاة.. أو في أي مكان آخر.
8ـ سيادتك لم تكن بحاجة لشرح أو تذكيرنا بأن سيادتك وصلت للعام 63 في عمرك.. وأن الله سيحاسبك ويسألك عما قضيت وحكمت به، وتعطي مبررا على الهواء قبل أن تصدر الحكم.. حيثياتك تقول لماذا وكيف ومتى وأين ولماذا.. والحساب فيما بعد بين يدي الله.
9ـ كما ذكرت في البداية أن هناك فصلا جديدا فى القضية أمام محكمة النقض، بعد أن تطعن النيابة على الحكم، واليوم كلف النائب العام مكتبه الفني بدراسة الحكم.. لا ينبغي على الإعلام أن يستضيف المحكوم عليهم والحاصلين على البراءة ولا يجب التأثير الإعلامي على القضية ومسارها القانوني.
10ـ أخيرا.. كان على القاضي أن يكون مختلفا في تعامله مع الإعلام والقضية، ويقول لنفسه "عود" إلى المنصة ونحى الإعلام والرأي العام عن رأسه.. وألا يخرج بعيدا عن قاعة المحكمة.. وبدلا من أن يقول للمتهمين: "عودوا إلى أماكنكم".. كان عليه هو أن يعود.. يعود في الوقت الذي عاد فيه الجميع إلى أماكنه.. الجميع عاد!