في ذكرى ميلاده.. عزومة جمعت «هيكل ومبارك» لمدة 6 ساعات «من المعتقل للرئاسة»
محمد حسنين هيكل
فجأة يدق الهاتف، يرفع «الأستاذ» سماعة التليفون، ليجد السكرتير الخاص للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك يخبره بنبأ لم يتوقعه: «إن سيادة الرئيس يدعوك إلى الإفطار معه في الثامنة صباحًا بعد غد، وقد اختار موعدا مبكرا؛ لأن معلوماته أنك تستيقظ مبكرا، وهو في ذلك مثلك يبدأ النهار من أوله».. ليصبح ذلك أول لقاء شخصي بين «مبارك» والكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل عام 1981.
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي تمر الذكرى 98 على ميلاده اليوم، أحد أشهر الصحفيين العرب والمصريين في القرن العشرين، فهو لم يكن صحفيا عاديا بل أسهم في صياغة السياسة في مصر منذ فترة الملك فاروق حتى وفاته سنة 2016.. عاصر حكام مصر «جمال عبدالناصر والسادات ومبارك والسيسي»، وكتب عن علاقته بالأنظمة المختلفة، ومنها علاقته بالرئيس الأسبق مبارك، الذي خصص جزءًا للحديث عنه في كتابه «مبارك وزمانه.. من المنصة إلى الميدان».
تفاصيل أول لقاء بين «مبارك» و«هيكل»
تحدث هيكل عن علاقته بالرئيس الأسبق، في الكتاب الصادر في 2011، وأشار إلى أول لقاء شخصي جمع بينهما، الذي استمر لـ6 ساعات متواصلة من الساعة الثامنة صباحًا إلى الثانية بعد الظهر يوم 5 ديسمبر 1981، أي بعد شهرين من تولي الرئيس مهام منصبه، قائلًا: «اللقاء جاء بعد الإفراج عنا من سجن طرة ولقاء مبارك بالمعتقلين في قصر الرئاسة».
ويروي «هيكل» تفاصيل اللقاء، قائلًا: «قلت للرئيس مبارك فور جلستنا إنني فكرت بالأمس أن أطلب تغيير الموعد، لأني قرأت في الصحف عن مشاورات يجريها لتعديل وزاري أعلن عنه، وقد خطر لي أن موعدي معه اليوم قد يحدث التباسا وخلطا لا ضرورة له، بين لقاءاته في إطار التعديل الوزاري وبين لقاءاته العادية الأخرى وضمنها موعدي معه، وأول الضحايا في هذا الخلط والالتباس سيكون فريق الصحفيين الذين يغطون أخبار الرئاسة».
وأشار الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، إلى أن «مبارك» رد مبتسمًا، على حديثه بشأن تغيير الموعد بسبب الالتباس الذي سيعتقده الصحفيون، قائلًا: «وماذا يضايقك في ذلك.. اتركهم يغلطوا».
وأوضح "هيكل" في كتابه، أن لقاء الخامس من ديسمبر مع الرئيس الأسبق، كان الأطول بينهما، كما كانت هناك لقاءات أخرى عابرة وأحاديث معظمها عبر التليفون، مضيفًا: «الحوار بيننا لم ينقطع، وكان صعبا أن ينقطع بطبائع الأمور طالما ظل الرجل مسيطرا على مصر وظللت من جانبي مهتما بالشأن الجاري فيها.. فقد كتبت وتحدثت عن سياساته وتصرفاته، كما أنه من جانبه رد بالتصريح أو بالتلميح، وبلسانه أو بلسان من اختاره للتعبير عنه أو تطوع دون وكالة».
هيكل: لم يخطر ببالي أن مبارك سيحكم مصر 30 عاما
وفي كتابه، كشف «هيكل» عن بداية متابعته للرئيس حسني مبارك، عندما ظهر على الساحة لأول مرة قائدا لسلاح الطيران المصري في الظروف الصعبة التي تعاقبت بعد نكسة 1967، قائلًا: «لم يخطر ببالي وقتها لحظة واحدة أن هذا الرجل سيحكم مصر 30 سنة ويفكر في توريث حكمه لابنه من بعده».
وأضاف: «عندما أصبح مبارك رئيسا بعد اغتيال السادات في أكتوبر 1981، وكنت حينها في سجن طرة (ضمن اعتقالات سبتمبر الشهيرة سنة 1981)، رحت أذكر نفسي وغيري بالمثل الفرنسي الشهير الذي استخدمه الكاتب الفرنسي اندريا موروا، عنوانًا لإحدى روايته (غير المتوقع يأتي دائمًا)».