م الآخر| أين الإنتاج السينمائي والدارمي الديني المصري
سؤال أطرحه على السادة منتجو الدراما المصرية، ولو أني أعلم أنه جاء في وقت متأخر بعض الشيء، وأعلم أيضاً وأنا أكتب المقال أنه قد تم إعادة إذاعة معظم المسلسلات التي تم انتاجها، والتي تعدت المائة مسلسل مصرياً وعربياً، وهذه المسلسلات تميزت هذا العام بأن أغلبها كان مسلسلات اجتماعية وكوميدية ومسلسلات "سيت كوم"، مع القليل من المسلسلات التاريخية وعلى رأسها مسلسل "كليوباترا" الذي تناول فترة مهمة من فترات مصر الفرعونية، ولكن هذا ليس شأننا الآن.
في الحقيقة، أصدقائي الأعزاء، أكتب لكم مقالي هذا لأني أحسست وأنا أتابع الأعمال التي أنتجت في شهر رمضان الماضي، والتي تعاد الآن على معظم القنوات الفضائية، أن هناك قلة في انتاج المسلسلات الدينية بالمقارنة بالسنوات الماضية والتي تعودنا أن نراها كل عام، على الرغم من أنها كانت تعرض في أوقات متأخرة من الليل، وكانت هذه الفترة بالطبع يندر فيها نسب المشاهدة، وكنا نتساءل ونقول لماذا تعرض هذه الأعمال القيمة في تلك الأوقات المتأخرة حيث لا يشاهدها أحد على الاطلاق، فالكل في هذا الوقت نيام، فهذه الأعمال كانت تتناول قصص الأئمة والدعاة الاسلاميين الذين كانوا يقوموا بنشر الدعوة الاسلامية في كل مكان، وكانت هذه الأعمال تحمل سيرهم الذاتية التي نستخلص منها الكثير من المعلومات القيمة التي يستفيد بها الكبير والصغير.
ولكن في الأعوام القليلة الماضية بالتحديد وجدنا أن الشركات المصرية المنتجة للدراما سواًء كانت شركات تابعة لاتحاد الاذاعة والتليفزيون، أو شركات خاصة ركزت على المسلسلات الاجتماعية والكوميدية، وبعض المسلسلات التاريخية، وتركت المسلسلات الدينية جانباً، معللين ذلك أن ليس هناك وقت لعرضها سوى هذه الأوقات المتأخرة، وبالتالي معظم الشركات تشعر أنها أنفقت نقودها في الهواء، ولكن هذا عيب فادح من التليفزيون المصري بقنواته الأرضية والفضائية فمن المفترض أنه أحد الشهور الدينية المقدسة الذي له عاداته وطقوسه الدينية، ولكننا نحن، كشعب مصري، نعتقد خطأ أنه موسم للمسلسلات فالكل يصارع من أجل اللحاق بشهر رمضان والعرض خلاله بحجة نسب المشاهدة العالية، ولكنني أعتقد من وجهة نظري أنه خطأ فادح فمن المفترض أن نقلل من هذه المسلسلات الاجتماعية والكوميدية الساذجة التي لا تليق مع شهر فضيل تكثر فيه العبادات، ونكثر من المسلسلات الدينية التي تحمل العبر والعظات التي يستفيد منها الكبير قبل الصغير.
على النقيض التام من هذا نجد أن شركات إنتاج الدراما في الدول العربية سواًء كانت الحكومية أو الخاصة قد إهتمت اهتمام بالغ بتلك المسلسلات الدينية الغنية بالمعلومات والعظات المختلفة، بالرغم من أنها تركزت كلها حول محور واحد، وهو تجسيد لقصص الأنبياء والرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم، فنجد مسلسلاً يجسد شخصية "سيدنا يوسف عليه السلام" في مسلسل باسم "يوسف الصديق"، وتجسيد للقصة التي نحفظها عن ظهر قلب، ووردت في سورة قرآنية باسمه في القرآن الكريم، وآخر يجسد شخصية "السيدة مريم العذراء" من خلال السورة القرآنية التي سميت باسمها في القرآن الكريم.
وبالرغم من أنها مسلسلات جادة تحمل قصص روحانية، نستخلص منها بعض العبر والعظات التي نسير على نهجها في حياتنا، إلا أنني أعتب على تلك المسلسلات أنها جسدت شخصيات هؤلاء الأنبياء والرسل، وكان يكفي الاشارة إليهم فقط، لأن هذه منطقة من الصعب الاقتراب منها أو المساس بها بأي شكل من الأشكال.
وأخيراً أود أن أقول أن هذه الشركات التي تنتج الدراما العربية تعرف كيف توجه مصادرها، وتعرف أيضاً ماهو الإتجاه الصحيح حتى لا تضيع نقودها هباءاً، وتنتج مسلسلات ذات معلومات قيمة نستفيد منها، فيا ليت شركات الانتاج المصرية تتخذ من هذا عبرة وعظة، وتتنحى بعض الشيء عن المسلسلات ذات الموضوعات السطحية والموضوعات المكررة التي نحفظها عن ظهر قلب، وتبتعد قليلاً عن تحويل كنوز السينما المصرية لأعمال تليفزيونية، حيث يتم انفاق الملايين على تلك المسلسلات التي لا تفيد، وتتجه بعض الشيء لإنتاج المسلسلات الدينية المفيدة، والتي تحتوي على موضوعات ومعلومات هادفة.