بعد اكتشاف "الزرانيخ".. كنوز جنوب سيناء الآثرية خارج خطط الترويج السياحي
خبير: تضم آثار لجميع الحضارات القديمة وما اكتشف منها إلا القليل
أثار جنوب سيناء
تزخر البوابة الشرقية لمصر، بالمناطق الأثرية المهمة من مدينة طابا، وحتى مدينة رأس سدر، فضلا عن كونها كانت معبرًا بين الشرق والغرب، وطريق تجاري مهم، يربط أفريقيا بقارة أسيا بريا، استخدمته البعثات التجارية بين بلاد الشام والحجاز، ومن يومها صارت شبه جزيرة سيناء، شاهدًا على التاريخ.
محافظة جنوب سيناء، تضم مناطق أثرية متنوعة، ما بين "فرعونية، إسلامية، قبطية، ورومانية"، لكن الترويج السياحي لها، لا يتناسب مع حجم هذه الآثار، ويظل السائح الأجنبي يحتل المرتبة الأولى في زيارتها مقارنة بالمصريين.
ورغم أن سيناء كنز للآثار، إلا أن ما اكتشف منه قليل جدًا، فهناك مناطق لم يجر اكتشافها حتى الآن لصعوبة الوصول إليها بسبب التضاريس.
خلال الأسبوع الماضي، انتهت البعثة الأثرية التابعة لوزارة السياحة والآثار من توثيق نقوش أثرية ملونة، عُثر عليها في كهف يقع على بعد 60 كم جنوب شرق "سرابيط الخادم"، وتوقع اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، افتتاح متحف شرم الشيخ هذا العام، ليساعد في تنشيط سياحة الآثار بالمحافظة، تزامنًا مع إرسال المزيد من البعثات لاكتشاف الآثار الموجودة بالمنطقة.
الدكتور مصطفى محمد نور الدين، مدير المركز العلمي بجنوب سيناء والبحر الأحمر، قال في تصريح خاص لـ"الوطن"، إن وزارة الآثار، بصدد تنظيم بعثات علمية وأثرية إلى منطقة شمال سانت كاترين، للكشف عن النقوش الصخرية وتوثيقها.
وستشمل العملية مناطق "جبل الضلل، جبل الجنة، وادي زلقة، عين أم أحمد"، موضحًا أن هذه المنطقة هي طريق قديم يربط بين خليج العقبة والسويس، مرورا بهضبة التيه، وكان يستخدم في أوقات ماضية.
وأضاف أن الوزارة أعلنت الأسبوع الماضي، عن كشف أثري مهم بجنوب سيناء، لمأوى صخري به رسوم صخرية ترجع إلى ما قبل عشرة آلاف عام، يطلق عليه كهف الزرانيج.
"الآثار" ترسل بعثات لاستكمال أعمال اكتشاف "وادى الزرانيخ" شمال سانت كاترين
مدير المركز العلمي بجنوب سيناء والبحر الأحمر، أكد أن المنطقة الموجودة حول الكهف، تتميز بكثرة وديانها الصغيرة المتعرجة، وكثرة هرابات المياه الطبيعية، وهو تفسير منطقي لوجود النقوش، فموضع المأوى هو موقع مراقبة متميز لصيد الحيوانات البرية، كالوعول كما تكثر به النباتات والعشب لرعى القطعان، وتوجد أشجار نخيل في الشرق.
ووثقت البعثة في طريق العودة، أثار وادى الزرانيج وهو عبارة وادى جبلي، بمحور شمال شرق جنوب غرب يتسع حوالى 200متر على الميول الصخرية الشمالية مجموعات كثيرة من الرسومات الصخرية ونقش نبطي.
الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، أوضح أن جنوب سيناء، تضم العديد من الآثار المهمة، من بينها معصرة خاصة للزيتون والكروم، توجد أسفل مسجد الحاكم بأمر الله في دير سانت كاترين وقلعة رأس راية، التي تبعد نحو 8 كيلو مترات جنوب مدينة طور سيناء، ومعبد سرابيط الخادم شيده الملك سنوسرت الأول من ملوك الأسرة الثانية عشر.
وأضاف أن أهم ما يميز منطقة سرابيط الخادم، الكتابات التي جرى اكتشافها فيها عام 1905 والتي عرفت فيما بعد باسم النقوش السينائية وهي أصل الأبجديات، ودير وكنيسة القديس سان جورج بطور سيناء، ومسجد الحاكم بأمر بالله، وهو عبارة عن دير إغريقي أرثوذوكسي، ملحق به كنيسة القديس سان جورج، وبني بالحجر الجرانيت في العصر الفاطمي في القرن الحادي عشر الميلادي، ويسمى الجامع الفاطمي الموجود داخل دير سانت كاترين.
وأكد أن من بين أهم الأثار قلعة نويبع وتعرف بطابية نوبيع وهي عبارة عن طابية صغيرة قامت ببنائها السردارية المصرية في عام 1893، وجعلتها مركزاً للشرطة من عناصر الهجانة لحفظ الأمن في تلك المنطقة، وللقلعة سور ومزاغل وباب كبير.
وداخل السور بئر ماء بجانبه بضعة ألواح من الحجر، إلى جانب دير سانت كاترين الذي يعد من أهم المعالم الأثرية في سيناء، وهو دير إغريقي أرثوذوكسي تم بنائه في القرن السادس الميلادي بواسطة الإمبراطور جستينيان في موقع (الشجرة المحترقة) ويقع عند قاعدة جبل موسى (جبل سيناء) الذي يعتقد أن النبي موسى تلقى الوصايا العشر عنده، فضلا عن دير البنات الذي يوجد بقرية فيران وهو خاص بإقامة الراهبات وبه كنيسة صغيرة.
وأشار إلى أن جزيرة فرعون، أنشأها صلاح الدين الأيوبي في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، وأقيمت لتأمين خليج العقبة ضد الغزوات الخارجية، وتأمين طريق الحج وطرق التجارة.
ويؤكد "ريحان"، أن جنوب سيناء تحوي أثار أخرى مهمة منها كاتدرائية وادى فيران، وهى الكنيسة التي تواجد بها كرسي الأسقفية للأشراف على أنشطة وخدمات الكنائس التابعة له، وهذه الكاتدرائية كانت تضم العديد من الكنائس قبل إنشاء دير طور سيناء في القرن السادس الميلادي، والذى أطلق عليه دير سانت كاترين في القرن التاسع الميلادي.
وأوضح أن فيران كانت في القرن الرابع الميلادي مدينة أسقفية، حولها العديد من القلايا وبها مقعد الباباوية، وكانت تضم عدة أديرة وكنائس، إلى جانب مدينة بيزنطية متكاملة بمنطقة تل محرض في الجزء الجنوبي الشرقي من دير البنات الحديث بوادي فيران، ومساحتها 400م طول، 200م عرض ولها سور خارجي بنى في القرن السادس الميلادي.
اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، قال: إن متحف شرم الشيخ القومي، يتوقع أن يجري افتتاحه هذا العام بعد انتهاء أعمال المرحلة الأولى، موضحا أن وجود متحف في شرم الشيخ يعد إضافة هامة.
وناشد المحافظ أهالي جنوب سيناء، بضرورة إبلاغ وزارة الآثار حال العثور على أثار أو نقوش في أي منطقة، خاصة أن البدو يعلمون الطرق والدروب الجبلية التي تؤدى على الكهوف و المغارات التي كانت مأوى لكل من قدم إلى سيناء.
وطالب السياح، بعدم الكتابة على الأثار الموجودة على الصخور، حيث توجد تعديات على النقوش الصخرية، والكتابات الموجودة على الصخور من قبل بعضد الزوار.
الشيخ جمعة بركات من أبناء منطقة سرابيط الخادم يقول: إن أثار جنوب سيناء تعانى مشكلتين الأولى عدم الترويج لها داخليا وخارجيا ولا يأتي إليها إلا القليل من السياح وهذه مسئولية هيئة تنشيط السياحة، فضلا عن عدم السماح من قبل أجهزة الأمن بالمبيت في بعض المناطق الأثرية الهامة وصعوبة الحصول على التصاريح.
وطالب بفتح رحلات السفاري للسياح وفقا للشروط والضوابط التي تحافظ على الأمن وسلامة الوفود السياحية.