يسرى الجندى: «الإخوان» جماعة عميلة ودمويتهم فاجأتنى وتديّنهم زائف
![يسرى الجندى: «الإخوان» جماعة عميلة ودمويتهم فاجأتنى وتديّنهم زائف](https://watanimg.elwatannews.com/old_news_images/large/216967_660_13688.jpg)
يعود الكاتب الكبير يسرى الجندى إلى الستينات ليحلل ما يحدث اليوم، ويربط فى قراءته للمشهد السياسى بين ما حدث زمان، أيام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وما يحدث اليوم للمشير عبدالفتاح السيسى، المرشح المحتمل للرئاسة. ويكشف «الجندى» فى حواره لـ«الوطن» أن «السيسى» هو نظير «ناصر»، وأن الغرب سيستهدفه مثلما فعل مع الأخير، لافتاً إلى شعبية كل منهما، وحب والتفاف المصريين حولهما، مروراً باتجاههما إلى روسيا من أجل السلاح، وانتهاءً بالشخصية والقيادة التى يتمتعان بها. ويرى «الجندى» أنه لا سبيل للوقوف ضد القوى المعادية لمصر، فى الداخل والخارج، إلا بوقوف الشعب مسانداً ومؤيداً لقيادته الوطنية، خصوصاً بعد ظهور رمز وطنى أجمع عليه الناس.
■ بداية.. ما رأيك فى أداء الحكومة المصرية الجديدة التى شكلها المهندس إبراهيم محلب؟
- المهندس «محلب» له تاريخ جيد يؤهله، لأن يحقق شيئاً مهماً للبلد فى هذه المرحلة الصعبة، ثم إن القضية ليست فى وزارة قديمة بقيت عدة شهور، أو حكومة جديدة ستبقى عدة شهور، ولكن القضية الأهم هى الانتخابات الرئاسية وما يليها، فلا يجب أن نتوقف طويلاً عند الوزارة، خصوصاً أن حجم ما نواجهه ضخم جداً، والتراكمات كثيرة، وكل التحديات قائمة، وأعتقد أنها ستظل قائمة لحين بدء الاستقرار، واختيار رئيس جمهورية ومجلس شعب منتخب، أما الحكومة الجديدة وأنا لا أريد أن أقلل من قدر المهندس إبراهيم محلب، إلا أننى أنظر للأمور نظرة واقعية، وأرى أن كل المجالات فى بلدنا فى حاجة إلى ثورة، هذا بخلاف الإرهاب الذى أثق فى أننا سنقضى عليه، أما القضايا الأخرى فهى الأهم، الاقتصاد فى حاجة إلى ثورة، بعدما كدنا نصل إلى مرحلة الإفلاس، والتعليم فى حاجة إلى ثورة، لا إلى ترقيع وإصلاحات فى المنظومة التعليمية فقط، والصحة فى حاجة إلى ثورة إدارية وتقنية، والثقافة أيضاً فى حاجة إلى نفس الثورة، وخصوصاً بعد تهميش المثقفين فى العهود السابقة، وبعد أن أضير العقل المصرى ضرراً بالغاً فى ذوقه، وفى قدرته على التمييز، وفى ذوقه بشكل عام، فنحن نعانى من حالة تخلف فى مجالات عديدة، كلها فى حاجة إلى ثورة حقيقية لا إلى تغييرات طفيفة، والأخطر من كل ذلك أن المواطن المصرى أصيب فى انتمائه، بعد أن عاش سنوات طويلة وهو يشعر بأنه غريب فى بلده، وأنها أصبحت ملكاً لغيرهم، ففقد الكثيرون انتماءهم لهذا البلد.[FirstQuote]
■ بماذا تبرر إذن لحظة خروج الشعب للمطالبة بحقوقه فى 25 يناير، و30 يونيو؟
- أفسرها بالفطرة الماثلة فى تكوين الإنسان المصرى، فهذه اللحظات تعتمد على الفطرة الموجودة فى وعى المصرى، الوعى الحقيقى، لكن الانتماء لا، وخير دليل على ذلك ظاهرة المطالبات والاحتجاجات الفئوية التى انتشرت كثيراً بعد الثورة، مع أن هذا ليس وقتها، ولكنهم يشعرون بأن المستقبل ليس ملكاً لهم، رغم أن المطلوب من الشعب الآن أن يكون ظهيراً لقيادته، ولكنهم لا يشعرون بأن البلد بلدهم، وهذا ما يفسر التغير الذى حدث بعد 18 يوماً فقط من ثورة مجيدة، هذه الملحمة المجيدة سرعان ما تآكلت بسبب عدم الانتماء، ومن هنا بدأ المشككون فى الثورة يوصلون للناس إحساساً بالفشل، ويطرحون أسئلة من قبيل: ماذا جلبت لنا الثورة، ولم يعد لدى أحد استعداد للانتظار، الكل يريد انتزاع ما يراه حقاً له، وكانت السلطة تلبى طلباتهم، وهذا أحد أهم الأخطاء التى وقعوا فيها، وعلى الرئيس الجديد ألا يقع فى هذا الخطأ، وأن يصارح الناس بحقيقة الواقع، وبشفافية شديدة، وينقل الصورة كما هى، حتى لو كانت قاتمة السواد، لأن الشعب إذا لم يكن ظهيراً لقيادته لن يحدث أى تغيير، وسيظل العبث مستمراً من قوى عديدة داخلية وخارجية لا تريد لهذا البلد أن يقف على قدميه.
■ أنت ممن يؤمنون بوجود مؤامرة على مصر من قوى داخلية وخارجية؟
- بالطبع، هناك قوى لا تريد لمصر الخير، وخصوصاً فى الخارج، بعد أن ضعفت جماعة «الإخوان» فى الداخل، ولكن الذين يمدونهم بالمال والسلاح فى الخارج ما زالوا موجودين، لأنهم «مرعوبون» أن تقف مصر على قدميها مرة أخرى، بعد وجود رمز وطنى التف حوله الناس، وهذه ظاهرة تقلق الغرب.
■ لماذا؟
- لأن الغرب كان هدفه باستمرار عدم ظهور هذا النموذج، وعدم تكرار ظاهرة «عبدالناصر» مرة أخرى بأى ثمن، لا يريدون قائداً يكتسب ثقة شعبه، ومن هنا وضعوا، وسيضعون، أمامه العديد من العقبات، ومنها قضية التسليح، كما فعلوا مع عبدالناصر فى 56، حين اضطر للاستعانة بالسلاح السوفيتى بعد وقوف الغرب ضده، وهذا ما حدث مع المشير «السيسى»، عندما كان وزيراً للدفاع، حيث اتجه لنفس الوجهة، حتى إن سفرياته الأخيرة لروسيا كانت أيضاً مؤشراً قوياً سيزيد من استفزاز الغرب، بعد تأييد «بوتين» له ووقوفه إلى جانبه، وهذا معناه أن الغرب ينظر إلى «السيسى» بوصفه رمزاً وهو ما لا يريدونه، لكن الفيصل فى نجاحه، أن يكون الشعب ظهيراً له، وأن يكون لهم دور، لأنه فى حاجة إليهم، بمثل ما هم فى حاجة إليه.
■ هل كنت تؤيد ترشح «السيسى» للرئاسة، أم يظل وزيراً للدفاع؟
- الأمر كان محيراً، لقد حصل «السيسى» على صك الثقة من الشعب، وأنا واثق أنه اتخذ القرار الصحيح، الذى يراعى مصلحة الوطن، وقد استغرق كل هذا الوقت للتفكير فى القرار الصائب، وخاصة أن الأمر، كما قلت، محير، لأنه إذا لم يترشح سيحدث «عك» كثير، لأن البعض سيستغل غيابه عن المشهد، و«يلعب براحته»، أما لو ترشح، فهناك حرب ضد الإرهاب فى سيناء، وحرب أخرى مع الشرطة، وهو طرف أساسى فى هذين الحربين، والسؤال الذى كان يطرح نفسه: هل هناك ظهير له فى الجيش؟، وهل ترشحه للرئاسة يؤثر بالسلب عليه؟، وأعتقد أن هذه هى الحسابات التى فكر فيها الرجل قبل أن يتخذ قراره بالترشح.
■ بمناسبة سيناء يرى البعض أن الموقف هناك غامض جداً والمعلومات قليلة عما يجرى فيها؟
- أكبر جرائم محمد مرسى، الرئيس المعزول تتمثل فى سيناء، لأنه حشد فيها كل أصناف الإرهابيين، ودعاهم جميعاً إلى «المائدة الدموية»، وما يجرى هناك حرب حقيقية، ولكنها للأسف حرب عصابات، ومدعومة من الخارج بقوة من قوى تعمل لصالح إسرائيل، ولو كانت حروب جيوش نظامية، لانتصرنا فيها بسهولة.[SecondQuote]
■ هل ترى أن «السيسى» ترشح للرئاسة بسبب الضغوط الشعبية؟
- نعم كانت هناك ضغوط شعبية حقيقية وصادقة عليه للترشح، ولكن هناك أيضاً بعض الذين يلعبون فى الخفاء، وخصوصاً رجال مبارك الذين يريدون العودة مرة أخرى إلى المشهد، والذين يعلقون لافتاته فى كل مكان، وهو ليس فى حاجة إلى هؤلاء، لأن «السيسى» هو نظير عبدالناصر، وثقتنا فيه كبيرة، ولكن عليه أن يعلم أن الغرب «مش هايسيبه».
■ وما رأيك فى ترشح حمدين صباحى للرئاسة؟
- «حمدين» رمز وطنى وتاريخه مشرف، وقد كنت من المشجعين له فى الانتخابات الرئاسية السابقة، كما نصحته بأن يكون بين الناس، وأن ينزل إليهم، وهذا ما حدث، وتحرك «حمدين» وكان قاب قوسين أو أدنى من كرسى الحكم، ولكن «لعبة ما» تمت لا أعرف كواليسها أدت إلى وضعنا جميعاً أمام خيار صعب، إما العودة إلى نظام مبارك، أو اختيار مرشح «الإخوان»، فاضطر الناس على غير رضا منهم لاختيار «مرسى» دون أن يدروا بشاعة هذا الوجه عندما يسفر عن نفسه، وأنا مثلاً لم أكن أتخيل أنهم دمويون بهذا الشكل، وخاصة أننى كمثقف كنت من المتعاطفين معهم بحكم أنهم كانوا محبوسين لفترات طويلة، ومضطهدين من كل الأنظمة، ولكن الوجه الدموى لهم لم يظهر إلا بعد أن وصلوا إلى السلطة، فظهر هذا الوجه الآن جلياً ضد الشعب والشرطة والجيش، كما ظهر الوجه الزائف لادعاءاتهم الدينية، وحلت محلها دعاوى التكفير التى كانوا يؤمنون بها وأظهروها فى الوقت المناسب لهم، كما ظهرت عمالتهم للغرب جلية أمام الجميع.
■ تعتقد إذن أن «الإخوان» عملاء للغرب؟
- بالطبع.. فإذا كان هذا الأمر محل تشكيك وخلاف زمان فلا مجال للتشكيك الآن، فالغرب دائماً ما يرتب الأمور للسيطرة على القوى العسكرية القوية فى المنطقة، مثلما فعل فى العراق وليبيا وسوريا، وهذه الجماعة تساعد الغرب فى القضاء على الشرطة والأمن والجيش، بهدف القضاء على البلد، بهدف تفريغ المنطقة من أى قوى عسكرية تستطيع مواجهة إسرائيل، عبر تقسيمها إلى دويلات دينية وهذا يضعف الدول العربية أولا، ويعطى مبرراً إضافياً لوجود دولة إسرائيل اليهودية، ولكنهم فوجئوا بثورة 30 يونيو التى أفسدت خطتهم.
■ هل ستدعم اختيار «السيسى» أم «حمدين»؟
- الاختيار سيكون للشعب، ولكنى أعتقد أن فرصة «السيسى» أكبر وأوسع، وأن «حمدين» ذخيرة للمستقبل، وخاصة أن سنه أصغر، كما أنه سيمنح الانتخابات مصداقية أكبر حتى لا تتحول إلى استفتاء.
■ هل ينتابك القلق من عودة الدولة الأمنية والبوليسية من جديد؟
- يجب أن تعلم أنك تلعب مع أطراف تستغل كل الأوراق، ونحن فى موقف شديد التعقيد، يذكرنى بعبدالناصر عندما اضطر إلى حبس «الإخوان»، رغم أنه دعاهم أولاً للمشاركة فى الوزارة، ولكن المرشد بعث له من يرفض طلبه، قائلاً إنهم يريدون أن يعرض عليهم أى قرار من مجلس قيادة الثورة أولاً، فرفض «ناصر» لأنه شعر بأنهم يريدون سرقة ثورة 1952، كما فعلوا بالضبط فى ثورة 25 يناير، فحاولوا قتله، فحبسهم، فهل يستطيع أحد أن يلومه على ذلك؟ ولكن هذا ليس تبريراً للأخطاء الأمنية، لأن هناك فى جهاز الأمن من لا يؤمن بالثورة، صحيح أن الشرطة والجيش يؤديان عملاً عظيماً فى حفظ الأمن ومواجهة الإرهاب، ولكن هناك أيضاً من يفسد هذه العلاقة بأعمال بسيطة، وأعتقد أن الشعب لن يترك لأحد الفرصة للعبث بمكتسبات ثورتين كبيرتين سالت فيهما كثير من دماء الشهداء، كما أن الدستور سيضمن عدم عودة هذه الدولة من جديد.
■ ولكن بعض شباب الثورة يقفون الآن خلف القضبان رغم دورهم الكبير فى نجاح الثورة؟
- الشباب هم المستقبل ولكن عندما تختلط الأوراق لدرجة مضرة يجب أن تكون هناك وقفة، قد يكون هناك ما يؤخذ فى القبض على بعضهم، وقد لا يؤخذ على البعض الآخر، لأن هناك قضايا لم تظهر كواليسها كلها، ولا ننسى أننا مع رجل مخابرات من الطراز الأول بمعنى أنه على بينة بكل ما يحدث فى البلد.[SecondImage]
■ هل أنت راضٍ عن أداء ما يسمى بـ«النخبة» فى المشهد السياسى؟
- النخبة خذلتنى، فعندما أشاهد البرامج السياسية و«التوك شو» لا أجد أحداً ممن يسمون بالنخبة يتحدث عن الأشياء الأساسية التى يجب الحديث حولها، ويهتمون بأمور فرعية، وكأنهم يتحدثون إلى أنفسهم فقط، لذا أرى أن النخبة مقصرة جداً فى عدم إيقاظ وعى الناس.
■ هل تعتقد أن الثورة المصرية فشلت أم نجحت؟
- لم تفشل ولم تنجح، لأن أى ثورة تستغرق سنوات طويلة حتى تحقق أهدافها، وانظروا إلى الثورة الفرنسية والبلشفية وغيرهما، لقد احتاجت إلى سنوات طويلة حتى تحقق أحلام شعوبها. وأنا متفائل بنجاح الثورة، إذ يصعب أن تفشل ثورة بهذه العظمة، وعلى الشعب أن يقف صفاً واحداً خلف قيادة وطنية تحقق طموحاته فى الحرية والعيش والكرامة الإنسانية، ولكن علينا أن نحدث ثورة فى كل المجالات، إصلاحات جذرية فى التعليم والصحة والثقافة والإعلام، وقس على ذلك كل مجالات النشاط الإنسانى، صحيح أننا سنواجه عقبات، وصحيح أن الغرب سيظل متربصاً بنا، وإسرائيل ستظل متربصة بنا، ولكن الصحيح أيضاً أننا سننجح، لأن هذه الثورة من الصعب أن تنتكس، ومن الصعب أن يولد مستبد جديد.
■ ولكنّ جزءاً من الشعب خارج المشهد السياسى، من مؤيدى ما يسمى بـ«الشرعية»؟
- مشكلة هؤلاء، هى مشكلة ثقافية بالأساس، فليس لديهم وعى حقيقى، وللأسف المثقفون لم يقوموا بدورهم الحقيقى، واستسلموا للتهميش، أو «دجّنوا ودخلوا فى الحظيرة»، ولم يقوموا بدورهم، رغم أن الشعب فى أمس الحاجة إلى دورهم الثقافى، وأيضاً كان هناك توجه عام من الدولة لتهميش الثقافة والمثقفين، لحساب كل ما هو تافه وسطحى، إلى أن وصلنا إلى النهاية الطبيعية فى السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك، وبعدها فترة حكم «الإخوان»، وهى سكة «اللى يروح مايرجعش»، لأن مصر كانت هاتتباع على إيديهم، لو عرف الناس هذه الحقائق لما وصلنا إلى ما نحن فيه الآن، فضلاً أن هناك من يشجع هؤلاء على المضى فى الطريق الخاطئ.
■ تقصد قناة «الجزيرة»؟
- نعم.. هذه القناة التى ضللتنا جميعاً فى البداية، حين اعتقدنا أن لها توجهاً قومياً، وفى مواقف كثيرة وقفوا معنا مواقف بدت إيجابية، ولكنهم لعبوا لعبة شديدة الخبث، شأن كل ألاعيب الغرب، وظهرت القناة على حقيقتها مع وصول «الإخوان» للسلطة، وبدأت تلعب الآن على المكشوف، وبشكل مخجل، وهى صنيعة غربية، حتى إننى لم أعد أشاهدها اليوم لأنها تنقل الأكاذيب، رغم أن الحقيقة أمامنا واضحة وجلية.[ThirdQuote]
■ أخيراً.. ما جديدك فى الدراما التليفزيونية؟
- أعتقد أننى قدمت شيئاً جديداً ومختلفاً أضاف لها، وقلت إننى كنت ضيفاً على الدراما ليس أكثر، ابتداء من التاريخى، مثل «النديم»، مروراً بالتراث الشعبى والفانتازيا مثل: «أهلاً جدو العزيز»، و«نهاية العالم ليست غداً»، وانتهاء بالأعمال الاجتماعية حين كانت تستدعى القضية المطروحة وعاءً معاصراً. وانتهيت مؤخراً من كتابة «شجرة الدر»، ولكن بطرح جديد.