الوسواس القهري.. من هنا يدخل مَلَك الموت
الوسواس القهري
«الاعتراف بالمرض نصف طريق الشفاء»، وتقبل المجتمع للأمراض النفسية المصنفة علمياً هو أول خطوة فى مساعدة المصابين بها على التعافى والاندماج، «الوسواس القهرى» أحد هذه الأمراض، الذى يبدأ من الحساسية المفرطة للنظافة مثلاً، وقد ينتهى بجريمة قتل أو انتحار، لتتصدر عناوين الجريمة اسم فاعل ومجنى عليه فى الوقت ذاته يسمى «مضطرب نفسياً». ربما لا يعلم هذا الجانى من الأساس طبيعة مرضه، وقد يكون تعرض لتنمر أو إهمال، وأحياناً يكون وصل لذروة المرض بسبب السخرية منه أو اضطهاده، وهى معاناة لا يشعر بها إلا المريض نفسه. ولأننا جميعاً ننزعج من تكرار حالات الانتحار، وآخرها حادثة انتحار طالب كلية الهندسة الذى ألقى بنفسه من أعلى برج القاهرة فى مشهد مرعب يصعب تحمله، إلا أن من بيننا من لا يتعايش مع فكرة مهمة لا تقل إنسانية عن فكرة نبذ العنصرية للون أو الجنس أو العرق، وهى فكرة التعايش مع المرضى النفسيين واحتوائهم وحسن معاملتهم، فالأمراض النفسية لا تفرق بين الأشخاص، وقد تكون أعراضها غير مزعجة فى البداية حتى تتمكن من المريض وتزيد من معاناته لدرجة تجعله يقرر التخلص من حياته، ليعمق جراح المحيطين به حزناً على انتحاره، ويعمق جراح المجتمع الذى يشهد تكرار تلك الظاهرة والمتهم الوحيد هو «الوسواس القهرى». من الناحية الأمنية، فإن الوسواس القهرى لا يقل خطورة عن الإرهاب، فالأفكار الهدامة والسوداوية تتسلل إلى عقل المريض النفسى دون رادع، وتعطيه أوامر لا يستطيع مخالفتها، لتنتج فى النهاية مجرماً تلوثت يداه بالدماء رغماً عنه، فنجد من يقتل زوجته لأن مرضه أوعز إليه بالتخلص منها لشكه الذى يصل لدرجة مرضية فى سلوكها، وآخر قد يقتل شقيقه بسبب إحساس داخلى بأنه أفضل منه، «الوطن» ترصد تفاصيل رحلة بعض المتعافين من المرض، وأشهر المصابين به، وروشتة أطباء الطب النفسى لمواجهة غول «الوسواس القهرى».