فاينانشال تايمز: اقتصاد مصر كان على حافة الهاوية.. وأصبح محل إشادة دولية
![البورصة المصرية - أرشيفية](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/19061133651561575707.jpg)
البورصة المصرية - أرشيفية
قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إن مؤسسات دولية أشادت ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وأضافت الصحيفة في تقرير لها أنه منذ ثلاث سنوات كان الاقتصاد المصري على حافة الهاوية، وكان المستثمرون ورجال الأعمال يضطرون إلى شراء العملات الأجنبية من السوق السوداء، كما ترك بعض المستثمرون الأجانب البلاد، لكن الآن يتم الإشادة بالبلاد بوصفها واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في المنطقة، كما يفضلها مستثمرو السندات الدوليون الذين يسعون إلى تحقيق عوائد عالية.
وأوضح التقرير أن ذلك يمثل نجاحا للحكومة، رغم تعرضها لانتقادات في تنفيذ إصلاحات جريئة وحساسة سياسياً رفضتها الحكومات السابقة، فالتحدي الحالي يتمثل في تحويل التطور الذي حدث في الاقتصاد الكلي في البلاد، إلى ازدهار للسكان الذين يبلغ عددهم 100 مليون نسمة، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة الفقر تتزايد، كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر يعتبر ضئيلا بخلاف قطاعي النفط والغاز.
ونقل التقرير عن روشير شارما كبير الاستراتيجيين العالميين في مورجان ستانلي، وهي مؤسسة خدمات مالية واستثمارية متعددة الجنسيات هذا الشهر، إشارته إلى المكاسب الاقتصادية التي حققتها مصر، فحققت أفضل خطة إصلاح في الشرق الأوسط، وربما في أي سوق ناشئة، واختتم في مذكرة متفائلة قائلاً: "مصر تسير على الطريق الصحيح لتصبح دولة متقدمة".
وأضاف التقرير أنه مع الانتهاء خلال الشهر الماضي من برنامج الإصلاحات الصعبة المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي بحسب شروط قرض بقيمة 12 مليار دولار، يرى المسؤولون المصريون أنهم تجنبوا الانهيار الاقتصادي، ووضعوا اقتصاد البلاد على مسار أكثر استدامة، حيث تسارع النمو الاقتصادي إلى 5.6% خلال السنة المالية الماضية، وهو أعلى مستوى منذ عام 2010، وعلى الرغم من أن حجم الديون والعجز الكبير في الموازنة، إلا أن هناك انخفاضا في كليهما، فانخفض العجز إلى 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي في يونيه بعد أن كان 12.2% منذ 3 سنوات، ولكن رغم ذلك يرى الاقتصاديون ورجال الأعمال أن على مصر أن ترفع بعض القيود المفروضة على القطاع الخاص إذا أرادت أن تُتخلص من الديون وأن تعجل بخلق فرص العمل.
ويتطلب الأمر إصلاحات مثل تقليل الإجراءات البيروقراطية، وتسهيل إمكانية الحصول على الأراضي الصناعية، وطمأنة المستثمرين بشأن دور وحدود مشاركة الدولة ممثلة في بعض المؤسسات في الاقتصاد.
وقال التقرير إنه بحسب اتفاق صندوق النقد الدولي، قامت الحكومة بخفض حاد في قيمة العملة، وخفضت دعم الطاقة وفرضت ضريبة القيمة المضافة، وتوافد المستثمرون المهتمون بالديون الأجنبية، حيث اجتذبتهم فوائد تتجاوز 17 %، وأضاف ديفيد كوان الخبير الاقتصادي في "سيتي بنك": "نظراً لحجم خفض قيمة العملة في أواخر 2016، فإنهم لا يخشون من مخاطر انخفاض العملة بشكل وشيك بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة".
واستعرضت الصحيفة تقريرا صدر عن البنك الدولي في يوليه الماضي، حذر فيه من أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي لا يزال يعاني من بيئة الأعمال الصعبة، وقال إن الإصلاحات المقبلة ينبغي أن تركز بدرجة أكبر على تمهيد المجال للسماح بمشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، على أساس قواعد عادلة وشفافة للمنافسة.
كما نقل التقرير عن محمد أبو باشا رئيس قسم التحليل الكلي في بنك الاستثمار الإقليمي للمجموعة المالية "هيرميس"، أن الشركات المتعددة الجنسيات أبدت إقبالا على الاستثمار في مصر، لكن المبالغ الملتزم بها لا تزال متواضعة لأن الاستهلاك العام لم يرتفع بعد إلى مستويات ما قبل عام 2016، وأدى التضخم، الذي بلغ 21% خلال السنة المالية حتى يونية، إلى تقليص كبير في القوة الشرائية للأسر، مما أضر بالطلب، وانخفض التضخم إلى 8.7% في يوليه، وهو أدنى مستوى له منذ أربع سنوات.
وتابع التقرير أن الأرقام الرسمية تظهر أيضا أثر تدابير التقشف على معدلات الفقر، حيث ارتفع عدد المصريين الذين دخلوا تحت خط الفقر البالغ 1.45 دولار في اليوم إلى 32.5% من السكان في عام 2018، بعد ان كانوا 27.8% في عام 2015، وذلك بحسب الأرقام الرسمية، وهذا يعني أن الفقراء قد ازداد عددهم حوالي 4 ملايين، وقبلت الحكومة بأن النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل هما أكبر التحديات التي تواجهها، وعلى مصر أن تخلق حوالي 700 ألف فرصة عمل سنويا.
واستطرد التقرير أنه على الرغم من إصرار الحكومة على التزامها بتحسين مناخ الأعمال في القطاع الخاص، لكن الدبلوماسيين ورجال الأعمال يعربون عن قلقهم إزاء اتساع مشاركة الدولة في الاقتصاد، كما حذر دبلوماسي غربي من الارتباك والتشويه في المنافسة.
ونقل التقرير عن أحد رجال العمال المصريين أن الشركات مرتبكة حول نوع الاقتصاد الذي تريده الدولة، وتساءل: "هل نحن ذاهبون إلى النموذج الصيني حيث تحصل الشركات المملوكة للدولة على نصيب الأسد؟ القطاع الخاص يريد الوضوح. وفي الصين، يعرف رجال الأعمال والمستثمرين أنه في بعض القطاعات يجب أن تقيم شراكة مع الدولة"، كما أوضح التقرير أن الجيش ساعد في الحفاظ على السلام الاجتماعي من خلال توفير الغذاء الرخيص في المناطق الفقيرة، لتعويض زيادة الأسعار.