دعوات شعبية لمواجهة عقبة "شبكة العروس": "إحنا بنشترى راجل"
09:58 ص | الإثنين 26 أغسطس 2019
![المغالاة فى الشبكة تضاعف من أزمة أسعار الذهب](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/16957580011566758664.jpg)
المغالاة فى الشبكة تضاعف من أزمة أسعار الذهب
«سلو بلدنا كدا»، عادةً ما تتردد هذه الجملة على ألسنة أهل الفتاة عندما يتقدم شاب لخطبتها، لتبرير مطالبهم بتقديم «شبكة» من المشغولات الذهبية، تليق بابنتهم واسم عائلتهم، تفادياً لانتقادات المعارف والجيران، لكنّ كثيراً من علاقات الخطوبة تنتهى بسبب المبالغة فى «الشبكة»، أو على الأقل، تفرض أعباءً كبيرة على الشاب، ربما تؤدى فى النهاية لـ«فركشة الخطوبة».
30 ألف جنيه متوسط "هدية" العريس فى "البحيرة"
بعكس المتعارف عليه فى المحافظات، تنفرد «البحيرة» بأنها صاحبة «الأعلى مهراً»، حيث تعتبر قراها الأكثر شراءً للذهب مقارنة بالمدن، ولم يشفع للعريس ارتفاع أسعار الذهب فى الآونة الأخيرة، حيث وصلت شَبْكة العروسة عند الأسر المتوسطة لـ30 ألف جنيه، ولا تقل عن 15 ألف جنيه بين الأسر الفقيرة، وترتفع لأكثر من 50 ألف جنيه بين الطبقات الأعلى، معتبرين أن «قيمة الذهب من قيمة العروسة»، حسب وصفهم.
يقول «حسام صلاح»، خريج كلية نظم ومعلومات، من مدينة كفر الدوار، إنه تقدم للارتباط بإحدى الفتيات، وعندما أبلغ والدها بأن أسرته «متوسطة الحال»، وأن الزواج يقوم على التعاون والمشاركة والتيسير من كلا الطرفين، سمع الجملة الشهيرة التى تتردد فى مثل هذه المناسبات: «إحنا بنشترى راجل»، وهو ما أسعد أسرته فى البداية، مضيفاً لـ«الوطن»: «والد العروسة تساهل فى سعر حجرة النوم، ومساحة الشقة وتشطيبها، إلا أن أسرة العروسة أجمعت على أن (الشبكة) يجب ألا تقل عن 25 ألف جنيه، فبدأت المشاكل بيننا، وفوجئت بالفتاة تتمسك بقيمة الشبكة بحجة أن بنات أخوالها وأعمامها مش أحسن منها، وهو ما جعلنى أتراجع عن فكرة الارتباط بها، ثم تقدمت لفتاة أخرى، وافقت أسرتها على شراء شبكة بسيطة بقيمة 6 آلاف جنيه».
"أسيوط" الأعلى فى تكاليف الزواج رغم الفقر
وتأتى أسيوط، التى تُعد من أكثر المحافظات فقراً، بحسب آخر تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ضمن المحافظات الأعلى فى تكاليف الزواج نتيجة المغالاة فى المهور والشبكة، ما أسهم فى تزايد ظاهرة «العنوسة» وتأخر سن الزواج بالنسبة للشباب والفتيات، فبادر بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى إلى إطلاق حملات بعنوان «خليها تعنس»، احتجاجاً على تلك المغالاة، وهى الحملات التى انتشرت بصورة كبيرة على «السوشيال ميديا»، لكنها لم تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.
حملات "خلّيها تعنس" تجتاح مواقع التواصل وتفشل على أرض الواقع
«محمد عبدالعال»، 29 سنة، من مركز البدارى، أكد أن سبب عزوف كثير من الشباب عن الزواج أسهم فى تزايد «الانحرافات»، وأرجعها إلى المغالاة فى المهر والشبكة، ففى بعض الحالات ترتفع قيمة الشبكة لـ200 ألف جنيه، إضافة إلى تكاليف «العفش»، وملابس العروسة، والتكاليف الأخرى التى يشترطها أهل الفتاة، مثل هدايا المواسم والمناسبات والأعياد و«الصباحية»، وتكاليف حفلات الخطوبة والزفاف، الأمر الذى يدفع معظم الشباب إلى البحث عن زوجة فى محافظات أخرى، بحسب «عبدالعال».
من جانبه، يقول «على عبدالرحمن»، إن العصبية والقبلية وشروط العائلات وراء ارتفاع تكاليف الزواج، نتيجة الاعتقاد بأنه كلما ارتفعت تكلفة المهر والشبكة والزفاف والسكن، زادت قيمة العروسة، لافتاً إلى أن التعسف فى شروط الزواج يقود الشباب إلى الإحباط، ويعزف أغلبهم عن الزواج، بينما يلجأ آخرون للسفر إلى الخارج، سواء بطرق شرعية أو غير شرعية، لتدبير نفقات الزواج، مستنكراً ما وصفها بـ«المظاهر الكذابة».
تقول «شيماء ن»، طالبة، إنه يحق لأى فتاة أن تفرح بـ«ليلة زواجها»، وهذا هو حلمها، مؤكدةً أنها لن تتنازل بشكل شخصى عن أى من حقوقها عند الزواج، من شبكة ومهر وقائمة منقولات زوجية ومؤخر، إلى جانب حفل الزفاف، فيما أكدت «زينب أ»، أن حفل زفافها تم إلغاؤه لخلاف بين والدها والعريس على قيمة الشبكة، حيث اشترطت أسرتها كتابة قائمة المنقولات بقيمة 150 ألف جنيه، ثلثها مشغولات ذهبية، فى حين قدم العريس شبكة بقيمة 30 ألف جنيه، واعترض على كتابة القائمة، وبالتالى لم يكتمل العُرس.
ومبادرات لتقليل "الذهب" فى الوادى الجديد والأقصر ومحافظات أخرى
وفى الأقصر، دشن عدد من الشباب والفتيات مبادرات للحد من تكاليف الزواج، والدعوة لعدم المغالاة فى المهور والشبكة، إلا أن تلك المبادرات حققت بعض النجاح على نطاق ضيق للغاية بسبب التمسك بالعادات والتقاليد التى تحكم المجتمعات فى أغلب قرى ونجوع المحافظة، ومن ضمنها مبادرة «الكرنك لغت الشبكة»، التى أطلقها البعض بمدينة الأقصر، واستجابت لها بعض العائلات، ووافقت على تزويج فتياتها بدون «شبكة»، لكن سرعان ما توارت المبادرة، وعاد الوضع إلى ما كان عليه، فظهرت من جديد مشكلة تأخر سن الزواج عن الشباب والفتيات.
وفى «القليوبية»، أُطلق عدد من المبادرات بقرى المحافظة تحت شعار «العودة للأصول»، بهدف تقليل نفقات الزواج، ومكافحة ظاهرة المغالاة فى المهور والجهاز والشبكة، فى ظل ارتفاع الأسعار، وخاصةً أسعار الذهب، ودعت بعض المبادرات لإلغاء الشبكة بالكامل، بينما لجأ البعض إلى تحديد كمية الذهب فى قائمة المنقولات بـ40 جراماً، حفاظاً على حقوق الزوجة.
وفى محافظة دمياط، يقول «أحمد عز الدين»، من قرية «الحورانى»، إن الشبكة فى المتوسط عبارة عن دبلة وخاتم ومحبس وأسورة وسلسلة، تزيد أو تقل بحسب مستوى الأسر، مضيفاً: «الأهالى فى القرى بيعتبروا الشبكة هدية من العريس لعروسه، وهذا الأمر معمول به بحسب العادات والتقاليد السائدة، ولا يرتبط عادةً بارتفاع أو انخفاض أسعار الذهب، وفى كثير من الأحيان تلجأ بعض الأسر لإقامة حفل الخطوبة فى المنزل، لارتفاع تكاليف الزواج»، بينما لفت «أشرف عبدالرازق»، جواهرجى، إلى تراجع شراء الذهب خلال الفترة الأخيرة، حيث يلجأ معظم الأهالى إلى خفض قيمة الشبكة، لتقتصر على دبلة وخاتم ومحبس فقط، مؤكداً وجود حالة من الركود بمحلات المشغولات الذهبية، التى كانت تشهد انتعاشاً كبيراً فى السابق قبل الزيادة الكبيرة فى أسعار الذهب.
وفى الوادى الجديد، تُعد الشبكة إحدى العادات الموروثة، ويصعب التنازل عنها، حيث يشترط والد العروسة لمن يتقدم للزواج من ابنته عدة أشياء، منها المسكن والأثاث والشبكة والمهر، وغيرها، ومع احتياج الشباب للزواج وضيق ذات اليد، بدأ الأهالى ينظرون للأمر من زوايا مختلفة تيسيراً على الشباب، خاصةً مع ارتفاع أسعار الذهب، تزامناً مع دعوات ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعى لإلغاء الشبكة، لاقت بعضها استجابة، خاصةً بين أهالى قرى مركز الداخلة.