م الآخر| ارتجال
يدخل كل شخص من زاوية مختلفة، ليسوا ممثلين، إلا أن كل شخص يبدو وكأنه يحفظ دوره جيدًا، يتخبطون قليلًا، يستقر كل واحد منهم في مكانه المخصص، ويبدأ الإخراج.
ينتظر مطولًا، يستنفذ صبره، ورغم ذلك لم ينبس أحدهم ببنت شفة، يغتاظ كثيرًا، أراد أن يقول "صمتًا"، إلا أن الصمت كان يعم المكان، يتحيّر، كيف يبدأ دون جملته التمهيدية!، التي تتساقط بعدها الأحداث والأوامر، يضم أصابعه وكفيه ويستند بذقنه عليهما، يتخذ وضعية تفكير تبدو جيدة، وترضي غروره.
يتطاول أحدهم، ويرفع رأسه..
- وجدتها ..
يصرخ المخرج بها، وهو يرسم ردود أفعال الحاضرين، دون أن يبدو منهم أي اهتمام لما توصل إليه، يواصل حركاته الانفعالية، يهتاج .. ثم تتحول انفعالاته إلى إشارات وأوامر لكل شخص، ولكل قطعة في المسرح، وتظهر مشكلة المشهد الأول التي تمثل مشكلة كبيرة كمشكلة الجملة التمهيدية.
- حسنًا، لا ارتجال فيما سيحدث.
- هل تحفطون أدواركم جيدًا؟
لم ينطق منهم أحد، لكنه لم يكن ينتظر إجابة، لذلك يجلس مكانه، وتتسع ابتسامته ورؤيته للصراع.
يتم تنفيذ إرادة المخرج، وينتقل الشخص الأول من مكانه – يمين المسرح - إلى مكان شخص آخر – وسط المسرح، ورغم أنه لم تخل نظرة الشخص الثاني من البلاهة، إلا أنه ينتقل من مكانه.
يبدو الإرتياح في ملامح المخرج، وكأن كل شيء يسير على ما يرام، وفي نصابه الصحيح، وبعد إغفاءة قصيرة، تفيقه صيحة لأحد الحاضرين..
- يسقط .. يسقط..
- صمتًا، يكفي، أحسنتم .. لنكمل غدًا.