وزير الصحة الأسبق: استجابة المواطنين لـ«100 مليون صحة» تؤكد تغير ثقافتهم الصحية
الدكتور عادل العدوى، وزير الصحة الأسبق
قال الدكتور عادل العدوى، وزير الصحة الأسبق، إن القيادة السياسية حريصة على صحة المصريين، وإنها تضع ملفى التعليم والصحة نصب أعينها، وأضاف فى حواره لـ«الوطن»، أن القطاع الصحى فى مصر تعرض للتهميش خلال الحقب السياسية الماضية ما أدى إلى تدنى مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين، إلى أن قررت القيادة الحالية إعطاء دفعة قوية للقطاع عن طريق تطبيق المرحلة الأولى من نظام التأمين الصحى الشامل الجديد، واعتبر أن هذا النظام سيعمل على تعديل «الحال المايل» فى القطاع الصحى، إضافة إلى المبادرات الرئاسية العديدة، وعلى رأسها «100 مليون صحة»، التى أكدت تغير مفهوم الثقافة الصحية لدى المصريين.
كيف ترى التطور الموجه لمنظومة القطاع الصحى حالياً؟
القطاع الصحى شهد فى الفترة الأخيرة طفرة فى التطوير، وهو أحد القطاعات الأساسية فى بناء الإنسان، فهناك أشياء أساسية لبناء المواطن وأخرى لمستقبل الأمم، وملفا «الصحة والتعليم» هما الركيزة الأساسية التى ترتكز عليها أى دولة تطمح فى مستقبل يسير على خطى ثابتة، وبالنظر إلى الفترة الماضية، بالتحديد منذ عشر سنوات، سنجد أن ملفى «الصحة والتعليم» تعرضا للتهميش، وأن الحفاظ على الصحة للقادرين فقط، لذلك لجأت الدولة منذ عشرات السنين إلى حلول مؤقتة، فعلى الرغم من أن مصر من أواخر الخمسينات والستينات كانت من أوائل الدول التى عملت على اعتماد نظام صحى متقدم يفى باحتياجات المواطنين بل يرسخ ويؤكد وجود صحة بمعايير عالمية، فطبقت فكرة وجود التأمين الصحى فى مصر عام 1964، وكانت فى هذه الفترة من أوائل الدول التى يطبق فيها نظام التأمين الصحى على مستوى العالم وبدأ هذا النظام قوياً، ولكن حدثت مجموعة أحداث سياسية أثرت على مسيرة التأمين الصحى الذى اهتم وقتها بالفرد وليس الأسرة، وهو الفرق بينه وبين قانون التأمين الصحى الشامل الجديد، وأدت حرب 1967 إلى تراجع التأمين الصحى، وظل الحال كذلك إلى ما بعد حرب 1973، ثم الدخول فى مرحلة الاهتمام بإصلاح البنية التحتية للمجتمع المصرى ودنيا الانفتاح الاقتصادى، وخلال هذه الفترة تم تدشين نظام العلاج على نفقة الدولة، ولكن كان عدد المستشفيات العامة والمركزية لا يفى بالغرض، وبشكل عام التحديات الصحية تأتى من عدم وجود نظام صحى سليم.
عادل العدوى: "التأمين الصحى الجديد" هيعدل الحال المايل.. والقيادة السياسية تضع ملفَّى الصحة والتعليم نصب عينيها
وكيف تعثر نظام التأمين الصحى؟
- نتيجة «حشر» أعداد متزايدة من المواطنين تحت مظلته، بحيث أصبح التأمين الصحى فى هذا الوقت لا يفى بالغرض الأساسى، فقد شمل العديد من الفئات «أطفال المدارس، والمعاشات، والمرأة المعيلة»، وضم كل هذه الشرائح كان يستلزم توفير الاعتمادات المالية اللازمة حتى تستطيع المؤسسات تقديم الخدمة بشكل يليق بالمواطن، كل ذلك بجانب أن التأمين كان يعانى من عدم وجود موارد، فالتأمين الصحى فى أى دولة يعتمد على الاشتراكات أو المساهمات التى تفرضها الدولة، فعلى سبيل المثال التبغ أو السجائر هى أشياء ضارة بالصحة، فالحكومات تقوم بفرض ضرائب عليها لصالح صحة المواطنين، آخر مرة الحكومة أضافت ضريبة على التبغ كان عام 1992 وكان وقتها بمقدار عشرة قروش، ثم بعد ذلك عام 2014، حينما استطعنا أن نجعل الضريبة 50 قرشاً لصالح التأمين الصحى، وإذا استمر فرض هذه الضريبة كل هذه المدة لاستطعنا توفير 2.5 مليار جنيه للتأمين الصحى، وهذا أحد أسباب تدنى حال القطاع الصحى فى هذه الفترة وأيضاً القيادة السياسية فى هذه الفترة لم تكن داعمة له.
وهل تغير الوضع حالياً؟
- بالتأكيد، فالوضع الصحى الحالى يشهد طفرة غير مسبوقة واهتماماً من القيادة السياسية، فمن يتذكر الوضع بالنسبة لأزمات الوقود والكهرباء وعدم الاستقرار الأمنى أواخر عام 2013، يستطيع أن يتوقع ما سيكون عليه ملفا «التعليم والصحة» خلال السنين القادمة، ففى فترة ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسى الأولى كان الاهتمام بالوضع الأمنى، والولاية الثانية وجدنا جميعاً أن الاهتمام جاء بضرورة الاهتمام ببناء الإنسان، ولا يمكن أن يتم إعادة صياغة الشخصية المصرية إلا من خلال تقديم الخدمات الأساسية التى تتعلق بالصحة والتعليم، والمجهود الذى يبذل فى قطاع الصحة الفترة الحالية لا يستطيع أحد أن ينكره، وأعتقد أننا نمضى على خطى ثابتة، أولها التأمين الصحى وبداية تطبيقه وتشديد القيادة السياسية على ضرورة إنجاز المرحلة الأولى من التأمين الصحى الشامل الجديد هذا العام، من خلال الاجتماعات المكثفة بين وزارة الصحة والمالية والاتصالات، وهذا يؤكد أن ملف الصحة فى طريقه للإصلاح، وأيضاً هناك رؤية واضحة لتدارك الأخطاء التى وقعنا فيها فى الفترات الأخيرة فى هذا الملف.
وماذا عن قانون التأمين الصحى الجديد؟
- أعتقد أنه سيعدل الحال المايل، فمصر لديها خلفية قوية للتأمين الصحى تسمح لها بالانطلاق بقوة فى هذا الملف، ولدينا نظام للتأمين الصحى ولكنه كان بحاجة إلى رفع مستوى الأداء، وإعادة تنسيق فى تقديم الخدمة لإرضاء المريض، أى نظام صحى فى العالم يعتمد على عنصرين هما مؤشرات الأداء المهنى، والعنصر الآخر درجة أمان وإرضاء المريض.
رفع مستوى التدريب وربطه بالبنية التحتية وتطور التجهيزات ضرورة لإنجاح النظام الجديد
كيف ترى المبادرات الرئاسية كحملة «100 مليون صحة»؟
- كل هذه المبادرات إن دلت على شىء فهى تدل على الطفرة التى يشهدها القطاع الصحى والاهتمام بالإنسان، وتؤكد على الحلول العاجلة على مشاكل راسخة ومتأصلة.
وهل استطاعت هذه المبادرات أن تغير من مفهوم الثقافة الصحية لدى المواطنين؟
- بالطبع، الاستجابة من قبل المواطنين فى مبادرة «100 مليون صحة» للقضاء على فيروس سى والأمراض غير السارية تؤكد تغير مفهوم الثقافة الصحية والوعى بأهمية الصحة بنسة كبيرة، بل ونظر العالم إلى هذه المبادرة نظرة احترام وانبهار لأنها لم تحدث على مستوى العالم، فالأمراض غير السارية هى السبب الأساسى لأى تدهور صحى لأى أمة وسبب الوفاة «السكر والضغط والسمنة»، وهذه الأمراض لها علاقة بعادات غذائية خاطئة وعدم ممارسة الرياضة، فالعالم كله يعانى من هذه الأمراض ولكن مصر استطاعت أن تقوم بعمل مسح شامل، لذلك نعتبر هذه المبادرة تاريخية وستظل مسجلة فى تاريخ الصحة المصرية.
الدراما المصرية ظلمت الأطباء وأطقم التمريض وساهمت فى دعم النظرة المغلوطة تجاههم
كيف ترى أزمة نقص الأطباء وأطقم التمريض؟
- مشكلة نقص الأطباء والتمريض تعود إلى عدم توفير بيئة عمل مناسبة وتدنى الأجور، وهناك مشكلة أخرى فى القطاع وهى معاناة العاملين به بسبب عدم وجود نظام شامل يجمع بين مقدمى الخدمة، فلا يوجد تسجيل حقيقى وواقعى فى كل تخصصات القطاع الصحى، ولا يمكن معرفة عدد التمريض الحقيقى على أرض الواقع، وليس هناك سجل كامل للعاملين، فوجود هذا السجل أصبح ضرورة لكى يمكن تحديد ثروتنا البشرية وكيف يمكن توظيفها، فالثروة البشرية نصدرها للخارج أيضاً وهم على أعلى مستوى.
يقال إن حال المستشفيات فى مصر «يصعب على الكافر».. هل تتفق مع هذا الرأى؟
- مقولة غير صحيحة، فهناك طفرة فى رفع مستويات البنية التحتية والتجهيزات الطبية، وتطوير هائل فى نظم تقديم الخدمة وميكنتها، الأزمة ليست فى المستشفيات ولكن فى مقدمى الخدمة، وأعتقد أن وزيرة الصحة أعلنت عام 2019 عامهم، وهذه خطوة تحسب لها.
مقولة "مستشفيات مصر حالها يصعب على الكافر" غير صحيحة وحل أزمة نقص الأطقم الطبية يتوقف على توفير بيئة مناسبة
كيف ترى التناول الدرامى لمهنة الأطباء والتمريض؟
- الدراما المصرية ظلمت الأطباء والتمريض لسنوات طويلة وأسهمت فى النظرة المغلوطة للتمريض والطبيب المصرى من خلال تناولها الخاطئ لمشاكل المهنة.